الفراشة المحترقة

فنجان بدون سكر:

بقلم عبدالهادي بريويك
اليراعة كانت في قوقعة مهملة بين عناكب الدهر والزمان، وكان لها في الأصل احترام، بين فراشات الحال والمحال كان لها أعظم خال، الفراشة انطلقت في بستان الشهوة واللذة وسقطت في الخطيئة، وغامرت كثيرا ولم تقبلها كل الفراشات ولم تدخل كل البيوت ، تمردت الفراشة بغاية الحرية وتصادقت مع مختلف الحيوانات، سهرت ودخنت وبكت وعاشت منتهى الشهوة بحماقات، إلى أن أتى حشرة أحس بظلمها ولملمها من السقوط ومن الخوف حماها، واحترمها وأحبها، بكل ما لديه من أحاسيس وتزوجها على مذهب الفراشات اللواتي تعشن على مذهب الحب والحياة وقد تناسى معها كل ماضيها بكل الزلات.
اليراعة صارت فراشة وداخل الغابة ، بفضل زوجها صار لها كلمة وموقف، رأي وغايات، وتناست زوجها الذي آواها وحماها من كل الحيوانات، والحشرات، وغابت عن ذهنها معنى الحب الحقيقي فاستفاقت ، ناهضة، مستنهضة، متمردة ، شاخصة الأبصار ضد زوجها، بعدما صار لها ذيع في الغابة الحمقاء.
اليراعة صارت فراشة، أنجبت يراعات، فتنكرت للجميل ونادت بالطلاق ، الفراق، منادية باسم لغات الغيرة التي لا تليق إلا بتربية النفاق، صار حلمها أكبر كما صارت أفكارها مشوشة انطلاقا من كون الفراشة عيونها مشتتة.
تاه زوجها بعد قلق شديد ، وبحيرة شديدة وتألم كثيرا، لموقفها وهو المنقذ لحالها فتذكر الشاعر دنقل حينما قال :
لا تصالحْ! ..
ولو منحوك الذهب أترى حين أفقأ
عينيك ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
هل ترى..؟
هي أشياء لا تشترى..:
انسجمت الفراشة في غوغائية حديث صديقاتها ونسيت زوجها حتى انتفض الدود من حولها ضحكا بعدما آمنت ببيع عيون لا تباع ولا تشترى ، فضاع الحب من بين أحضانها وأعاد لها القصيدة حبا علها تفهم الرسالة ..
أتى الساحر والساحرة من حولها وعلموها تراثيل القرآن وما سواه وقد ترقت في مستواها داخل الغابة الحمقاء وجعلت حب زوجها لها من دماء الفراشات الشهداء.