swiss replica watches
اليمين واليسار – سياسي

اليمين واليسار

 

النصوص الكبرى

ترجمة وعرض: عبد الكريم وشاشا

22 مارس 2018

تقديم

أفردت مجلة ” لوبوان – المراجع ” لشهري مارس/ أبريل 2018 النصوص الكبرى المؤسسة التعريفية لقيم اليسار واليمين وينابيعها السياسية والاجتماعية والثقافية الفلسفية .. ورغم النزعة المركزية الأوروبية وخاصة الفرنسية المفرطة في تقديم هذه النصوص تبقى رغم ذلك مضيئة.. وتأثيراتها بعيدة المدى والأثر تحتم علينا الوقوف عندها كلحظات أساسية ومفصلية في الفكر السياسي وكذا التحولات المفارقة في مسار أعلامها من اليمين إلى اليسار ومن اليسار إلى اليمين.. دفاعا عن الاشتراكية والحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة والهوية والليبرالية والإصلاح والتنمية المستدامة والديمقراطية والسيادة .. الخ

عن اليمين

يعتبر ألان دو بينواست Alain de Benois من التحولات الملفتة التي اعترت اليمين.. وهو المفكر الرئيسي لما يسمى اليمين الجديد وصاحب خطاب القطيعة مع الموضوعات الرئيسية لليمين التقليدي.. قطيعة ثقافية أولا لأنه يرى بأن المعركة الثقافية لها الأولوية في الصراع السياسي، فهو ينصب نفسه “غرامشي اليمين” نسبة للمفكر الماركسي الإيطالي أنطونيو غرامشي؛ فبحسبه على اليمين أن يستعيد من اليسار السلطة الثقافية للوصول إلى السلطة والهيمنة السياسية..قطيعة أيضا لأنه يعارض مواقف اليمين الفرنسي في ذلك الوقت (1968) والتي هي مواقف لا تخرج عن نطاق برنامج حلف الشمال الأطلسي .. فاليمين الجديد يستنكر الامبريالية السياسية وخاصة سيطرة الثقافة الأمريكية (….)

هذا الرفض القاطع من قبل اليمين الجديد وإصراره كي يتميز عن “اليمين القديم” وكذلك عزيمته لتشكيل جبهة جديدة لحماية العالم من موجات كاسحة لازلنا لم نطلق عليها بعد اسم العولمة ..كل هذا نجده في كتابه: ” اليمين: القديم والجديد ” (1979) ..

وقد استمر اليمين الجديد في إصداراته وأعماله الثقافية سنة 2018 من خلال ثلاثة مجلات: المدرسة الجديدةNouvelle Ecole ، التي تحاول في أبحاثها مراجعة الأعمدة الثقافية لليمين الأوروبي، ثم عناصر Éléments وهي ذات خط تحريري سياسي مباشر و Krisis وهي التي يأمل من خلالها ألان دو بينواست Alain de Benois المساهمة في تطوير النقاش الثقافي لتجاوز الانقسامات السياسية.

عن اليسار

وفي المقابل وفي الجهة المعاكسة، نجد أحد القامات الأكثر تمثيلية لفكر اليسار ولقيمه التحررية المناضل الأممي وإيقونة الكفاح ضد الاستعمار والاضطهاد فرانز فانون Frantz Fanon وتساؤلاته الفلسفية والوجودية و.. السيكولوجية.. باعتباره طبيبا نفسانيا، حول الحرية والاستقلال: كيف لمن ذاق مرارة الاستعمار من اضطهاد وتنكيل وتحقير .. أن يتخلص من الاستلاب ليغدو إنسانا حرا ؟

في كتابة الأخير الذي أطبقت شهرته الآفاق ” معذبو الأرض ” والذي كتبه سنة 1961 وهو في مرحلة متقدمة من مرض سرطان الدم، أطلق من خلاله هذا المتمرد الأنتيلي (نسبة إلى جزر الأنتيل) صيحة إنذار حقيقي حول مستقبل البلدان التي تعيش أو عاشت الاستعمار؛ ورغم المنع الذي تعرض له ومصادرته من قبل السلطات الفرنسية، نقل هذا الكتاب إلى لغات عديدة، وعرف في عز الحرب الجزائرية نجاحا وتداولا بلا حدود.

في نهاية نوفمبر 1961، وفرانز فانون في المستشفى، سيحمل له ناشر الكتاب فرانسوا ماسبيرو نسخة من كتابه الحديث الصدور، وبمقدمة خطها الفيلسوف الكبير جون بول سارتر، وبعد أيام قليلة فقط، سيلفظ أنفاسه الأخيرة وسيوارى جثمانه بالجزائر طبقا لوصيته الأخيرة.

وبعنوانه المستوحى من مطلع النشيد الثوري للأممية ” هبوا، معذبو الأرض” أو ضحايا الاضطهاد، سيعرف هذا الكتاب الذي هو بمثابة وصية انتشارا كبيرا داخل حركات التحرر العالمية المناهضة للاستعمار بكل أشكاله القديمة والجديدة، وسيصبح من الأدبيات الكلاسيكية لقوى الكفاح والحرية..

استقر فرانز فانون الطبيب الشاب ذو 36 ربيعا في مدينة البليدة بالجزائر وهي المدينة التي عاش فيها أربع سنين، كان يعاين بنفسه وعلى أرض الواقع حالات الاغتراب المأساوية الناتجة عن الاضطهاد والتعذيب والاحتقار .. وهذا ما دفعه أخيرا الالتحاق بالمقاومة الجزائرية من أجل الاستقلال والانخراط في صفوف جبهة التحرير الوطني سنة 1954، وستقوم السلطات الاستعمارية الفرنسية بعدها بنفيه من الجزائر سنة 1957..

لا ينصب فانون نفسه ناطقا رسميا باسم الحرب على الاستعمار وتحليل نظامه ومخلفاته الوخيمة على الشعوب فحسب، ولكنه أيضا يسبر أغوار طرق وشروط ممكنة للتحرير من قيود الاستعباد والاستلاب من خلال برنامج ثوري مركزه ” الإنسان الجديد ” كفاعل ومؤثر في تاريخه ويملك بيديه مصيره السياسي.

كيف لنا أن نتجاوز توتر وتناقض ثنائية المستعمر (بكسر الميم) والمستعمر (بفتح الميم) يتساءل في فقرته الأولى من كتابه: بالعنف وحده، وبالكفاح المسلح كمرحلة ضرورية للتحرير، وهو نفس ما عبر عنه جون بول سارتر في مقدمة الطبعة الأولى من الكتاب..

في عالم كولونيالي ” مجزئ ” ولتفكيك الاستعمار لا بد من العنف ليعانق الفرد المستعمر (بفتح الميم) الحرية، حتى تكتمل بذلك إنسانيته، وتحميه أيضا من القبلية والطائفية ، وتربط مصيره مع الشعوب المكافحة.. ولكن الكاتب سيذهب أبعد من ذلك عندما يضيف إلى قضية إزالة الاستعمار قضية العرق، فبالنسبة له، إذا كانت قضية التحرير من الاستعمار ستدمر بشكل كامل التناقض القاتل بين المعمر والمستعمر، فإنها في نفس الوقت ستزيل كل ميز عنصري عرقي..

ف” معذبو الأرض ” ليس فقط سلاح حرب ضد الكولونيالية، ولكنه استمرار لمشروع فانون الذي بدأه منذ كتابة الأول الصادر سنة 1952 ” جلد أسود، أقنعة بيضاء “: تفكيك ميكانيزمات النقص والدونية.. فتحرير السود كسود هو طريق مسدود لا يؤدي إلى أي شيء ..

بعد سنوات، وإبان اندلاع حرب الفيتنام، سيغوي هذا الكتاب العديد من حركات السود الأفرو – أمريكية وعلى رأسها منظمة الفهود السود .. كما سيصبح مرجعا أساسيا للدراسات والأبحاث ما بعد الاستعمار.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*