رداء النسيان” لإدريس الروخ: الرواية / اللوحة..

“رداء النسيان” لإدريس الروخ: الرواية / اللوحة..

عبد الإله الجوهري

نص المداخلة التي قدمتها مساء يوم 12 يوليوز 2024، في حفل توقيع الرواية، ضمن نشاط شبكة المقاهي المغربية، بمقهى ميلانو الثقافي.

أعرف الروخ منذ سنوات طويلة، أي منذ بداياته الأولى التي بدأ يشتغل فيها من أجل تأسيس مساره الإبداعي كمشخص بعد تخرجه مباشرة من المعهد العالي للتنشيط الثقافي والمسرحي.

تتبعت سنة بعد سنة مجمل مغامراته الفنية وانجازاته الإبداعية، باعتباري مخرجا، وقبل ذلك ناقدا سينمائيا، أي متتبعا لجمل ما تحقق ويتحقق في مملكتنا الشريفة من ابداعات.
أيضا رافقت إدريس كصديق عزيز، بعد أن توطدت علاقتي به، نهاية سنوات التسعينات من القرن الماضي، بأماكن مختلفة، خاصة ورزازات، المدينة التي كان يأتيها مساهما رفقة العديد من الممثلين المغاربة للمشاركة في أفلام أجنبية صورت بفضاءاتنا الجنوبية، إذ كنت وقتها مقيما بهذه المدينة المنذورة للخلق والإبداع السينمائي، مما سمح لي بالتقرب من عوالم العديد من الفنانين الشباب، الذين كانوا يزهرون وقتها بكل ألق وتالق، محاولين تكريس مكانتهم الإبداعية ومكانة السينما المغربية.
إدريس الروخ كان أكثر تصميما، من بين كل من عرفتهم من الشباب المبدع، على صنع تجربه خاصة، تجربة مختلفة عن الكثير ممن سبقه، أو من جايله، حيث لم يكتفي بالوقوف في نفس الدائرة المرسومة، والبقاء في حدود التشخيص على خشبات المسرح وأمام كاميرات السينما والتلفزيون، بل أصر على الإنطلاق نحو أفاق أوسع، والهروب نحو دوائر إبداعية أكثر رحابة، أساسا الكتابة للركح، والقراءات النقدية الخاصة بعروض مسرحية حية وفيلمية في عروضها الأولى، وأيضا تحليل نصوص من توقيع سادة الكتابة الشعرية والروائية المغربية والعربية. هذا دون نسيان ممارسته للإخراج المسرحي، وبعدها السينمائي والتلفزي، بل ويتفوق بشكل لافت في الدراما التلفزية، أضحت معها تجربته مرادفة لنجاحات الكثير من المسلسلات، أذكر هنا “بنات العساس” و”الجنين” وغيرهما من الأعمال التي يصعب حصرها في هذه الورقة.
تجربة الإخراج السينمائي، وإن كانت لم ترقى بعد إلى مستوى إنجازاته المسرحية والدرامية التلفزية، إلا أن أغلب أشرطته القصيرة سافرت في العديد من المهرجانات الدولية، وحصل بعضها على جوائز جد متميزة، كما أن فيلمه الروائي الطويل “جرادة مالحة” قدم دليلا على أنه يشتغل بهدوء على مشروع سينمائي خاص وفق رؤية فنية واعية، ستفاجأ، ولاشك، النقاد والجمهور في المستقبل، بالنظر للمشاريع التي ينوي تنفيذها، مشاريع أعرف بعضا من ملامحها الفنية الإبداعية، لأنني مطلع عليها بحكم الصداقة التي تجمعني بصاحبها، وصدقية الثقة الأدبية والإنسانية المتبادلة بيننا.

ما يؤكد فعليا حدسي ومعرفتي بقدرته، هو كونه يمتلك خلفية ثقافية بصرية تمتزج فيها معارفه العامة (شعر، تشكيل، رواية ،ملاحم…) بالصورة وثقافتها، والقدرة على التحكم في التقنية، التقنية التي أصبح يملك مفاتيحها بكل أريحية، وذلك بالنظر لاشتغاله المتواصل وراء وأمام الكاميرا دون انقطاع.
الجميل في هذا الفنان، أن إنجازاته لا حدود لها غير حدود الإنطلاق نحو عوالم أكثر فيضا ورحابة، أي نحو عوالم الخلق والمفاجآت السارة، الدليل على ذلك، أنه يتجول هذه الأيام، بين مدن مغربية مختلفة لتوقيع مؤلفه الروائي الجديد، الذي يحمل عنوان “رداء النسيان”، رواية يقدم من خلالها برهانا خلاقا على أنه لا يكتب من أجل الكتابة وكفى، بل يكتب بإصرار ذاتي، ودوافع ربانية مبدعة / ملهمة، حيث الفيض المعرفي لا متحكم في أسراره، وحدها الموهبة والصدق، ومعهما ندوب الروح، وجروح الصدر والقلب، ندوب مدينة الرباط، الحاضرة المنذورة للتجارب والكثير من العذابات، وهي تستقبل عشرات الطلبة من مختلف المدن المغربية. ومكناس الزيتونة، أو جذر المكان، ومرتع الطفولة والصبا. وبين هذا الفضاء وذاك، نواجه مسافة أميال في صحراء التيه والبحث عن مستقر، أي عن لحظات من الصفاء والعشق وتكريس الذات في مجال من المجالات.
إذا كان كاتبنا المسمى إدريس الروخ، وكما أشرنا، قد وجد ضالته أولا في فن التشخيص والوقوف فوق الخشبات وأمام كاميرات السينما والتلفزيون، هذا قبل المرور لعوالم إبداعية أخرى مختلفة، فإن سليمان، أو الشخصية الرئيسية في رواية “رداء النسيان”، ابن نفس المدينة التي ولد وقضى فيها الكاتب طفولته، كما أنه يشبهه باعتباره فنانا مع وجود الفارق، أن بطلنا وجد في الفن التشكيلي ضالته، وفي لوحة غير مكتملة مغطاة بقماش الكثير من الأسئلة التي لا معنى لها، لوحة ألهبت خياله وأرقت مخيلته، محاولا أن يجد لها معنى وجوديا، أن يكتشف مسربا لمعرفة كنهها، وجوهر وجودها المؤسس على الحرقة والدمع المراق فوق صفحات القراءات والعلاقات والثقة العمياء والصدف الحياتية المدمرة.
أنا ما هويت حبيبة إلا ودمرها هواي.
أنا ما اكتشفت حقيقة إلا وقد بترت يداي.
أنا ما كتبت قصيدة إلا وأخرس ألف ناي.
أنا لم يزر هذا التذكر خاطري إلا وأتلفني صباي.
أنا ماقصدت بداية إلا وأقبل منتهاي…
هذه أبيات من قصيدة “لا زال في القلب شيء يستحق الإنتباه” للشاعر المغربي وديع الأسفي، تلخص بشكل من الأشكال، ما خطه وعبر عنه الروائي في روايته “رداء النسيان”، لأنها أبيات تتقاطع مع ما سرده السارد بشكل نثري شاعري جميل في الصفحة 140:
“صور كثيرة تتدفق في حلمه، وتتراكم فوقه كبقايا النفايات.

تحجب عنه الرؤية. غمامة سوداء تضغط عليه فلا يرى سوى الظلام. كل شيء أسود برائحة كريهة ، ونفسه تضيق في صدره فيشعر بالإختناق. يصارع في مكانه ولا يتحرك.. كأنه مربوط في قعر الأرض.. وكأنه دمية في قبر.
يصرخ بلا صوت، يستنجد بأمه التي كانت بالقرب منه، فتمتد يدها وسط الركام وتنتشله كطفل صغيروتضمه إليها.

حينها يتسرب إلى عينيه ضوء شمس الصباح. يفتح عينيه على لوحة علقت أمامه كان قد رسمها قبل أن يلتقي سلمى.. لوحة زيتية لم يعرضها بكل المعارض التي شارك فيها . كانت لوحته هو.. كانت حياته هو.. كانت أمه.”.
الأم آه من الأم، المرفأ الأخير حين تتوالى الضربات والطعنات، الملجأ الذي يلجأ إليه سليمان عندما يحس بحر الطعنة وعمق الجرح، طعنة امرأة أحبها بجنون، فخانته مع أعز الناس، صديق وثق في صداقته فطعنه في الظهر بخنجر بروتوس، عادل أو بروتوس العصر الحالي، لم يكتفي فقط بالطعن والضرب، بل نصب له شرك النهاية، نهاية لم يكن مستعدا لها لأنها منسوجة بخيوط الغدر:
“غدر يسلط كنبل موجه يشل حركتك ويطيح بك أمام الجميع.. تماما كالذي حدث لأشيل، عبقري حرب طروادة الذي أصيب بسهم غادر وانتهى نهاية مأساوية.. نهاية لا تليق بقدرته على مجابهة الموت.
هكذا هي النهايات التي لا نستعد لها ولا نعد لها عدتنا.

نعتقد أننا في مأمن من كل ما قد يحدث للآخر، ولا نعرف أنه، في حقيقة الأمر، الآخر هو النحن.”. (ص 203).
الأم هي المفتاح والسر وعنوان الحياة، بصبرها وحكمتها ولبس ثوب الحداد لحظة رحيل معيل الأسرة، رحيل صوره السارد، وكأننا نتابع فصلا من فصول ملحمة اغريقية، الجوقة والبكاء والعويل والنواح، كما قدمها لنا، من خلال مجموعة مواقف وصور ذكرتنا بأمهات / بطلات السينما الخالدات في أفلام نذكر منها: “الأم الهندية” للمخرج الهندي محبوب خان، وفيلم “ريح الأوراس” للمخرج الجزائري محمد الأخضر حامينا.

امرأة تعض بالنواجذ على الأصل والفصل وتعليم الأبناء الحكم وسر الحياة، سر لم يفهم سليمان معناه كما فهمه باقي اخوته، وحده ابتعد عن معنى الشجاعة والواقعية، رغم ذكائه وموهبته وشهرته وفوزه بالجوائز الرفيعة، باعتباره فنانا تشكيليا موهوبا، فقلبه وجسده ظلا أضعف من أن يتحملا وزر الحب، رغم أن الأم كانت توصيه: “من خاف نجا، الخوف شجاعة ابق بعيدا ولا تقترب أكثر”. كما أنها حذرته من سلمى قائلة له:
“لا تستحقك .. لا تحزن على من لا يهتم بك يا بني، فالحياة أجمل من أن تضيعها مع شخص لا يقدر الحياة. سترى أن من آلمك يوما سيتألم كل يوم، ومن غدر بك في غفلة منك سيغدر به الزمان في يقظته من أمره، وبكامل فطنته وبدافع جشعه” (ص 66).
كان يجد العزاء في وصايا الأم، كما يجدها في جذر المكان، أي مكناسة الزيتونة، مكان الصبا ومرتع الطفولة التي يعود له بين الفينة والأخرى، للترويح عن النفس، والعيش في كنف الذكريات، لكنه لا يلبث أن يهرب منها، لأن مكناس لم تعد كما كانت من قبل، ذبلت الصورة، وغرقت في مستنقع الزمن المعمد بقبح الوقت، أضحت مدينة/مكانا غارقا في اليأس والإحباط والنسيان:
“كان التاكسي يطوي الطريق ببطء، كما لو أنه كان يعلم أن سليمان يعيد شريط الأماكن التي اختفت من ذاكرته مدة من الزمن.. ينظر إلى ماضيه ويأسف لما حدث لمدينة مكناس التي تغير لونها وفقدت بهجتها واختفى الضوء منها وانقلب حالها. أصبحت شاحبة، ولم تعد كما كانت من قبل. اختفى جمالها وسط هذه الأجساد الذابلة التي تؤثث شارعا ضخما انقلب سوقا تجارا يضم كل من لا شغل له.” (ص 86).
سليمان، طيلة صفحات الرواية، كان ينوء تحت ثقل الواقع والإحساس بخواء اللحظات، السبب، الثقافة الشاسعة التي كان يتمتع بها، والوعي الحاد الذي حول حياته الى جحيم، وعي بما آلت إليه الأوضاع في البلد، وكما يقول المثل المغربي: “ما فالهم غير اللي كيفهم”، وهو ما عبر عنه السارد معبرا عن واقع حال سليمان وفلسفته في الوجود:
“الوعي دودة تنخر المخ، على حد قول الفيلسوف سارتر.
الوعي عزيز جدا، لا تكتسبه إلا بعد أن تتذوق مرارة المواقف، وتشرب من كؤوس التجارب، وتدفع ضرائبه من ذاتك..”. (ص 220).
ورغم تحذيرات الأم، ونصيحة رجل عجوز بمحطة الأمير عبد القادر بأن لا يسافر الى الرباط، إلا أنه يصر على ركوب الطيش والعناد، والتمسك بأهداب البحث الذي يقود الى الخيبات، وهي خيبات جعلت من سليمان أوديبا معاصرا “يسمل العينين: اللتان لم تعودا قادرتين على النظر في شمس الحقيقة، حقيقة بأقنعة متعددة، وشخصيات يراها ولا يراها، بل يلتقي بها ولا يلتقي، زينب وفتاة الفندق والعجوز وعادل وسلمى المرارة..
“ليس دائما البحث عن الحقيقة خلاصا للروح، فللحقيقة أوجه متعددة، قد تقودك الى الحياة. كما قد تؤدي بك الى الموت.

قد تدمر فيك الانسان، وقد تبعث ملائكة الرحمان ينشرون بداخلك السلام..” (ص 249).
ومهما حصل، لأن الذي حصل قد حصل، فإن التجربة كان لها انعكاس خلاق، لوحة تشكيلية لسيدة تطل على ماضيه، تدعوه الى الحفر في خلاياه الداخلية كما الخلايا العقلية، وتنبش في مخزون قلبه الذي كان مقفلا، أي محاولة فتحه بريشته وألوانه في فضاء مرسمه السري البعيد عن عيون الفضول، لوحة جاءت مقترنة بأسئلة وجودية رماها في وجهنا السارد قبل أن ينسحب تاركا لنا مساحات من الدهشة واللذة وقلة معرفة الأسباب التي تجعل سليمان يقف “منهزما” أمام قدره، مصيره، مطلا على الأمل، أمل يشبه أمل بيكيت العبثي في مسرحية “في انتظار غودو”. يردد السارد:
“ما معنى أن يستيقظ بداخله وحش الذكريات دون أن يبارزه وينتصر عليه؟.
ما الذي أوصله الى بيتها؟.

ألم تفشي سر وجود عادل في غرفة نومه يعبث بكبريائه ورجولته؟.
لم فجأة رسم لوحة لسيدة تطل على ماضيه وتدعوه الى الحفر في خلاياه الداخلية كما العقلية، وتنبش في مخزون قلبه الذي كان مقفلا، وفتحته ريشته وألوانه بمرسمه؟.
ما السر في هيجان الذكريات عليه بعدد الثواني والدقائق والساعات التي عاشها في غفلة منه وبعد النطحة المميتة؟.
هل يعقل أن يعود سليمان الى الماضي بطريقة كهذه دون أن يغرز سيفه في ظهر الثور، ويرفع قبعته الى السماء تحت تصفيقات الجماهير، ينشد عزف نصر يستحقه بعد معاناة طويلة مع النسيان؟.” (ص 252/ 253).
وأنا أصل إلى السطر الأخير من الرواية، وجدت نفسي أردد بكثير من الإعجاب والدهشة: أي مخزون لغوي يمتلكه الكاتب / الروائي حتى يستطيع أن يغرقنا في فيض محبة اللغة العربية وشاعريتها اللافتة، وأن يجعلنا نعانق نصا روائيا يرتدي رداء الشعر والشاعرية، إلى حد أنني في بعض الفقرات من النص، كنت أخاف على نفسي وعلى الكاتب من التيه، تيه الكتابة والانزلاق في دنيا التنميق والتجميل، واختيار اللفظ بشكل جد مفكر فيه، مع تزويق العبارات على حساب المعنى وتطور السرد. إلا أنه، وعلى حين غرة، وقبل أن يضيع ونضيع معه، يعيدنا إلى عالم الرواية بلغتها الخاصة، ويمعن في تكريس الروائية بتخليص مؤلفه من الشاعرية الزائدة، بطريقة سلسلة بعيدة عن التحذلق اللغوي الذي يقع فيه الكثير من كتاب النصوص الروائية العربية.
العمل في محصلته النهائية، وكما أحسست به، وأنا أغامر في قراءة ما وراء السطور، وافتح كتاب الروخ المكنون، وأحاول جمع شظايا الذاكرة، وطرح التساؤلات الغارقة في لجة البحث عن أجوبة من خلال تتبع فراشات ملونة وأحصنة مسرجة بروح الروح، نص روائي ابداعي يستحق القارئ أن يسافر معه بكل اطمئنان، وأن يغامر بطرح أسئلة بكل شغف الأسئلة، وهي الأسئلة التي شغلتني شخصيا بعد الوصول للصفحة الأخيرة من الرواية، أسئلة من قبيل:
– هل معاناة سليمان هي معاناة كل فنان، لم يستطع التخلص من عاطفته الزائدة في مقارعة أنواء الحياة، ومجابهة محن الحب والخلق والإبداع؟.
– لماذا لم يتحلى السارد بالشجاعة ويبوح لنا بحقيقة الشخصية المسماة سليمان، الفنان الذي تتقاطع ملامحه بشكل رهيب مع ملامح الروائي، وتتشابه إلى حد بعيد مع سيرته الشخصية، سواء من خلال مساره، أو مجموع الأمكنة التي عاش فيها وعايش من خلالها الأحداث والتحديات؟.
– وأخيرا، هل يمكن اعتبار “رداء النسيان” رواية سيرية مقنعة، تعرض علينا تجربة الكاتب الذي اختار عن وعي، أن يتوارى للخلف تاركا مساحات شاسعة للأسئلة، الأسئلة التي تؤرق القارئ، وتدفعه إلى البحث الذكي، من خلال محاولات لاستكناه سر الأسرار ومعرفة سير الأخيار؟.
أسئلة أتمنى أن يجد لها القراء أجوبة، من خلال قراءات واعية، قراءات لا تكتفي بقراءة النص وكفى، بل تحاور البنية الداخلية للرواية وتفكك أسراره الإبداعية، وتنفذ من خلاله لعالم إدريس الروخ، الفنان والكاتب وقبل ذلك الإنسان، الذي يحمل تجربة خاصة ملؤها تحدي القهر ولوعة الفراق، فراق مكناس/ المدينة الأليفة على القلب، ورحيل الأم، الشاطئ / الملجأ الأخير الذي أنقذه من الغرق / الموت، بعد ما غرقت السفينة ولم يبقى منها غير شراع ممزق وألواح خشبية طافية تحمل روحا تائهة ..

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*