swiss replica watches
تعطيل الحركة اليسارية، أي حركة يسارية، لصالح من؟ ولأجل ماذا؟ – سياسي

تعطيل الحركة اليسارية، أي حركة يسارية، لصالح من؟ ولأجل ماذا؟

محمد الحنفي

مركزية اليسار بين الديمقراطية والبيروقراطية:

والمركزية التي تعرفها التنظيمات المختلفة، إما أن تكون ديمقراطية، ترهن القيادة، سواء كانت محلية، أو إقليمية، أو جهوية، أو وطنية، بإرادة قواعد التنظيم اليساري، وإما أن تكون بيروقراطية، لا تحضر فيها إلا القيادة التي تتصرف، بناء على ما تمليه تطلعاتها الطبقية، التي توظف من أجل تحقيقها التنظيم برمته. وبناء على ذلك، فبدل أن تصير القيادة في خدمة التنظيم، يصير التنظيم في خدمة القيادة، التي هي المبتدأ، والمنتهى، كما هو شائع في التنظيمات النقابية المختلفة مركزيا، وجهويا، وإقليميا، ومحليا.

وقيادة اليسار، عندما لا تلتزم بالمركزية الديمقراطية، فإنها تعمل على:

أولا: جعل التنظيم مفتوحا على جميع الاحتمالات، عندما تشيع في صفوفه الديمقراطي،ة بدل الديمقراطية المفضية إلى المركزية. وهو ما يعني الضعف، والتشرذم، والتفكيك، إلى درجة التشظي، الذي يصير فيه كل فرد في التنظيم اليساري، حزبا قائما بذاته، ويسعى إلى إيجاد أنصار يحيطون به.

ثانيا: فرض الممارسة البيروقراطية على مجمل التنظيم، الذي يصير رهن إشارة، وفي خدمة القيادة اليسارية، التي تصير مقررة، ومنفذة، بعيدا عن القواعد اليسارية، التي لا عبرة لوجودها، إلا في حالة الخضوع المطلق للقيادة. وهذه الممارسة البيروقراطية، التي تؤدي، بالضرورة، إلى الانسحاب المفضي إلى الانكماش، المعبر عن الضعف، وعزل القيادة البيروقراطية، وقيام تنظيمات يسارية ضعيفة، لا تقوى علىى الفعل الإيجابي، في واقع الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة.

ولتجاوز وضعية سيادة الديمقراطية في التنظيم اليساري، ووضعية مرض البيروقراطية اليسارية، في قيادة التنظيم اليساري، لا بد من اعتماد المركزية الديمقراطية، التي تعتبر شرطا لقيام يسار متماسك، والتمكاسك شرط قوة اليسار، وشرط قوة الفعل في صفوف الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة. وبدون المركزية الديمقراطية، لا يصير اليسار، أو الحزب اليساري، متماسكا، وقويا، وقادرا على الفعل في الواقع العيني، ومؤثرا في الواقع السياسي.

ومعلوم أن الحزب اليساري، عندما يلتزم بالمركزية الديمقراطية، يصير قادرا على الفعل في واقع الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، ومعبئا لها، في أفق حماية مكتسباتها المادية، والمعنوية، والعمل على انتزاع مكاسب جديدة، في افق تحقيق التغيير المنشود، المتمثل في التحرير، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، في أفق البناء الاشتراكي. وعندما لا يلتزم الحزب الاشتراكي بالمركزية الديمقراطية، يصير إما ديمقراطيا، وإما بيروقراطيا، تتحكم القيادة في مساره، مما يؤدي إلى الضعف، والتفكك، والتشرذم، والتفتيت، وغير ذلك، مما يؤول إليه اليسار، الذي لا يعتمد المركزية الديمقراطية، التي تعتبر مصدرا لقوة الحزب اليساري الكبير.

ولذلك، فاليسار، أو الحزب اليساري الكبير، يجب عليه أن يستحضر عوامل القوة الأيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية، ومنها المركزية الديمقراطية، حتى يقوم بدوره، لصالح الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، وأن يتجنب عوامل الضعف، التي تقود إلى ضعف اليسار، وتفتيته، وتفكيكه، مما لا يخدم إلا مصالح الطبقة الحاكمة، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، ومصالح الأحزاب والتوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي، التي تراهن على انقراض اليسار، وإلى الأبد.

ومن عوامل ضعف اليسار، تعطيل مبادئ النقد، والنقد الذاتي، والمحاسبة الفردية، والجماعية، وخضوع الأقلية لإرادة الأغلبية؛ لأن هذا التعطيل، في حد ذاته، يؤكد ضعف، وتفتيت، وتفكيك، وتشرذم اليسار، خاصة، وأن جميع اليساريين، يدركون جيدا، أن تفعيل هذه المبادئ، لا يمكن أن يؤدي إلا إلى التجاوز، والقوة، وارتباط اليساريين بحزبهم العتيد، الذي يعتبر أن تفعيل مبادئ النقد، والنقد الذاتي، والمحاسبة الفردية، والجماعية، وخضوع الأقلية لإرادة الأغلبية، لا يمكن أن يكون إلا مصدر قوة للحزب اليساري الكبير؛ لأن تلك المبادئ، تنفي كل الأمراض، التي تؤدي إلى إلحاق الأضرار الكبيرة باليسار.

فالنقد يسلط على الممارسة الفردية، التي لا تستهدف التنظيم، أو مبادئ التنظيم، أو أيديولوجيته، أو أهدافه، بطريقة، لا بد أن يحضر فيها القصد، الذي لايستلزم النقد، بقدر ما يستلزم اتخاذ موقف معين، من الفرد القاصد القيام بالإساءة إلى التنظيم اليساري.

أما عندما يقوم الفرد بممارسة غير مقصودة، ومنتجة للإساءة إلى الحزب اليساري، ويقر بتلك الممارسة المدعومة بالحجج، فإن على هذا الفرد، الذي مورس عليه النقد، وأقر بالممارسة المنقودة بدون قصد، أن يقدم نقدا ذاتيا؛ لأن الغاية من تقديم النقد الذاتي، هي التزام الفرد بعدم القيام بنفس الممارسة المنقودة.

ويعتبر تفعيل النقد، والنقد الذاتي، وسيلة لحماية التنظيم، من قيام الفراد بإنتاج الممارسات المسيئة إلى التنظيم، ووسيلة كذلك لقيام الأفراد، بإنتاج الممارسات التي تخدم التنظيم، ومن أجل تجنب الممارسات التي تستلزم النقد، والنقد الذاتي.

وتعتبر المحاسبة الفردية، والجماعية، من المبادئ التي يمكن تفعيلها، من أجل الالتزام بتنفيذ القرارات، التي تتخذ في إطار التنظيم، حتى يتمكن التنظيم من التطور، والتوسع، في حالة قيام كل يساري بما التزم بتنفيذه، على أرض الواقع، وحتى يقف المسؤولون على جوانب الضعف، التي تلحق التنظيم، بسبب عدم الالتزام بقيام الأفراد بما تكلفوا به، ولماذا؟ من أجل تجنب جوانب القصور، التي تقتضي تخلف المسار التنظيمي، وعدم مواكبته للتطور، الذي يعرفه الواقع.

وبالنسبة لمبدأ خضوع الأقلية لإرادة الأغلبية، في اتخاذ القرارات، والعمل على تنفيذها على أرض الواقع، فإننا نجد أنه يقوم بدور كبير، في المحافظة على قوة الحزب اليساري، الذي يسلم من التفتيت، والتفكيك، والتشرذم. ولكن عندما لا تخضع الأقلية لإرادة الأغلبية، فإن ذلك لا يعني إلا إحداث نزيف في الحزب اليساري، يعقبه تفتيت، وتفكيك، وتشرذم، كما هو حاصل في الواقع اليساري، الذي لا يمكن الهروب منه، إلا بفتح نقاش واسع، وعميق بين مختلف أطراف اليسار، حول الأسس الأيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية، في أفق تجاوز ظاهرة التآكل، والتفتيت، والتفكيك، والتشرذم، ومن أجل الوحدة اليسارية، التي أصبحت ضرورة تاريخية، واستراتيجية في نفس الوقت، لمواجهة التحالف البورجوازي الإقطاعي الرجعي الأصولي المتخلف، الذي لا يرى في الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، إلا مجرد قطيع يرعاه، من أجل استغلاله.

ومعلوم أن هذه المبادئ، عندما تفعل، وعندما تحترم في مختلف إطارات اليسار القاعدية، والمحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، يصير اليسار قويا، ومتماسكا، ومتوفرا على عوامل التوسع، والقوة التي تجعل الحزب اليساري ينفذ إلى عمق الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، مما يجعل هذه الجماهير، تتفاعل مع أيديولوجية اليسار،ومع تصوره التنظيمي، ومع مواقفه السياسية، كوسيلة للارتباط به.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*