تونس لم تعد خضراء !!!

الحسين أمساسي

الذي تابع كلمة الرئيس التونسي قيس سعيد بالأمس سيفهم ان تونس لم تعد بخير ، ليس فقط لأنه جمد البرلمان و حل الحكومة ووعد بالمحاسبة و الرد بقوة ، و لكن لأن نظراته كانت تحمل أشياء كثيرة يخفيها عن التونسيين ، هناك اشياء غير مفهومة تعيشها تونس اكبر من صراع الحداثيين و الإسلاميين عن السلطة ، تونس التي كان الجميع يراهن على أنها الاستثناء ، مهد الربيع العربي و حاضنته و الضامنة لنجاحه ، أصبحت هي الأخرى تجني ثمار ثورة سرقت منها فلم تعد تونس خضراء كما كانت بالأمس !!!
التونسيون و في تواصل مع أصدقاء هناك يحسون منذ مدة أن الوضع لا يبشر بخير ، انتكاسة كورونا بالنسبة لهم لم تكن سوى نتيجة فساد و سوء تسيير للبلاد ، و لن تكون سوى ممرا ضيقا نحو واقع أكثر إيلاما حسب العديد منهم ، و هو بالضبط ما حدث بالأمس و مايمهد الطريق مرة أخرى نحو أفق مسدود و أكثر غموضا و ارتجالا كان آخره مداهمة قوات الأمن لمكتب الجزيرة و اعتقال صحفيين هناك في سابقة لا تليق بتاريخ تونس و لا بصورتها الحقوقية !!!
الشعب التونسي مختلف عن باقي الشعوب العربية ، هو أكثر انفتاحا و أكثر تعطشا للديموقراطية و لحقوقه و انعتاقه ، و قيس سعيد حينما سارع لعقد اجتماع مع القيادات الأمنية للبلاد سيكون مخطئا إذا ما راهن على الأمن و الجيش ضد الشارع ، لأن التجارب السابقة بينت بالملموس ان الجيش سرعان مايختار صف الشعب و حماية مطالبه و عدم التدخل بأي شكل من الأشكال !!!
كمغاربة ، كان تفاعلنا مع الواقع التونسي يبين بوضوح تأثرنا لحال دولة طالما ربطتنا بها علاقات طيبة ، كونها كانت و ماتزال تضع مسافة أمان بين مصالحها و مصالحنا، و خصوصا وحدتنا الترابية ، في منطقة شمال أفريقيا و التي لم نجن منها سوى الغدر و الويلات ، لذلك سيظل هذا الرابط قويا كما ظل المغرب بالأمس و مايزال اليوم عن كثب يتابع الوضع و يتمنى أن يكون مجرد سحابة صيف عابرة لا أكثر !!!
على السيد قيس سعيد أن يتريث في اتخاد قرارات قد تكون كارثية ، و على السيد الغنوشي أن يضع مستقبل تونس و امنها و استقرارها فوق مصالح جماعته و حزبه ، و على التونسيين أن يعودوا لمنازلهم و يطالبوا بانتخابات مبكرة و أكثر نزاهة ، حتى تظل هذه البقعة الخضراء من العالم العربي مصدر إلهام لشبابه ، من أجل بناء اوطان أكثر انفتاحا و ديموقراطية و رغبة في الحياة .
الحسين أمساسي