العيد الجميل ،، اختطفوه خصوم الحياة وشناقة الإيمان

العيد الجميل ،، اختطفوه خصوم الحياة وشناقة الإيمان

مصطفى رابحي

الدورات السنوية للأعياد أخلفت عندنا الكثير من مواعيدها الطبيعية مع الأفراح .

لم يحافظ عرف اللقاءات الطيبة على طيبوبة اللحظة و غادرت الكثير من المراسيم عنفوانها الجميل .

أثبت الواقع أن هروب الناس نحو الاستعراض الجاف وحده يحافظ على الأجندة التي أنزلت رحمة و رأفة و غدت قسوة و استياء .
الذين يسابقون مجهود تنفيذ عيد الأضحى بما يقتضيه من شراء الخروف ، في الأغلبية يعصرون المجهود عصرا .

الأمر لا يتطلب استقراء آراء .

المعاني معروضة على الطريق و مفادها أن الشقاء يمشي مختالا في الأرجاء .

الجموع لم تعد تستطيع المعاملة مع المعادلة الإبراهيمية العادلة .
بهاء العيد خرج من بهائه .
سياق الشقاء العنيد هذا تطاول على كبرياء الوجوه . هُزمت القدرات أمام اجتياح الضغوط .

الشعوب التي لا تستطيع توفير لحظة فرحة ، لا تساق قسرا إلى ادعاء الارتياح .
غلبني حوار مع صديق عزيز في جلسة طوت بعض الشوق المتبادل وهو يطرح علي واقعة بدلالة حزينة. تحدث جليسي عن فنان شعبي باع آلة النغم التي يتوفر عليها لأجل جلب أضحية متواضعة يسد بها ضغط الأسرة .

فنان أمازيغي من أهلنا في أطلسنا الشامخ قدم آلة ” الوتار” – و هي وسيلته لكسب الرزق – لكي لا يخلف أمانة نشر البسمة على وجوه أطفاله يوم يقوم جيرانه بنشر أمعاء أضحياتهم على مرآى ممن يمر بقرب الديار .

الأمر مؤثر حقا .
لم يتردد الرجل الأطلسي في وضع حد لمسيرته الفنية و إنهاء ملامسته لخيوط آلة “الوتار ” . لم يعد النغم له جدوى أمام استحقاقات لحظة ضاغطة .
في الأحوال الأخرى للناس الأخرى، ستكون هناك الملايين من غُضون الشقاء المشمول بالعجز عن التوافق مع اللحظات الجميلة ، ستتعدد الأعياد و المناسبات في تضاريس الحياة الصعبة ، ستتحدث هذه التضاريس عن بؤس سرمدي عابر للأيام و الأسر و الجموع .
في الأحوال الأخرى للناس الأخرى، ستكون هناك الملايين من غضون الشقاء المشمول بالعجز عن التوافق مع اللحظات الجميلة ، ستتعدد الأعياد و المناسبات في تضاريس الحياة الصعبة ، ستتحدث هذه التضاريس عن بؤس سرمدي عابر للأيام و الأسر و الجموع .
حكاية الفنان الشعبي الأمازيغي الأطلسي المغربي ، تلح علينا قراءة المجال المعقد لظاهرة الاحتفال القسري ذات النزعة الفاقدة لظروف التخفيف على ذوي قلة ذات اليد . العيد الذي فهمناه من أجدادنا و آبائنا هو عيد الرحمة و المحبة المغذى من تربية إيمانية تضامنية مع الجميع .

العيد فرح جماعي وليس مناسبة لعرض طبقي خادش بالذوق الإنساني العام .

العرض الطبقي البئيس الذي يريده المهيمنون على غذاء الناس هو هكذا يزمجر فينا جميعا . يريد المهيمنون الطبقيون احتكار العيد و ترك الجموع قرابين لمداورة البؤس و الشقاء، و فوق هذا وذاك تنويع الحكايات الحزينة لنعيد سردها للأشقياء مثلنا.
الأجواء غير المسبوقة المخيمة على عيدنا المنزل جماعيا ، أضحى فاقدا للكثير من مخزونه الروحاني السعيد ، تعرضت المناسبة من جهة لتبويبها برجوازيا عبر تحويلها لخوصصة مقيتة تفرض علينا إرباح كارتيلاتها وفق سوق قاتلة للحظة ” مغافرة إيمانية ” ، و هي سوق مسيجة بتحصين فقهي يبقي الحوار في الموضوع متهما و مبعدا عن الحوار الاجتماعي العقلاني المنتج .

ومن جهة أخرى أصبح عيدنا ( الذي كان عيدنا الجماعي ) محض مخالب استنزاف بلطجية من وسطاء معاملات .
الأمر ومافيه ، صار المناسبة فرصة للفتك مما تبقى من حياتنا التي أردناها متوازنة فقط لاغير ، و افتراسا لإيماننا الصافي من آراء الفقه الريعي المتزوج مع البلطجة الطبقية اللعينة .
قبح الله من اغتال الفرح الجماعي النبيل .

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*