swiss replica watches
عندما يصبح الحق واجبا – سياسي

عندما يصبح الحق واجبا

عندما يصبح الحق واجبا…الجزء الأول

د..وصفي بوعزاتي

التصويت الإجباري هو نظام يتم فيه إلزام الناخبين بالتصويت في الانتخابات أو الحضور لمكان الاقتراع في يوم التصويت.

إذا لم يحضر الناخب المؤهل لمكان الاقتراع، فربما يتعرض لعقوبات تأديبية مثل الغرامات أو الخدمة المدنية أو العسكرية.

تقيم الدول التي تطبق نظام التصويت الإجباري انتخاباتها في يوم السبت أو الأحد بدلا من يوم الجمعة (المغرب) من أجل إتاحة الفرصة للعاملين للتصويت.

ويمكن للأشخاص الذين لا يستطيعون التصويت في يوم الانتخابات أن يقوموا بالتصويت عن طريق البريد أو عن طريق التصويت المبكر أو عن طريق تطبيقات الكترونية (كثير من الدول تعتمد التطبيقات الالكترونية)، كما يتم توفير كبائن تصويت متنقلة لزيارة دور العجزة والمستشفيات لخدمة المواطنين الذين يعجزون عن الحركة. الآراء في هذا الخصوص متباينة و المواقف متعارضة كلٌّ من موقعه و حسب قناعاته الفكرية و السياسية.

هناك من يرى بأن أيّ نوع من الإجبار يؤثر على حرية الفرد و على حريته في التعبير، بمعنى أدق التصويت حق مدني، بدلاً من كونه واجباً مدنياً. وإذا كان من حق المواطنين التمتع بحقوقهم المدنية (حرية التعبير، الزواج..الخ) فهذا لا يعني أنهم مجبرون على ممارستها.

و هناك من هو مؤمن بأن العملية السياسية بطبيعتها فاسدة ويفضل التقليل من مشاركته الشخصية في الأمر.

و أيضا الكثير و خصوصا الشباب منهم يعتقدون بأن معدل المشاركة المنخفض في الإنتخابات الطوعية ليس بالضرورة تعبير عن استياء الناخب أو لا مبالاته بالسياسة، بل هو تعبير عن رغبة الناخب السياسية و رفض لواقع سياسي يتسم بالعبث.

بالمقابل نجد فئة أخرى تعتبر بأن التصويت الإجباري يضمن مشاركة أكبر للناخبين، مما يعني أن المرشح أو الحزب المنتصر يمثل بشكل واضح أغلبية السكان، وليس فقط أولئك الأفراد المهتمون بالسياسة والذين سيقومون بالتصويت بدون إجبار ففي بلدنا، فقط خمس ملايين ناخب يصلون إلى صناديق الاقتراع من بين واحد و عشرون مليون ككتلة ناخبة سنة 2021 مما يعكس نسبة العزوف المخيفة و التي تستفيد منها الجماعات المصلحية الخاصة عن طريق شراءها للذمم (كلما قل العدد كلما سهل التحكم فيها) أو من يعتمد على بنيات تنظيمية ذات ايديولوجية دينية بقاعدة ثابتة.

يشير المعلق السياسي جوناثان ليفين إلى أن القادة السياسيين الذين ينتصرون في الانتخابات تحت نظام تصويت إجباري يمكنهم إدعاء قدر أكبر من الشرعية السياسية من أولئك من نظرائهم الذين ينتصرون في انتخابات لا تطبق التصويت الإجباري والتي يقل فيها إقبال الناخبين على التصويت.

هناك من يرى بأنه إذا كان الناخب لا يرغب بانتخاب أي من الخيارات المتوفرة، فيمكنه تقديم ورقة اقتراعه فارغة، أو غير صالحة و هذا أفضل من عدم التصويت لأنه ينفي احتمالية أن يكون الشخص تم تهديده أو منعه من التصويت. بعض السلطات تتيح للناخب أن يختار “لا أحد مما سبق” إن كان لا يدعم أي من المرشحين، وذلك لإظهار امتعاضه من قائمة المرشحين بدلا من التعامل بلامبالاة مع العملية الانتخابية برمتها.

و هناك من يرى بأن التصويت الإجباري قد يشجع الناخبين على البحث ودراسة مواقف المرشحين السياسية بشكل أكثر دقة، بحكم أنهم سيصوتون على أية حال، فربما يدفعهم هذا الإهتمام بطبيعة المرشحين السياسيين الذين سيمنحونهم أصواتهم، بدلا من عدم المشاركة.

وهذا يعني أن على المرشحين طلب ود جمهور أوسع، بدلا من جزء صغير من المجتمع. ينتج عن هذا أيضا، أنه يصبح من الصعب على الجماعات المصلحية الخاصة و الجماعات الدينية الوصول إلى سدة الحكم، أو أن يؤثروا على المرشحين ذوي الاتجاه المعتدل والسائد.

تحت نظام لا يجبر على التصويت، فإن تصويت عدد أقل من الناس يعني أنه من السهل على الجماعات المصلحية أو جماعات الضعط السياسي و الجماعات الدينية تحفيز جزء صغير من المجتمع للتصويت لمرشح معين، وبالتالي قد يتحكمون بنتيجة العملية السياسية.

بينما نجد أن نتيجة الانتخابات عندما يكون التصويت إجباريا تعكس رغبة الشعب بشكل أكبر وذلك بدلا من أن تكون الانتخابات سباقا حول من يستطيع إقناع الناس بالتفرغ للتصويت.

و على ضوء الأصوات التي دعت مؤخرا إلى تأجيل الانتخابات التشريعية المقبلة و إفراز حكومة تقنوقراط خارج التعاقدات الديموقراطية لدستور 2011، أود التأكيد على أنه من المستحيل وأد جميع التراكمات الديموقراطية التي اكتسبناها منذ حكومة التناوب الديموقراطي و أن الأمر سيكون ضرب من عدم لكل هذا المسار بإيجابياته و سلبياته.

الأكيد أن المشاكل التي تتخبط فيها جميع الاحزاب السياسية ما هي إلا نتيجة حتمية لعملية البلقنة التي عاشتها ووتعيشها الاحزاب المغربية، و ما تتعرض له من تدخل في شؤونها الداخلية، و عبر رسم معالم الخارطة السياسية و مكان كل حزب داخلها. الأمر الذي أفقدها بريقها و جاذبيتها.

بات من الظروري اليوم، التفكير جماعة في مغرب ما بعد كورونا بنفس وحدوي و مسؤول، يستحضر مصلحة المواطنين و الوطن و بعيدا عن أنانياتنا القاتلة… و أحد أبرز النقاط ما بعد الجائحة، الاشتغال على سبل قطع الطريق أمام تجار الفقر و المآسي و تجار الدين… عبر تغيير شامل و مسؤول لقانون الانتخابات مع اجبارية التصويت.

د. وصفي بوعزاتي

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*