حسن طارق.. الوسيط كما أعرفه 

حسن طارق.. الوسيط كما أعرفه

عادل الزبيري

بيني وبين الدكتور حسن طارق صداقة إنسانية، فيها فقط الإنساني، لم نلتقي إنسانيا منذ سنوات لأسباب ظروف الحياة، لكن للرجل مكانة عندي، لأنه بقي كما عرفته أول يوم، بشوشا، مقبلا على الناس، لا تغيره المناصب، ويتوارى بهدوء في العواصف، ويُبقي حبال الود مفتوحة، ومن حقه أيضا أن يتخذ القرارات المناسبة في حياته، حيال قضايا له فيها رأي وتقدير.

 

أمام ارتفاع موجات المد العالي لبث العدمية حيال كل شيء في المغرب، فالدكتور حسن طارق كفاءة مغربية، تستحق التعيين الملكي السامي من العاهل المغربي الملك محمد السادس، في منصب وسيط المملكة المغربية، وبالتأكيد سوف يترك أثرا ببصمته في تدبير ملفات مغربية حارقة، لكنه فارس هادئ قادرا على الخروج بها إلى بر الأمن، لأن له قدرة على الإقناع وعلى الترافع وعلى التدافع.

 

فالحروب الناعمة التي تخاض اليوم ضد المغرب، فيها معاول كثيرة مغربية، من أبناء الوطن الذين لا يرون إلا أنصاف الكؤوس الفارغة.

 

في تقديري، تعيين الدكتور حسن طارق في منصبه الجديد هو اعتراف بكفاءة الرجل، الذي غادر منصب رسميا الآن، منصب سفير المغرب في تونس، بعد أن ترك بصمة استثنائية تاريخيا، في تجسير الروابط بين الرباط وتونس العاصمة.

فلا يمكن أن يستكتب مثقفي المغرب في كتاب عن أحد الأصوات الذهبية المغربية، الراحلة نعيمة سميح، ليكون كتابا يوزع في تونس، إلا حسن طارق، لأنه يفكر من خارج الصندوق، ولا يمكن أن يفكر في الدبلوماسية الثقافية إلا حسن طارق، وبالتأكيد أن الدبلوماسية المغربية ولادة بقامات نسائية ورجالية تتدافع كل يوم عبر العالم في السفارات وفي القنصليات.

سمعت من تونسيين تقديرا للسفير السابق في المغرب حسن طارق، وقبل أن يحمل حقيبة السفارة، عرفت الرجل عن قرب في مجلس النواب الغرفة الأولى في البرلمان المغربي، في أول حكومة مغربية ما بعد دستور 2011.

 

كما عرفت الرجل طبعا من قبل، جامعيا وأكاديميا نشيطا، ابن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وفيا لمدرسة القيم والعمل السياسي النبيل، والمصالحات التاريخية الكبرى؛ الراحل عبد الرحمن اليوسفي.

 

أنهى البرلماني السابق حسن طارق ولاية تشريعية برلمانية بعلامة كاملة، باعتراف خصومه أولا، ترافع عن التأويل الديمقراطي للدستور المغربي، ونحت مصطلحات أحبها الصحافيون المغاربة، ومنهم من يعرف جيدا قيمة البرلماني السابق.

 

ففي برلمان مغربي حالي، يعيش السبات السياسي، فلا أغلبية حكومية فيه تقنع، ولا معارضة فيه تناقش، أفتقد كصحافي مغربي الدكتور حسن طارق؛ ومعه أسماء مغربية أخرى، أبدعت في تلك الولاية التشريعية، أما اليوم فنواب الأمة يهربون من الصحافيين المهنيين، إلا قليل من الذين لا يزالون يستحقون لقب برلماني.

 

في الصورة، حلقة حوارية لقناة العربية في العام 2012، في سياق تحولات تاريخية كبيرة عاشها المغرب، وللدكتور حسن طارق قراءات استراتيجية حيالها، بقيت محفورة في ذلك الحوار.

إن من أصعب المهام التي ستواجه الدكتور حسن طارق هي تنفيذ فسلفة جديدة للوساطة، في سياق ملفات اجتماعية مغربية تحتاج مبادرات غير مسبوقة لإخراجها من الثلاجات إلى الحياة من جديد، ولكن تقديري سيكون للوسيط الجديد نفس في الإنصات، وقدرات على الإقناع، وجهد في تقريب وجهات النظر، وبصمة خاصة في تنزيل حلول مبتكرة لقضايا شائكة.

 

ويبقى للوسيط السابق للمملكة المغربية، الدكتور محمد بنعليلو فضل كبير في إنهاء أطول إضراب لطلبة الطب والصيدلة في المغرب، وسط فشل ذريع لوزير سابق أمسك بالملف وفشل.

 

ولكن وسيط المملكة المغربية، المؤسسة الدستورية، نجح في إيجاد حل لأزمة طالت، ولهذا جرى إيجاد مؤسسة وسيط المملكة المغربية.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*