الرقمنة كحل لمشكلة المضاربين في الأسواق
بدر شاشا
أفضل دواء للقضاء على الغلاء هو عدم شراء ما هو غير مهم وتغيير الفكر بدلاً من البكاء والشكوى.
تعد مشكلة الغلاء في أسعار الخضر والفواكه واللحوم والأغنام من القضايا الملحة التي تؤرق المواطنين في المغرب.
أحد الأسباب الرئيسية لهذه الظاهرة هو نشاط المضاربين والشناقة في الأسواق، حيث يقوم هؤلاء بشراء المنتجات الزراعية من الفلاحين بأسعار منخفضة ثم يبيعونها بأسعار مرتفعة بعد مرورها بعدة وسطاء. هذا الوضع يضر بالفلاحين والمستهلكين على حد سواء، ويؤدي إلى تضخم غير مبرر في الأسعار.
دور الرقمنة في القطاع الفلاحي والزراعي
يمكن للرقمنة أن تقدم حلاً فعالاً لمشكلة المضاربين في الأسواق من خلال عدة آليات. يمكن استخدام تقنيات الرقمنة لإنشاء منصات إلكترونية تعرض أسعار البيع الحقيقي للمنتجات الزراعية بشكل مباشر وشفاف.
هذه المنصات يمكن أن توفر بيانات دقيقة عن أسعار البيع في الوقت الحقيقي، مما يمنع التلاعب بالأسعار من قبل المضاربين.
يمكن للرقمنة أن توفر نظاماً لتتبع مصدر المنتجات الزراعية بدءاً من الفلاح حتى وصولها إلى المستهلك. هذا النظام يمكن أن يشمل تفاصيل حول المنتج مثل نوعه، مصدره، الجهة المنتجة، والأسعار في كل مرحلة من مراحل التوزيع.
تسهم المنصات الرقمية في تعزيز التواصل المباشر بين الفلاحين والمستهلكين، مما يقلل من دور الوسطاء الذين يرفعون الأسعار بشكل غير مبرر. يمكن للفلاحين استخدام هذه المنصات لبيع منتجاتهم مباشرة للمستهلكين، مما يضمن حصولهم على أسعار عادلة ويتيح للمستهلكين شراء المنتجات بأسعار معقولة.
تساهم الرقمنة في تحسين كفاءة توزيع المنتجات الزراعية من خلال نظام لوجستي متكامل يعتمد على تكنولوجيا المعلومات. هذا النظام يمكن أن يساعد في تقليل التكاليف اللوجستية وتقليل الفاقد من المنتجات الزراعية، مما ينعكس إيجابياً على الأسعار النهائية.
تعزز الرقمنة من الشفافية والمساءلة في الأسواق من خلال تقديم بيانات موثوقة ودقيقة عن العمليات التجارية. يمكن للحكومات والجهات الرقابية استخدام هذه البيانات لمراقبة الأسواق واتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من التلاعب بالأسعار وضمان العدالة للجميع.
يمثل التوجه نحو الرقمنة في القطاع الفلاحي والزراعي حلاً واعداً لمشكلة المضاربين والشناقة في الأسواق.
من خلال تعزيز الشفافية والتتبع وتحسين كفاءة التوزيع، يمكن للرقمنة أن تساهم في تحقيق عدالة الأسعار وضمان حصول الفلاحين على عوائد منصفة وحماية المستهلكين من الغلاء غير المبرر.
هذا النهج يتطلب تعاوناً بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني لضمان نجاحه وتطبيقه بشكل فعال.