swiss replica watches
د. إبراهيم إغلان: متحف كرة القدم بالمغرب بين تحديات التدوين واكراهات التثمين – سياسي

د. إبراهيم إغلان: متحف كرة القدم بالمغرب بين تحديات التدوين واكراهات التثمين

متحف كرة القدم بالمغرب: بين تحديات التدوين واكراهات التثمين

د. إبراهيم إغلان

 

افتتح هذا الأسبوع متحف كرة القدم المغربية، تحديدا يوم الخميس 21 مارس 2024 ، بالمقر الجديد للجامعة الملكية لكرة القدم بالمعمورة، بحضور السيد عزيز أخنوش رئيس الحكومة، رفقة السادة شكيب بنموسى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، المهدي بنسعيد وزير الشباب والثقافة والتواصل، عبد اللطيف ميراوي وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وفوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، والمهدي قطبي، رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف.
حضور رئيس الحكومة وبعض الوزراء المعنيين، بشكل أو بآخر، بالجانب الرياضي، والمتابعة الإعلامية المتميزة لهذا الحدث، وحضور أسماء كروية مغربية من مختلف الأجيال، كل ذلك يشير إلى دلالة وأهمية هذا المشروع الذي يروم تأريخ الذاكرة الكروية ببلادنا وتثمين اللحظات البارزة في مسار كرة القدم المغربية.
لن ندخل في شكل المتحف وأقسامه وطرق عرض مواده الوثائقية من صور وأشرطة سمعية بصرية ووثائق ومقتنيات متنوعة، بل سنحاول الوقوف على مضمون هذا الفضاء الثقافي بامتياز على الرغم من طبيعته الرياضية والخاصة بكرة القدم.
ينقسم متحف كرة القدم المغربية إلى ستة أقسام، أو بالأحرى ستة محاور رئيسية:
1. علاقة الملوك بكرة القدم، ابتداء من المغفور له محمد الخامس إلى اليوم؛
2. المغرب: موطن الرواد من شخصيات ورموز كروية استثنائية؛
3. المغرب: موطن التميز، باعتبار المنجزات الكروية التي حققتها المنتخبات الوطنية والأندية ، منذ الخمسينيات حتى اليوم؛
4. فضاء المشاهير، من لاعبين أو مدربين أو حكام أو إداريين، واللذين ظلوا عالقين في الذاكرة الكروية الوطنية؛
5. المغرب: أرض مضيافة، ويتعلق الأمر بأبرز اللحظات الكروية التي استضافتها المملكة، إلى جانب زيارات لشخصيات كروية عالمية؛
6. المغرب: موطن الشغف بكرة القدم وحب المغاربة لهذه اللعبة ومدى تعلقهم بها.

إن المتأمل في محتويات متحف كرة القدم المغربية، باختلاف مضامينه وتنوع أشكال عرضه، سيخلص بلا شك إلى تسجيل جملة ملاحظات أساسية، ولعل أبرزها:
أولا: حماية وصيانة التراث الكروي الوطني، حيث أن أهم أهداف إنشاء متحف خاص بكرة القدم المغربية هو توثيق الذاكرة الكروية الوطنية، انطلاقا من الرؤية الملكية لحماية التراث الثقافي المغربي، والاهتمام المتزايد بكل أشكال هذا التراث وتجلياته: المادي واللامادي والطبيعي من قبل قطاع الثقافة والمؤسسات الوطنية المعنية، وكذا المجتمع المدني. إذن هذا المشروع هو تجسيد لرغبة جماعية مواطنة واختيار استراتيجي لا محيد عنه في أفق وعي عام بقيمة التراث الوطني، تعبيرا عن هوية أمة وحضارة مجتمع، غني ومتنوع.
ثانيا: تثمين التراث الكروي الوطني: إن إنشاء متحف خاص بكرة القدم المغربية هو في حد ذاته وسيلة معرفية وتواصلية وتربوية وثقافية لتثمين تراث رياضي، ظل رهينا للثقافة الشفوية وللحسابات الضيقة وللصدامات التي عادة ما تخرج عن الروح الرياضية. فاستجماع وثائق تاريخية عن مسار كرة القدم المغربية، بأعطابها ومنجزاتها، ضرورة وطنية، بل يمكن القول إن تأسيس هذا المتحف هو عمل علمي وثقافي وتربوي، سيساهم في تيسير البحث عن تاريخ كرة القدم في المغرب منذ اللحظة الكولونيالية إلى اليوم، كما سيوفر للناشئة فضاء بيداغوجيا، تتوفر فيه شروط المتعة والمعرفة كما هو الحال في المتاحف الموضوعاتية المعروفة عالميا.
ثالثا: تكريس الرؤية الشاملة لكرة القدم الوطنية: كما سبق الذكر، فتأسيس هذا المتحف، يندرج في إطار رؤية ملكية شاملة لتطوير منظومة كرة القدم ببلادنا، سياسة وممارسة وتأطيرا وتربية ومعرفة وثقافة. وبالتالي حفظ وصيانة وتثمين التراث الكروي الوطني جزء لا يتجزأ من مصالحة المواطن مع ذاكرته، ووعيه بالانخراط في هذه الرؤية، والاعتزاز باللحظات الوطنية الاستثنائية، كما هو الشأن بالنسبة لمونديال قطر الأخير، وأيضا بالدفاع عن الوطن والمرافعة كلما اقتضت الضرورة الوطنية ذلك.
رابعا: متحف كرة القدم المغربية أنموذج لتعميمه وطنيا: تجدر الإشارة هنا إلى كون هذا المتحف، على الرغم من كونه مشروعا قابلا للتطوير، جديرا بتعميم فكرته وتداولها على مستوى الأندية الوطنية التي تحتاج إلى وقفة تأمل عميقة، بحكم مشاكلها المتراكمة وبنياتها التقليدية في التدبير والتسيير، وهو الأمر الذي يعيق في كثير من الأحيان اندماج هذه الأندية وتكاملها وانصهارها في الرؤية الشاملة لكرة القدم المغربية. وانطلاقا من هذا المعطى، يجب التفكير مليا في تأسيس متاحف خاصة بالأندية، سواء منها ذات العمق التاريخي أو تلك التي أنشأت في السنوات الأخيرة، بالرغم من بعض هذه الأندية المعروفة لها فضاءات أشبه بمتاحف وليست بمتاحف. لهذا يشكل متحف كرة القدم المغربية أنموذجا قابلا للاستئناس بفكرته أولا؛ وبمضمونه ثانيا؛ وبطريقة عرض محتوياته ثالثا.

فأندية مثل الوداد البيضاوي والرجاء البيضاوي والفتح الرباطي و المغرب الفاسي والنادي المكناسي وغيرها.. والتي تملك تاريخا عريقا، إن على مستوى لحظات التأسيس، أو على مستوى الإنجازات والشخصيات البارزة في مسارها، جديرة هي الأخرى بتوفرها على متاحف خاصة، توثق ذاكرتها وتثمن تراثها الكروي محليا ووطنيا وإقليميا ودوليا.
يبقى في الأخير، التأكيد على أن افتتاح متحف كرة القدم المغربية للعموم خطوة رائدة ومتميزة ، لكن يبقى ضمان تطويره وتنمية رصيده مرتبطا بخطوات أخرى، أجملها كالتالي:
1. الانفتاح على المؤسسات الجامعية، وبإمكان البحث في تاريخ الزمن الراهن أن يساهم في تعميق المعرفة الرياضية وتأريخها وفق أسس منهجية، وبخاصة المرحلة الكولونيالية والتي شهدت تأسيس العديد من الأندية الوطنية، وضمن تصور واضح يروم اعتبار الممارسة الكروية ببلادنا خلال الفترة الفاصلة ما بين 1912 و1956 ، جزءا من تراثنا الكروي الوطني، بغض النظر عن الخلفيات الاستعمارية التي وضعتها الحماية الفرنسية وأيضا الاسبانية على مستوى مناطقنا الشمالية.
2. تنظيم جائزة سنوية للوثائق، باختلاف حواملها، لأحسن وأفضل وثيقة تؤرخ لكرة القدم المغربية، ولعل ذلك قد يساهم في تنمية الرصيد الوثائقي للمتحف.
3. دعم البرامج والأفلام الوثائقية الخاصة بكرة القدم المغربية، لتنمية الرصيد السمعي البصري للمتحف.
4. رقمنة الصفحات الرياضية بالجرائد المغربية الصادرة في فترة الحماية الفرنسية والاسبانية و كذلك الشأن بالنسبة لفترة الاستقلال.
5. تأسيس لجنة علمية استشارية بالمتحف، تساعد على تطوير استراتيجية المتحف .

 

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*