swiss replica watches
حكومة كفاءات أم تصريف الأعمال؟ ! – سياسي

حكومة كفاءات أم تصريف الأعمال؟ !

كثيرة هي الأقوال التي تظل خالدة في الأذهان خلود الإنسان، لما لها من صدقية وتحمله من عبر، ونذكر هنا المثل القائل: “ليس في القنافذ أملس”، الذي يكاد ينطبق على كل المنتمين لأحزاب الإسلام السياسي في الوطن العربي. وليس غريبا أن نجد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية ورئيس الحكومة سعد الدين العثماني، يسير على خطى سلفه في الأمانة العامة للحزب ورئاسة الحكومة عبد الإله ابن كيران، من حيث الارتجال في اتخاذ القرارات الحاسمة والتصريحات العشوائية، فضلا عن سوء تدبير الشأن العام واعتماد سياسة الترقيع في معالجة عديد الملفات والقضايا…

فالعثماني شأنه شأن ابن كيران في الافتقار إلى الكثير من مواصفات المسؤول الناجح في مهامه، القادر على رفع التحديات وكسب الرهانات بما يلزم من حكمة واستشراف آفاق المستقبل، حيث يغيب عنه الحس بالمسؤولية وروح المواطنة، سواء في ما يرتبط بترشيد الموارد البشرية والمالية أو في حسن تدبير الزمن السياسي، وتنقصه القدرة على الخلق والابتكار. ولا غرو أن نجده هو أيضا يعتمد في حل الإشكالات المطروحة على الحلول السهلة التي من شأنها إثقال كاهل الطبقات الفقيرة والمتوسطة بالضرائب المباشرة وغير المباشرة، وإغراق البلاد في مستنقعات المديونية، بانصياع تام لتوصيات صندوق النقد الدولي والبنك العالمي.
ولا أدل على تخبطه وتحجر عقليته سوى فشله الذريع في معالجة عدة ملفات هامة وتدبير الخلافات والأزمات، حيث لم تستطع حكومته إعداد تصور لبرنامج تأهيل التكوين المهني الذي كلفه به الملك محمد السادس داخل الأجل المحدد، كما أخفق في إقناع أغلبيته الحكومية ببلورة مشروع نموذج تنموي جديد، مما اضطر معه الملك مرة أخرى إلى إسناد المأمورية إلى لجنة خاصة. وزاد أن جعل المغاربة ينتظرون طيلة شهرين للإعلان عن الهندسة الجديدة لحكومته، بعد أن كان خطاب العرش دعا إلى التعجيل باقتراح شخصيات ذات قدرات عالية وعقليات جديدة، لإغناء وتجديد مناصب المسؤولية في الحكومة والإدارة، تكون قادرة على المساهمة في إنجاح المرحلة القادمة، من خلال تطوير مستوى العمل والارتقاء بجودته، وإحداث التغيير المأمول نحو الأفضل، لاسيما أن المغرب مقبل على مواجهة تحديات اقتصادية واجتماعية كبرى.
بيد أنه وبعد التهليل الكبير بتقليص أعضاء الحكومة من 39 إلى 24 عضوا، يفاجأ المغاربة بأن الحكومة في صيغتها المعدلة، بادرت بسرعة البرق دون قيام رئيسها بإشراك الوزراء الجدد في مراجعة التوجهات العامة لمشروع قانون المالية برسم سنة 2020 قبل عرضه على البرلمان، إلى المصادقة عليه في اجتماع المجلس الحكومي الأسبوعي المنعقد يوم الخميس 17 أكتوبر 2019.
والغريب أنه سعيا إلى محاولة سد ثقوب الميزانية والتحكم في العجز الحاصل، تم الاعتماد كالعادة على عدد من الإجراءات والتدابير التي لا نعلم إن كانت “الكفاءات” الوافدة حديثا مقتنعة بها أم لا، والمتمثلة في العودة إلى رفع شعار “عفا الله عما سلف” أمام مهربي الأموال إلى الخارج، عسى أن تأخذهم الرأفة به والاستجابة لدعوته باستردادها. تقليص مناصب الشغل من 25572 إلى 23112، لأجل تخفيض كتلة الأجور، الرفع من قيمة الرسوم على الخمور والتبغ، فسح المجال للمزيد من خوصصة المؤسسات العمومية والمراهنة على التساقطات المطرية وانخفاض السعر العالمي للنفط…
فنحن ليس لنا أي اعتراض على ترشيد النفقات حالا ومستقبلا، خاصة منها تلك المرتبطة بتسيير الإدارة، عبر الحد من الإسراف في استهلاك الماء والكهرباء والاتصالات والنقل والتنقل داخل البلاد وخارجها وكراء المقرات والاستقبالات في الفنادق الكبرى وتنظيم الحفلات الباذخة والمؤتمرات ومصاريف الدراسات واقتناء السيارات وكرائها… ولا على تضريب الكحول والتبغ ثانية بغرض إنعاش الميزانية التي ما فتئت مداخيلها تتراجع، والحد من اتساع دائرة الاستهلاك. ومن حق رئيس الحكومة أن يحلم بتحقيق معدل نمو في حدود 3,7 بالمائة، ومعدل عجز الميزانية في 3,5 بالمائة، تبعا لفرضيات أعضاء فريقه في نسخته الأولى ببلوغ محصول الحبوب إلى 700 مليون قنطار وانخفاض سعر برميل البترول، وأن يذهب في توقعاته لعام 2020 إلى وصول الإيرادات الضريبية على الخمور والكحول إلى زيادة أكثر من مائة مليون درهم، وأن يمثل الرسم المفروض على التبغ المصنع موردا آخر أكثر أهمية من الجعة والكحول بزيادة حوالي مائتي مليون، مقارنة مع السنة الحالية 2019.
بيد أننا في المقابل نعترض على الاستمرار في استنزاف ميزانية الدولة بأجور و”معاشات” كتاب الدولة الأشباح والوزراء المبعدين جميعا من النسخة الثانية للحكومة، والتمادي في سياسة التقشف التي لا تستهدف عدا الطبقات الفقيرة والمتوسطة، والزيادة في الضرائب على المواد الاستهلاكية، فيما تستفيد طبقة رجال الأعمال من الإعفاءات الضريبية بالملايير… فلم لا يتم اللجوء إلى الضريبة على الثروة، لما لها من أهداف اقتصادية واجتماعية في تحقيق العدالة الجبائية وتكريس قيم التضامن والتآزر في المجتمع، وإقرار العدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الثروة بين مختلف الفئات الاجتماعية؟
وبصرف النظر عما يوجه من انتقادات لاذعة لرئيس الحكومة حول هدر الزمن السياسي وسوء تدبيره لعدة ملفات بما فيها التعديل الحكومي نفسه، فإننا نتساءل عن جدوى تطعيم حكومته ب”كفاءات”، لن تعمل سوى على تنفيذ قانون مالي ساهم في إعداده وزراء ثبت أنهم غير مؤهلين لمواصلة القيام بمهامهم، ونخشى أن ينحصر دورها فقط في تصريف الأعمال والترتيب لتشريعيات 2021 خلال الشهور القليلة المتبقية ؟
اسماعيل الحلوتي

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*