احمد الريسوني و الاجهاض …جاوب المجتهد
سياسي/ الرباط
ما وقع للصحفية الشابة هاجر الريسوني لا يقتضي فقط التضامن و المواساة بل يستدعي الادانة و الاستنكار و التحرك الواعي و المسؤول للدفاع عنها و الوقوف بجانبها ، فهي ضحية قوانين متخلفة تتنافى مع التراكمات الديمقراطية و الحقوقية التي اقرها المغرب، و تقيد حرية المراة و تحجر عليها و تصنفها في مرتبة ادنى من الرجل .
لكن ما وقع لهاجر الريسوني كشف ايضا عن واقع خطير يعتري ساحتنا السياسية و الحقوقية ، ابطاله مناضلون من “ورق” يستعملون الدين ” نفاقا” للوصول الى غاياتهم و اهدافهم المشبوهة و الملتبسة ، و لا يتونون في الكيل بمكيالين اتجاه القضايا التي “يناضلون” زورا من اجلها ، حسب من تشمله هذه القضايا.
فموقف “الفقيه” احمد الريسوني الاخير اتجاه ابنت اخيه ” هاجر الريسوني” ، يختزل بشكل كبير واقع هؤلاء الاسلاميين المتسم بالنفاق و الكذب ، و قصر الحقوق عليهم و على بني جلدتهم دون سواهم من الناس .
الفقيه ” الريسوني” الذي ملئ الدنيا بصياحه ضد الاجهاض ، و ابتدع كل الحجج الدينية لدحضه و رمي المدافعين عنه بكل الصفات القدحية و المسيئة ، لم يبتلع لسانه اليوم في قضية هاجر ، بل اخرج عينيه الى اقصى الحدود ، و جعل قضية الاجهاض ثانوية و غير ذات معنى ، و زاد عن ذلك ان الله سيجزي الاجر لهاجر، و، رمى بالكرة الى معترك السياسة ، و جعل من ابنت اخيه ضحية مواقفه و اراءه .
نعم التضامن مع هاجر واجب على كل المدافعين عن الحقوق و عن الحداثة و عن الديمقراطية و الحرية ، لكن هذا التضامن ، لا يمكنه باي حال من الاحوال ان يجعلنا نتغاضى عن النفاق و الارتياء الكبير الذي اظهره الريسوني ، الذي نسي كل مواقفه و غزواته و صولاته و هجماته على كل المدافعين عن الحقوق الفردية و من ضمنها الاجهاض .
فلا يمكننا اليوم ان نجعل من هاجر و قضيتها العادلة مخرجا لتجاوز حقارة عمها الريسوني و كذبه على المغاربة ، و لا يمكننا ان نقبل باعلانه حضور زفافها بمثابة صك غفران او تجاوز يمسح كل ما قاله و ما افترى به .
فالمناضل او الانسان الجاد و المبدئي و المتخلق هو من يتمسك بمبادئه و يدافع عنها حتى امام ابنائه و اقاربه ، وخلق حالات الاستثناء في المبادئ ، يكشف حقيقة المدافع عنها و يعري كذبه و نفاقه .
فالريسوني الذي عطل فتوته بوجوب الدية عند الاجهاض في حالة ابنة اخيه ، اظهر حقيقة هؤلاء الاسلاميين و كشف عورتهم للجميع ، و ابان بشكل لا يدع مجالا للشك ،انهم ليسوا الا مجموعة من الكذابين و المنافقين ، الذين لا يهمهم لا الدين و لا الاخلاق و لا المبادئ ، فلا هم لهم الا مصالحهم و ما سيحصلون عليه من منافع و مكاسب .
عندما كان الريسوني يصدر فتاواه ضد الاجهاض و الحقوق من فراشه الوثير في قطر ، لم يكن يعتقد ان الدوائر تدور ، و انه كما يقول المثل الشعبي ” اللي ما خرج من الدنيا ما خرج من عقايبها ” ، فكل ما كان يهمه هو تنفيذ الاجندة السياسية و الايديولوجية لداعميه و رعاته و ممولي تنظيمه ” المشبوه” ، لكنه اليوم سيواجه بسؤال ” جواب المجتهد ” .