swiss replica watches
المهدي الصبار يكتب: العدوان الاسرائيلي بين مؤيد ومعارض في اسبانيا – سياسي

المهدي الصبار يكتب: العدوان الاسرائيلي بين مؤيد ومعارض في اسبانيا

العدوان الاسرائيلي بين مؤيد ومعارض في اسبانيا

المهدي الصبار: باحث في الديبلوماسية الموازية

كشفت عملية طوفان الأقصى التي قادتها حماس ضد إسرائيل مرة أخرى عن انحياز الغرب ودعمه المطلق لإسرائيل مقابل شيطنة المقاومة الفلسطينية والأصوات الداعمة لها، ولم تكن إسبانيا استثناء، فقد أدان بيدرو سانشيز رئيس حكومة اسبانيا الهجوم المباغت لكتائب القسام على غلاف غزة ووصفه بالعمل الإرهابي ودافع عن حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها، كما صرح خلال حضوره في قمة السلام المنعقدة في مصر على ضرورة “اطلاق سراح الرهائن دون شروط”، ولكن مع مرور الأيام واستمرار اسرائيل في غارتها الوحشية ضد قطاع غزة مخلفة عددا كبيرا من الضحايا المدنيين من بينهم أكثر من 3000 طفل. وفي هذا الصدد أعرب بعض وزراء الحكومة الاسبانية المنتمون للحزب اليساري “سومار”(SUMAR) عن إدانتهم للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والعقاب الجماعي الذي تمارسه سلطات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني مطالبين باحترام القوانين الدولية.
وعقب هذه التصريحات نشرت السفارة الإسرائيلية في مدريد بيانا على منصة «إكس»: تدعو فيه رئيس الحكومة بيدرو سانشيز إلى أن يندد ويدين بشكل لا لبس فيه هذه التصريحات التي وصفتها بالمخزية واعتبرتها السفارة في بيانها أنها “غير أخلاقية على الإطلاق وأنها تعرّض الجاليات اليهودية في إسبانيا للخطر والهجمات المعادية للساميّة وأن عناصر معينة داخل الحكومة الإسبانية اختارت الانحياز إلى نوع خطير من الارهاب مشابه لتنظيم الدولة الإسلامية(داعش)”، مما دفع وزارة الخارجية الاسبانية للرد ورفض البيان الاسرائيلي جملة وتفصيلا واصفة اياه بمجافاة الحقيقة فيما يتعلق ببعض من أعضاء الحكومة وأنها لا تقبل تلميحات تسيء إليهم لا أساس لها من الصحة وأضافت أنه من حق أي زعيم سياسي أن يعبر بحرية عن مواقفه كممثل لحزب سياسي في دولة ذات نظام ديمقراطي كامل مثل إسبانيا. كما تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الإسبانية سجلت موقفا نبيلا بمعارضتها للقرار الذي أعلنته في وقت سابق المفوضية الأوروبية بتعليق مساعداتها لفلسطين مما دفع هذه الأخيرة إلى التراجع عن هذا القرار.
وموازاة مع مواقف اليسار، اتخذت احزاب التيار اليميني واليمين الراديكالي موقفا مؤيدا لإسرائيل بصورة قطعية شأنها شأن الأحزاب الأوروبية اليمينية، بل سارعت لاستغلال هجوم حماس على غلاف غزة لنشر خطاب الكراهية ضد الاسلام والمهاجريين المسلمين حيث دعا حزب بوكس (VOX) اليميني الراديكالي لعدم منح الجنسية الاسبانية للمهاجرين المسلمين، واختزال القضية الفلسطينية في صراع حضاري بين الخير الممثل في اسرائيل الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة حسب ما يدعيه الإعلام الأوروبي منذ سنين مضت والمدافعة على قيم الغرب(الحداثة، المساواة، الحريات، حقوق الإنسان) والشر المجسد في الحركات الاسلامية والثقافة الشرقية الرجعية الهمجية التي تعادي قيمهم وتتخذ من الارهاب سلاحا لها، وقد نجحت هذه الدعاية في عديد من المرات من كسب تعاطف الرأي العام الأوروبي والاسباني الذي طالما اعتقد أن اسرائيل تخوض حربا ضد الارهاب وتؤمن بأنّ إسرائيل صمام أمان في وجه الخطر الرئيسي الذي يحدق بأوروبا في نظرهم ألا وهو “الإسلام”، وهو ما يمنح إسرائيل الشرعية في إبادة حماس كما يجد لها أعذارا واهية لتصفية المدنيين الفلسطينيين وقصف المستشفيات والمدارس. بل إن اليمين الاسباني يشبه ويقارن حركة حماس والقضية الفلسطينية بإرهاب منظمة ايتا الانفصالية الباسكية رغم الاختلاف الكبير بينهما وذلك بهدف نقل نفس مشاعر الكراهية التي يكنها المواطنون الاسبان خصوصا اليمينيين منهم لمنظمة ايتا وكنها للمقاومة الفلسطينية، كما ان هذه المقارنة في حد ذاتها هي قوة “ردع أخلاقية” في وجه المتعاطفين مع الشعب الفلسطيني بسب حساسية الاسبان من هذا الموضوع، إلا أن ذلك لم يمنع العديد من المواطنين الاسبان والمهاجرين العرب والمسلمين المقيمين في اسبانيا من الخروج في مظاهرات حاشدة للتنديد بالفظائع التي ترتكبها اسرائيل ضد سكان غزة من تجويع وتهجير وقتل.
​لطالما شغلت القضية الفلسطينية الرأي العام الإسباني لسنوات عديدة، وعملت بعض الأحزاب السياسية على تسييس القضية لخدمة أجندتها وبرامجها، وهو الأمر الذي شكل عائقا في فهمها، وبدل أن يقف أغلب المواطنون في صف الضحية انقسموا بين مؤيد ومعارض لحق الشعب الفلسطيني في العيش بسلام في أرضه وإعلان دولة فلسطينية مستقلة، معتقدين أن مواقفهم يحددها انتمائهم الأيديولوجي السياسي وليس البعد الإنساني للقضية، كما ساهم الإعلام الإسباني في ذلك لاسيما عند بداية الألفية الثالثة حيث أصبح يميل أكثر للطرح الأمريكي والرواية الداعمة للإسرائيل كضحية للحركات الإرهابية الإسلامية، ولكن مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي أصبح من الصعب على الشركات الضخمة واللوبيات النافذة أو حتى الحكومات السيطرة على سرد الأحداث وتوجيه الإعلام كما كان عليه الحال من قبل، فقد سمحت هذه المنصات الاجتماعية الرقمية بظهور أصوات عديدة ومتنوعة تنقل الحقائق وتسلط الضوء على معاناة الفلسطينيين اليومية ومشاركة قصصهم الشخصية وتجاربهم، مما اضاف بعدًا إنسانيًا صدم المجتمع الإسباني ودفع بعض المسؤولين لشجب العدوان الاسرائيلي رغم تجنيد اسرائيل سفاراتها في العالم لخوض معركة مواقع التواصل الاجتماعي في اطار ما يسمى بالدبلوماسية 2.0 وحرب الرواية لكسب العقول والقلوب.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*