swiss replica watches
هل نحن مهددون فعلا بأزمة الخبز؟! – سياسي

هل نحن مهددون فعلا بأزمة الخبز؟!

هل نحن مهددون فعلا بأزمة الخبز؟!

لم يكن حتى أكبر المتشائمين من حكومة عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، يتصور أن يصبح المغاربة في عهدها مهددين بالجوع، جراء تواصل مسلسل غلاء أسعار وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، حيث أنه ومنذ عدة شهور وأسعار المحروقات في تصاعد مقلق ورهيب، والأكثر من ذلك أنها أرخت بظلالها على أسعار باقي المواد الأساسية والغذائية.

إذ بلغت الخضر والفواكه واللحوم والأسماك ومنتجات الحليب أرقاما قياسية وغير مسبوقة، مما أدى إلى تضرر القدرة الشرائية للطبقات الفقيرة والمتوسطة، لاسيما في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتدني مستوى الأجور.

فالاحتجاجات المنددة بتفاقم الأوضاع والتدهور الحاد لمستوى عيش حوالي 85 في المائة من الأسر المغربية، لا تكاد نيرانها تخبو حتى تعود للاشتعال من جديد، خاصة بعدما أعلنت حكومة “الكفاءات” على لسان الناطق الرسمي باسمها القيادي البارز بالحزب القائد للتحالف الحكومي الثلاثي مصطفى بايتاس عن فشلها الذريع في مواجهة الارتفاع الصاروخي للأسعار وعدم قدرة الإجراءات المتخذة على ضبط ومراقبة السوق، وأنها لم تكن كافية للتحكم في الأسعار والتصدي للوسطاء والمضاربين.

إذ أنه وفي الوقت الذي كان فيه الجميع يترقب أن تعود ذات الحكومة للبحث عن السبل الكفيلة برفع المعاناة عن المواطنين المتضررين والكف عن المزيد من استنزاف ما تبقى في جيوبهم، فإذا بهم يباغتون بما أوردته يومية المساء في أحد أعدادها من تحذير حول احتمال حدوث أزمة في الخبز مستقبلا ما لم تتدخل الجهات المسؤولة لاحتواء الوضع، بعدما أصبحت محاصيل القمح اللين تتحول إلى علف للماشية والأبقار من طرف شركات إنتاج العلف المركب.

وهو ما تأكد من خلال السؤال/القنبلة الذي فجره عبد الله بوانو رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية بمجلس النواب، في وجه وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات محمد الصديقي المحسوب هو الآخر على حزب “الأحرار”.

وهو السؤال الذي يكشف عن احتكار أطنان من القمح اللين من طرف لوبي شركات إنتاج العلف المركب، التي تعمل على تحويل القمح اللين إلى أعلاف مركبة. حيث يعمل لوبي الأعلاف على شراء القمح من الفلاحين بسعر يتراوح بين 2,80 درهم و3 دراهم للكيلو غرام الواحد، وبعد تخزينه وتحويله إلى أعلاف مركبة صالحة للاستهلاك من قبل المواشي والأبقار، يعاد بيعه من جديد للفلاحين بثمن 5 دراهم.

والأدهى من ذلك أن هذه الممارسات غير القانونية لا تقتصر فقط على المنتوج المحلي، بل تطال كذلك المنتوج المستورد من الخارج، حيث يحرص لوبي شركات الأعلاف بتحويل 70 في المائة من المنتوج المستورد إلى أعلاف مركبة، مما قد ينذر في القادم من الأيام بحدوث أزمة خبز.

لذلك طالب ذات النائب البرلماني وزير الفلاحة، بضرورة التعجيل بفتح تحقيق واسع في هذه التلاعبات، والكشف عن الإجراءات والتدابير التي ستتخذها وزارته للحد من هذه الأفعال المنافية للقانون وترتيب الجزاءات على مرتكبيها، تفاديا لما يمكن أن ينجم عنها من مخاطر، خاصة أن المغرب في غنى عنها.

ومن المؤكد أن يتفهم المواطن معاناة الأسواق الخارجية من ندرة مادة القمح اللين إثر تراجع المحصول الزراعي لهذه السنة بسبب موجة الجفاف التي ضربت المغرب، بالإضافة إلى الحرب الروسية الأوكرانية، التي زادت الأمور تعقيدا بعد ما خلفته أزمة جائحة كورونا من تداعيات اقتصادية، وشكلت هي الأخرى ضربة قوية للاقتصاد العالمي، خاصة أن روسيا وأوكرانيا تعدان من أكبر البلدان المنتجة للمواد الأولية، وأن انقطاعات سلاسل الإمداد أدت إلى ارتفاع الأسعار بصورة رهيبة، ولاسيما أسعار النفط والغاز الطبيعي، وشهدت تكاليف الغذاء قفزة غير مسبوقة في ظل المستوى الذي بلغه سعر القمح، لكون البلدين معا يسهمان بنسبة 30 في المائة من صادرات القمح العالمية، وأن أكثر البلدان تأثرا بهذه التداعيات هي تلك التي لها علاقات تجارية معهما والمغرب واحد منها.

فإنه يرفض بقوة تصرفات بعض منعدمي الضمير من “تجار الأزمات”، الذين ترتبط سعادتهم باشتداد الأزمات ولا تهتز مشاعرهم أبدا لمعاناة المواطنين، بل على العكس من ذلك نجدهم يتمنون تضاعف آلامهم وأحزانهم مادامت لهم فيها منافع كثيرة.

إذ ليس لهم من هاجس عدا تصيد الفرص والعمل على استغلال مثل هذه المناسبات من أجل تحقيق أرباح خيالية على حساب المواطنين، كما هو الشأن هنا بالنسبة لشركات إنتاج العلف المركب، التي يصر أصحابها على تحويل القمح اللين المخصص للبشر إلى علف للحيوانات.

والمثير للاستغراب هو أنه في الوقت الذي التزمت فيه الحكومة الصمت مرة أخرى، عوض خروج رئيسها أخنوش أو على الأقل الناطق باسمها لتبديد مخاوف المواطنين، دخل على الخط رئيس المكتب التنفيذي للفيدرالية المغربية لأرباب المخابز والحلويات عبد النور الحسناوي، ليطمئن المواطنين مستبعدا حدوث أزمة خبز كما يروج لذلك البعض، جراء الأعلاف المقدمة للماشية والأبقار، ومؤكدا على أن مروجي مثل هذه المغالطات يقومون بذلك لأغراض سياسوية ليس إلا. فإلى متى ستظل الحكومة تنهج سياسة النعامة؟ !

اسماعيل الحلوتي

 

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*