الدافري يكتب…..مسرحية قصيرة جدا

مسرحية قصيرة جدا. 

كتبها: احمد الدافري 

كنت قد تعينت أستاذا للسلك الثاني في مادة الرياضيات بثانوية وادي الذهب، في سبتمبر 1987، وعمري وقتذاك 23 سنة.

نعم.

 كنت أحب الرياضيات 

وكان يعجبني أن أتعارك مع المسائل التي تبدو صعبة في الجبر والتحليل وفي التعداد والاحتمالات وغيرها. 

لكن حبي للحياة كان أكثر.

 وحب الحياة كان بالنسبة إليَ هو عيشها ونسج علاقات مع أناسها والكتابة عنها. 

منذ أن بدأت أفك حروف الحياة، وأنا طفل، كنت أقرأ القصص والروايات والتاريخ وأساطير الأولين. 

فاكتشفت أن الحياة منصة واسعة نمارس فيها ألعابا مسرحية. 

نمثل فيها أدوارا قد نتقنها وقد لا نتقنها. 

نكتب فيها نصوصا في أذهاننا، ونحفظ النصوص، ونبدأ في عملية الأداء. 

 

اكتشفت أيضا أن الحياة، مثل أي عرض مسرحي تحتاج إلى المال كي تنتقل من مرحلة التفكير و الكتابة إلى مرحلة الإنتاج والعرض. 

فواجهتني صعوبة في التمويل.

 اقترضت المال من البنوك. 

لكن مشكلة الإنتاج بقيت قائمة. 

هاجرت إلى سلطنة عُمان سنة 1994. 

تحسنت الأحوال قليلا. 

لكن الوطن كان متوغلا في العقل والذات والوجدان. 

اكتشفت أن المال لا يمكنه أن ينتج نصوصا جيدة عن الحياة.

بل قد يجعل الكاتب يبيع نفسه للشيطان. 

عدت إلى وطني بعد عامين اعتقدت أنهما كانا كافيين كي أغير رؤيتي للحياة. 

 

اكتشفت أن الحياة ليست هي المال. 

لكن المال ضروري لتدبير أمور الحياة. 

 

قيل لي : 

احمل حقيبتك وابدأ تتنقل على بيوت التلاميذ، واعط الدروس الخصوصية لهذا وهذه وذاك وتلك، فإن لديك وظيفة من ذهب. 

فعلت ذلك.

 نعم.

 فعلت ذلك. 

فعلت ذلك داخل بيوت لجأت إلي أصحابها كي أساعد أبناءهم وبناتهم. 

نعم فعلت ذلك. 

لكن فعلته بشرط. 

فعلته وكان الشرط هو ألا يكون المقابل مالا. 

بل أن يكون المقابل هو كلمة حب. 

هو إحساس بالرضا. 

 

هذا ليس تبجحا أو منّا على أحد. 

بل هو مشهد من مشاهد فصول المسرحية التي حدثت وعاشها معي أشخاص هم معي هنا في هذا الفضاء. 

 

وكلما كنت أفعل ذلك كان الله يفتح أبواب الخير في مجال آخر من مجالات مسرح الحياة. 

قيل لي : 

هناك من هم امثالك بنوا بيوتا ولديهم أملاك وعقارات. 

أنا أيضا بنيت بيتا وأملك أملاكا وعقارات. 

بيتي الذي بنيته هو هذه العفة التي تركتها لابني وابنتي. 

والأملاك والعقارات التي أملكها هي هذه العلاقات التي تربطني بالناس. 

هذا كافٍ. 

ومنصة مسرح الحياة الحقة تبقى موشومة بأثر الأفعال..

 وليس بما تعج به من ضجيج الأقوال. 

 

وهذا ما كان

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*