swiss replica watches
جلالة الملك والتأسيس للدولة الاجتماعية – سياسي

جلالة الملك والتأسيس للدولة الاجتماعية

جلالة الملك والتأسيس للدولة الاجتماعية

عبد السلام المساوي
تتواصل عمليات أركان ودعامات الدولة الاجتماعية خيارا استراتيجيا انتبهت إليه المملكة المغربية منذ سنوات ، حين تأكدت أن النموذج التنموي بشكله السابق لم يعد وعاء كافيا لاستيعاب القيم الكبرى للتضامن والتكافل الاجتماعيين والاندماج والعيش المشترك والمساواة .
وفي ظل التقلبات المتتالية في نظم المناخ والطبيعة ، وتحولات السوق الدولية وبنيات الأسعار وتفاقم الحروب والنزاعات الدولية ، يصبح الورش الكبير للدولة الاجتماعية ( بجميع أبعاده وتفرعاته ) ضرورة سياسية ومطلبا حيويا ، وخارطة طريق بأقل المخاطر ، للتأقلم مع كل هذه المتغيرات ، مع توفير الحماية ، في الوقت نفسه ، للفئات الاجتماعية الأكثر تضررا منها .
وتتبعنا جميعا في ثلاث سنوات الماضية ، كيف وضعت الأزمة الخانقة لجائحة كورونا جميع النماذج الاقتصادية في العالم أمام اختبار النجاعة ، إذ وجدت أعتى الأنظمة والدول العظمى نفسها في مواجهة جحافل المواطنين ، خارج دورة الإنتاج والكسب ، فاضطرت إلى صرف ملايير الدولارات لتوفير الحد الأدنى من العيش ، وسط ارتفاع أرقام البطالة والإغلاقات المتتالية للشركات والمقاولات .
وإلى جانب الإجراءات الاستعجالية المعتمدة في عدد من الدول ، كان جواب المغرب متقدما في شكل نموذج للاستثمار البعيد المدى في المنظومة الاجتماعية ، وربط المواطن بمشاريع التنمية ، وتحوير السياسات العمومية برمتها لفائدة تقليص الفوارق ، وتحقيق العدالة المجالية والترابية ، والوصول إلى الفئات الاجتماعية الأكثر فقرا وحاجة وهشاشة ، عبر آلية للإحصاء الدائم وضبط الحالات في سجل اجتماعي وطني .
لقد كانت جائحة كورونا بمثابة شكل خاص من هذه العواصف التي تضع على المحك قيادات الدول والشعوب في مختلف المجالات؛ وعلى قاعدة طبيعة تصرفها والنتائج التي يتم التوصل إليها، إيجابًا أو سلبًا، يمكن تحديد التخوم والتعرف على الحدود بين القيادات التي هي في مستوى التحدي وبين تلك التي ظلت دون ذلك، لهذا السبب الذاتي أو الموضوعي أو بسببهما معًا.
وقد كان المغرب رغم إمكانياته الاقتصادية والمالية المتواضعة، في مستوى التحدي، لأن قيادته السياسية قد استطاعت قراءة اتجاهات الجائحة الصحية التي ضربت العالم، بشكل مبكر؛ الأمر الذي لم يتوفر لدول عظمى على مستوى إمكانياتها وقوتها الاقتصادية والسياسية.
وليست مهمة الفرز على مستوى رفع التحديات، هذه الجائحة، عملية سهلة لأنها تتطلب الكثير من الحصافة في الرؤية والجرأة في القرار والمثابرة في الإنجاز ولو كان ذلك نوعًا من الإبحار عكس التيار.
وهذا ما فعله المغرب بالذات خلال جائحة كورونا تحت قيادة الملك محمد السادس الذي لم يتردد في اتخاذ القرا ات الصعبة في ظرف قياسي استرعى انتباه كثير من المراقبين على المستوى الإقليمي والدولي، بمن فيهم من كانوا ينظرون إلى المغرب، بعين من لا يتوقع منه الحسم في القرار والإصرار على مواجهة الجائحة، بسبب شح الإمكانات وضغوط الظرفية الاقتصادية على بلد نام يواجه مضاعفات التغيرات المناخية السلبية وفي مقدمتها الجفاف الذي يؤثر بشكل حاد وملموس على إجمالي دخله الوطني السنوي.

فقد كان مثل هؤلاء ينتظرون أن تعصف الجائحة بكل مكتسبات المغرب وتضع مستقبله في مهب الرياح.

غير أن الواقع المغربي جاء على عكس ذلك النوع من التوقعات، وفرض على العالم النظر إلى المغرب ومقاربة قيادته السياسية للأزمة الصحية ومضاعفاتها نظرة أخرى وصلت لدى البعض حد التجسيد الملموس لنموذج يحظى بالتقدير والاحترام.
ولا يعود الأمر، في الواقع، إلى معجزة من المعجزات غير القابلة للتفسير والمقاربة، وإنما يرجع إلى تضافر عوامل القراءة الواضحة لمؤشرات اتجاهات الجائحة والإرادة السياسية القوية في مواجهتها في إطار مقاربة واقعية عقلانية تتميز بالتدبير المتدرج المترابط الحلقات لمختلف مراحل عملية المواجهة.
أظهرت ” أزمة كوفيد 19 ” ، وما لحقها من تدابير ذات طابع آني ، الحاجة إلى نظام اجتماعي شامل ومندمج يلامس جميع الفروع والمجالات ، في الصحة والتعليم ونظام الأجور والدعم والتكفل ، ويحقق الانتقائية بين القطاعات والتدخلات المركزية والجهوية والمحلية ، إذ يقوم مفهوم الدولة الاجتماعية على توفير الخدمات للمواطن وضمان ديمومتها .
وانتبه نظام الحماية الاجتماعية إلى أن المواطن لا يحتاج فقط إلى خدمات التغطية الصحية والولوج إلى المستشفيات وتقريب المؤسسات التعليمية ، وشق الطرق والمسالك وبناء المساكن ، بل يحتاج أيضا إلى ” الصرف ” أو الدعم المالي المباشر .وفي هذا الإطار بالتحديد ، يأتي تشديد المجلس الوزاري ، الذي ترأسه جلالة الملك ، يوم الخميس 19 أكتوبر 2023 ، على الإسراع بصرف اعتمادات مالية للمواطنين لا تقل عن 500 درهم لكل أسرة في أجرأة للتوجيهات الملكية ، التي حرص جلالته على تأكيدها في افتتاح الدورة التشريعية للبرلمان ، يوم الجمعة 13 أكتوبر .
ويمكن اعتبار الشروع في صرف هذه المبالغ ، بعد المصادقة على التوجهات الكبرى لمشروع قانون المالية 2024 ، أهم حدث في نهاية السنة الجارية ، وترجمة فعلية للالتزامات ، ووفاء بالوعود ، وحرصا على على استكمال هذا الورش الوطني الكبير ، وتنزيله في أقرب وقت لفائدة الفئات الاجتماعية ، الأكثر ضررا من توالي سنوات عجاف من سوء التدبير .
بكلمة واحدة ، إن الدولة الاجتماعية ليست ، فحسب ، جوابا عمليا عن أزمة حالية ، وأخرى قد تكون في الطريق، بل حتمية لمأسسة مجتمع التكافل والتآزر والتضامن والمساواة ، ونبذ الإقصاء .
وحتمية أكثر لتوسع مساحات العيش المشترك . في مغرب ممكن لكل المغاربة .
شكرا جلالة الملك على المبادرات الانسانية النبيلة والعظيمة….شكرا جلالة الملك الذي يقود المغاربة في مواجهة الهشاشة وصيانة كرامة جميع المغاربة…
مواجهة تعيد ترتيب أولوياتنا المغربية ، وتضع في اعتبارها الأساس أكثرنا هشاشة الذين لا يمكن أن نتركهم على قارعة الطريق وأن نمضي ، لأن هذا الأمر مستحيل ، وبلدنا سيسير بنا جميعا أو لن يسير .
المغرب ، وملك المغرب قرر له منذ البدء أن يسير بنا جميعا … ما يمسنا يمس ملك البلاد ، وأن الشعور متبادل حتى الختام ….
هناك اجماع وطني ، يوحد المغاربة حول ثوابت الأمة ومقدساتها ، والخيارات الكبرى للبلاد ، وأولها ” الملكية الوطنية والمواطنة ، التي تعتمد القرب من المواطن ، وتتبنى انشغالاته وتطلعاته ، وتعمل على التجاوب معها ” ، وثانيها ، مواصلة مواصلة الخيار الديموقراطي والتنموي بعزم وثبات . يقول جلالة الملك عن الملكية المواطنة ” يعلم الله انني أتألم شخصيا ، ما دامت فئة من المغاربة ، ولو أصبحت واحدا في المائة ، تعيش في ظروف صعبة من الفقر او الحاجة .

لذلك أعطينا أهمية خاصة لبرامج التنمية البشرية ، وللنهوض بالسياسات الاجتماعية ، والتجاوب مع الانشغالات الملحة للمغاربة….”
ان الملك يضع التصورات الكبرى ويرسم الخطوط العريضة ليس فقط لتدبير مرافق الدولة ومؤسساتها السياسية والاجتماعية وانما أيضا يحدد هوامش التفاعل مع المجتمع ومختلف الأفكار الرائجة فيه ….
المغرب بقيادة محمد السادس يشق طريقه نحو المستقبل ، وهو طريق ملكي …يشتغل ، يفتح الأوراش الكبرى .. في اطار ” البيعة المتبادلة بين العرش والشعب ”
منذ توليه العرش كان الاقتصاد شغله الأول ، ووصف ” ملك الفقراء ” حينها يختزل الكثير من التمثل الشعبي لملك أختار أن ينتصر للفئات الهشة …
عم ارتياح جماعي المغرب كله ، دليلا على أن أغلبية الشعب وأغلبية الناس وأغلبية المغاربة تريد لهذا الارتياح أن يسود المغرب … شكرا جلالة الملك .
أحاسيس ارتياح حقيقية تعم المغربيات والمغاربة وهم يرون كبير الأسرة ، كبير الوطن يقود ثورة اجتماعية….
في كلمته الافتتاحية للمؤتمر الوطني لقطاع التعليم العالي ، 7 أكتوبر 2023 ، يقول الأستاذ ادريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ” في ظل الأوراش الملكية الإصلاحية الكبرى من الصعب التحول إلى تلك المعارضة العدمية …
لذلك نحن في الإتحاد الإشتراكي ظهر لنا أنه من الصعب التحول إلى تلك المعارضة العدمية فقط من أجل القيام بدورنا الدستوري وحرصنا من خلال الفريقين البرلمانيين أن نكون معارضة مسؤولة ومن خلال امتداداتنا داخل المجتمع أن تكون خطابتنا وشعاراتنا مسؤولة ، ولم نسقط في المزايدات ، وهذا دأبنا سواء بقينا في المعارضة أو شاركنا الآخرين في المسؤولية لأن ما ستعرفه بلادنا في أفق 2030 هي أوراش إصلاحية كبرى تحتاج المساهمة من موقع المعارضة والأغلبية ونحن حريصون على أن تكون لنا هذه المساهمة المسؤولة، ولهذا في إطار هذه الإستراتيجية الملكية انحصر دورنا كمعارضة إتحادية في المراقبة والتفعيل والتوجيه وتقديم الاقتراحات والتعامل بكل مسؤولية مع الواقع …نحن الحزب الوحيد الذي وضع شعارا للدولة التي نريد وننشد ، عندما قلنا من أجل دولة قوية عادلة ومجتمع حداثي متضامن.. نشعر اليوم أن هذا الشعار يمَارَسُ يوميا، فالدولة القوية تجلت قوتها في قوة المؤسسات من أعلاها ملكا إلى مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع ، هذه الأخيرة التي أبهرنا بها العالم وصفَّق لها العالم ووقف لها خصومنا منبهرين عبر الدينامية التضامنية التي عرفها المغرب خلال الزلزال وأشاد بها قادة العالم.. لنا أن نجدد الاعتزاز بالتامغرابيت التي انغرست في نفوس كل مواطن ومواطنة….
أحاول أن أوضح لكم السياسة التي نشتغل عليها ونستمر عليها دون مزايدات أو شعارات عندما نقترح التعديل الوزاري نطرحه بهدف تطوير الأداء، نحس أنه في بعض الإطارات نفتقد إلى التفاعل مع السياسة الرسمية والاستراتيجية التي عبر عنها جلالة الملك وانخرط فيها الجميع وليس كما يدعي البعض من أجل المناصب التي طُرِحت علينا في محطات متعددة”.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*