swiss replica watches
مسألة القاسم الانتخابي ونمط الاقتراع بالمغرب – سياسي

مسألة القاسم الانتخابي ونمط الاقتراع بالمغرب

 

عصامم خربوش
باحث في علم الاجتماع السياسي ومجالات الحكامة

لا مراء أن النقاش الذي يحيط بمسألة القاسم الانتخابي عشية اقتراع صيف وخريف 2021 ليس إلا جزءا يسيرا من مادة معرفية دسمة، تعيد إلى الأدهان البعض من تلك التجاذبات وأشكال الصراع التي واكبت الحياة السياسية المغربية، المحكومة بخصوصية ثقافية ذات أصول إسلامية وعربية/ إفريقية، والمتأثرة بالديمقراطية الغربية نظريا وممارسة، مما جعل العديد من الحلول التقنية للإشكالات المجتمعية تتطلب زمنا طويلا للاختيار بينها وأحيانا من أجل تفعيلها على أرض الواقع.

هكذا وبعد ما يناهز ستين سنة تلت أول تجربة انتخابية ببلادنا، لايزال سؤال نمط الاقتراع عندنا في انتظار إجابة حاسمة تحت عنوان عريض، يلخص معنى النضج السياسي الذي يرسخ ديمقراطية الدولة ومكوناتها الأساسية عبر إصلاحات سليمة تشمل التقطيع الانتخابي، اللوئح، أسلوب الاقتراع، وصولا إلى سلوك السلطة والناخبين والمترشحين…
فالمواطن/الناخب أسمى من أن يتحول إلى مجرد عملية رياضيات سهلة أو رقم مسجل أو صوت ينضاف إلى بسط مقامه عدد مقاعد دائرة التباري، مادام المنتخبون يمثلون حتما جميع المواطنين بصرف النظر عن أهليتهم الانتخابية.

وإذا كان سبب التخلي في انتخابات 2002 عن نمط التصويت الفردي بالأغلبية النسبية راجع إلى تعدد أوجه استعمالاته المفسدة للظاهرة الانتخابية، وربطه للمسؤولية بالأشخاص عوض البرامج التنموية، فإن أي تحليل يخص القاسم الانتخابي بمعزل عن موضوع نمط الاقتراع الحالي ودون الوقوف عند عيوبه ومزاياه سيكون دون فائدة كأقل شيء.

وارتباطا بنفس النقطة يؤكد الباحثون في علم السياسة أن نمط الاقتراع باللائحة على أساس التمثيل النسبي حسب قاعدة أكبر البقايا القائم، يخدم تموقع الأحزاب السياسية الصغرى بينما يقزم نظيرتها الكبرى عندما تصبح النسبة المئوية لعتبة الأصوات المحددة أمام الأحزاب كي تستطيع ولوج الأجهزة التمثيلية متدنية للغاية.

أما أبرز تداعياته فتعكسها التركيبة الحكومية التي عادة ما تؤلفها أحزاب كثيرة وغير منسجمة من حيث المنطلقات الإيديولوجية والتوجهات الآنية والمستقبيلة.

وعليه سيؤدي لا محالة استبدال عدد الأصوات الصحيحة يوم فرزها وإحصائها بعدد المسجلين في اللوائح المعروف مسبقا إلى ارتفاع القيمة العددية للقاسم الانتخابي، في ظل أزمة ضعف المشاركة السياسية أثناء الاستحقاقات السابقة، ووسط قلق شديد نابع من واقع تفشي وباء كرونا وطنيا وعالميا.

وهذا يعني إمكانية وقوع حالات متكررة تنال معها الأحزاب مقاعد دوائر معينة باعتبارها حازت أكبر البقايا فقط رغم عجزها عن بلوغ سقف القاسم الانتخابي.

ولنتصور جميعا سيناريوا مماثلا وشاملا.

لا مفر إذن تبعا لكل ذلك من خريطة سياسية فسيفسائية عقب أي انتخابات ما لم يقع تغيير نمط الاقتراع المعمول به، أو الإبقاء عليه شريطة تعويض قاعدة أكبر البقايا بقاعدة أقوى معدل التي يفضي تطبيقها إلى طرح عدد الأصوات الصحيحة أو المسجلين في اللوائح على عدد مقاعد الدائرة، ثم توزيع المقاعد بناء على القاسم الانتخابي وتجاهل أرقام باقي الأصوات، لأن أي مترشح يحرز مقعدا وهميا حتى تتم قسمة مجموع عدد أصوات كل متنافس على ما يملكه من مقاعد مكتسبة وزائفة، وبالتالي تخصيص المقعد أو المقاعد المتبقية في الدائرة لأصحاب أعلى معدل.
إنها طريقة تفرز مشهدا يترجم الوزن الحقيقي للقوى السياسية، وقد تمكن حزبا واحدا أو اثنين من السيطرة على الأغلبية الحكومية أي اقتران المسؤولية بالمحاسبة الشعبية في ضوح تام.
من هنا نخلص إلى ما مفاده أن التعددية ميزة من مميزات المجتمع المغربي عبر تاريخه الحديث والقديم، أما صنعها داخل المؤسسات الدستورية فهو أمر آخر يسمى ريعا سلطويا فوق مصلحة الوطن.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*