أي مكر أسوأ من مكر الكابرانات؟!

أي مكر أسوأ من مكر الكابرانات؟!

 

ليس هناك من قول ينطبق على ما وصلت إليه الجزائر من تخبط وعزلة سياسية، جراء توالي الخيبات الدبلوماسية وتهاوي الضربات الموجعة على رؤوس حكام قصر المرادية، أفضل من قوله تعالى في سورة فاطر، الآية 43: “ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله”، حيث أن كل ما ظلوا يمارسونه عبر سنوات من استفزازات ويوجهون للملكة المغربية من اتهامات باطلة عبر إعلامهم الأرعن، لم تلبث الأيام أن كشفت عن زيفه وأظهرت للعالم أجمع حقيقتهم التي لا يمكن حجبها مهما حاولوا جاهدين.

ففي الوقت الذي يواصل فيه المغرب تحقيق انتصاراته الدبلوماسية التي عززت موقفه في ملف الصحراء المغربية، واستطاع إقناع عدة بلدان وازنة بمغربية الصحراء ووجاهة مقترح الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية تحت السيادة المغربية، مما أدى إلى فتح حوالي 30 قنصلية في مدينتي العيون والداخلة، ظل “كابرانات” الجزائر منشغلين بمحاولة تعطيل مسارات المغرب التنموية والدبلوماسية، غير مبالين بأوجاع الشعب الجزائري ومشاكله الداخلية، علما أن الجزائر تمتلك من الموارد الطبيعية الهائلة كالنفط والغاز، ما من شأنه الإسهام في تحسين مستوى عيش المواطنين والنهوض بأوضاع البلاد على كل الأصعدة، بدل تبديد ملايين الدولارات في دعم الانفصاليين والدخول في الشؤون الداخلية للدول المجاورة.

ذلك أن السلطات الجزائرية لم تنفك تهاجم المغرب وتوجه له اتهامات مجانية مثل ضرب الأمن القومي للجزائر، الادعاء بإشعال حرائق الغابات وإغراق البلاد بالمخدرات، واستقدام الكيان الإسرائيلي إلى المنطقة ومساندة الحركات المطالبة بالاستقلال. والأخطر من ذلك اتهامه بالتخابر والتجسس للمس بأمن الدولة، مما دفع بأحد المعارضين الجزائريين إلى التعليق على ذلك بالقول إن “الترويج لمثل هذه الاتهامات أصبح معتادا في بروباغندا النظام العسكري الجزائري، بهدف التأثير على الجماهير وصرف الأنظار عن مسار النقاش العمومي”

فالسلطات الجزائرية لم تنفك تصدر بلاغات تعرب بواسطتها عن قلقها العميق من الممارسات العدائية للمغرب على الجزائر، مؤكدة أن مجموعة من المؤسسات الإعلامية الدولية المرموقة كشفت ما مرة عن قيام سلطات بعض الدول وخاصة المملكة المغربية باستخدام برنامج التجسس الصهيوني المسمى “بيغاسوس” ضد مسؤولين ومواطنين جزائريين إلى جانب صحافيين وفعاليات حقوقية، وشددت على أن مثل هذه التصرفات تعتبر اعتداء ممنهجا على حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وتشكل انتهاكا صارخا للمبادئ والأسس التي تحكم العلاقات الدولية.

وجدير بالذكر أن البرلمان الأوروبي كان قد شكل لجنة تحقيق بخصوص قضية “بيغاسوس”، حيث استمرت اللجنة في تحقيق عميق لمدة سنة، شمل الدول المتضررة من البرنامج التجسسي، من خلال عقد جلسات استماع مطولة مع المتضررين المحتملين، مستعينة بخبراء في المجال قصد إنجاز دراسات متعددة، وخلص تقريرها إلى عدم وجود أي أدلة تدين المملكة المغربية في استخدام برنامج التجسس الإسرائيلي، وهو المعطى الذي ظل المغرب يشدد عليه في مواجهة الاتهامات الباطلة الموجهة إليه، وعلى ضرورة سلك المساطر القضائية عبر فتح تحقيق شامل وعادل.

فبعد أن انكشفت حقيقة تورط الجزائر في دعم السفاح بشار الأسد الرئيس السوري الهارب إلى روسيا، من خلال رفض الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع طلبا رسميا تقدم به وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف نيابة عن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بخصوص الإفراج عن أسرى جزائريين من بينهم ضباط وجنود من الجيش الشعبي الجزائري ومرتزقة من مليشيات البوليساريو الانفصالية، الذين تم القبض عليهم فوق الأراضي السورية خلال مواجهات عنيفة حول مدينة حلب، إذ كانوا يقاتلون إلى جانب الجيش السوري. وتأكيده على أن الأسرى الجزائريين ومعهم عناصر البوليساريو ستتم محاكمتهم ضمن فلول النظام السوري السابق وفق المعايير الدولية، وهو الرفض الذي شكل إدانة صريحة للدور المشبوه الذي ظلت تلعبه الجزائر في سوريا، بعدما أصبح الجيش الجزائري الذي يفترض فيه حماية حدود الجزائر، متورطا في حرب بالوكالة على المواطنين السوريين في بلادهم.

وقبل حتى أن تطوى صفحة التدخل الجزائري في الصراع السوري، فإذا بفضيحة أخرى تطفو على سطح الأحداث، وهي تلك المتعلقة بالتجسس، بعد أن كشفت السلطات الفرنسية عن ضلوع موظفين حكوميين في عمليات تجسس لصالح الجزائر. إذ أعلن مكتب المدعي العام في العاصمة الفرنسية يوم الخميس 13 مارس 2025 عن قرار النيابة العامة القاضي بوضع موظف في وزارة المالية قيد تحقيق رسمي للاشتباه في تجسسه لفائدة الجزائر، وقيامه بتسليم معلومات عن طالبي اللجوء الجزائريين بمن فيهم معارضين للنظام الجزائري إلى مسؤول اتصال جزائري يعمل في القنصلية الجزائرية في باريس.

كما تم الكشف عن أن جهاز الأمن الداخلي الفرنسي ظل يلاحق منذ فترة جاسوسا جزائريا مقيما في فرنسا، كان يجمع المعلومات تحت غطاء دبلوماسي. إذ كان الرجلان الفرنسي والجزائري يقومان بإرسال بيانات سرية عن أشخاص معارضين لسياسة الرئيس الجزائري إلى جهاز الاستخبارات العسكرية الجزائرية.

إن ما يغيظ الجزائريين الأحرار هو أن تتحول بلادهم إلى مسخرة أمام شعوب العالم، جراء تخبط الكابرانات الذين أبوا إلا أن يجعلوا من المغرب مشجبا يعلقون عليه كل أوساخهم وأزماتهم الداخلية التي ما انفكت تتراكم خلال السنوات الأخيرة، في محاولة يائسة منهم للفت الأنظار عن الأوضاع المتردية. ناهيكم عن إصرارهم على التمادي في دعم مليشيات البوليساريو الانفصالية والإنفاق العسكري القياسي على التسليح عوض الاهتمام بتنمية البلاد وتحسين ظروف عيش العباد.

اسماعيل الحلوتي

 

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*