swiss replica watches
الاغتصاب المزدوج إمعان في القهر ! – سياسي

الاغتصاب المزدوج إمعان في القهر !

على إثر شكاية تقدمت بها للشرطة القضائية إحدى فتيات مدينة الحسيمة، تتهم فيها شخصا بالاعتداء عليها جنسيا، مدلية بما يثبت ذلك من حجج وأدلة دامغة، قضت غرفة الجنايات الابتدائية يوم الاثنين 4 أكتوبر 2021 بإدانة المشتكى به والحكم عليه بثلاث سنوات سجنا نافذا بتهمة “هتك العرض”، دون أن يشفع له تنازلها عن متابعته رغم عقد قرانهما.

حيث أنه وبالنظر إلى خطورة الفعل الإجرامي الشنيع رفض القاضي تمتيعه بالسراح وتلبية رغبة الضحية/الزوجة، وهو ما خلف ارتياحا واسعا في أوساط الساكنة والمنظمات النسائية والحقوقية.
ويشار إلى أنه رغم حرص المشرع المغربي على إدانة المغتصب (بكسر الصاد) حتى في حالة تنازل الضحية عن المتابعة الجنائية، فإن جرائم الاعتداء على العرض والجسد في تفاقم مقلق ومخيف، وفق ما هو متراكم من ملفات جنائية في المحاكم. وجرائم العنف هذه عديدة ومتنوعة، وتأتي على رأسها جريمة الاغتصاب التي تعد من أخطر أنواع الاعتداء وأكثرها بشاعة وتأثيرا على السلامة الجسدية والنفسية للمرأة، مهما كان سنها وحالتها الصحية والاجتماعية.

إذ لا يتوقف الأمر عند حدود الاعتداء على الشرف والعرض والكرامة، وإنما يتجاوزه إلى التدمير النفسي، الذي غالبا ما يقود الضحايا إلى التفكير في إنهاء حياتهن بشتى السبل والوسائل، هروبا من نظرات المهانة والازدراء في مجتمع ذكوري لا يرحم…
ويختلف تعريف الاغتصاب من مجتمع لآخر، بيد أنه يمكن من الناحية الطبية وصفه بالفعل الإجرامي الشنيع، الذي يلحق أضرارا جسدية ونفسية ومعنوية بليغة بالضحايا، من خلال ممارسة الجنس عليهن قهرا، باستعمال القوة البدنية أو الإكراه دون أن تكون لهن قدرة الدفاع عن أنفسهن. وللاغتصاب عدة مصطلحات على مستوى الشؤون القضائية في القوانين الخاصة بكل دولة على حدة…
ففي المغرب مثلا عرف المشرع الاغتصاب في الفقرة الأولى من الفصل 486 من القانون الجنائي بأنه: ” مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها، ويعاقب عليه من خمس إلى عشر سنوات، غير أنه إذا كان سن الضحية يقل عن ثمان عشرة سنة أو كانت عاجزة أو معروفة بضعف قواها العقلية أو حاملا، فإن الجاني يعاقب بالسجن من عشر إلى عشرين سنةّ”.

ولا يعد اغتصابا مواقعة ذكر لآخر من جنسه أو من أنثى لأنثى، بل يعد هتكا للعرض إذا حدث بغير رضا المجني عليها.

ولا يحصل إلا بإتيان الأنثى في عضو أنوثتها وليس من دبرها، أو وضع الأصبع أو أي عضو آخر ما عدا الذكر في فرج المرأة، بل تعتبر هذه الأفعال من جرائم هتك العرض.
وفي الفصل 487 من ذات القانون، تشدد العقوبة على مرتكب جريمة الاغتصاب، إذا كان الفاعل من أصول الضحية أو ممن لهم سلطة عليها، أو وصيا عليه أو خادما بالأجرة عندها، أو عند أحد الأشخاص السالف ذكرهم، أو كان موظفا دينيا أو رئيسا دينيا، وكذلك أي شخص استعان في اعتدائه بشخص أو عدة أشخاص.
من هنا لا بأس من التذكير بأن إقدام المغتصب على الزواج من ضحيته كان في ما سبق يشكل أحد أبرز الحيل أو المخارج القانونية، التي يتم اللجوء إليها قصد الإفلات من العقاب. لكن القصة المأساوية للراحلة “أمينة الفيلالي” ذات ال”16″ ربيعا ابنة مدينة العرائش، التي وجدت نفسها مضطرة إلى إنهاء حياتها عام 2012 عن طريق تناول سم الفئران، بعد أن أجبرت على الزواج من نفس المجرم الذي اغتصبها وظل يعرضها للعنف والتجويع والإهانة لفترة دامت حوالي ستة شهور، رغبة منه في جرها إلى الهروب أو طلب الطلاق.
إذ كان الفصل 475 من القانون الجنائي ينص على أن: “من اختطف أو غرر بقاصر يقل سنه عن 16 سنة، بدون استعمال عنف ولا تهديد ولا تدليس، أو حاول ذلك يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة 120 إلى 500 درهما. ومع ذلك فإن المختطفة أو المغرر بها، إذا كانت بالغة وتزوجت ممن اختطفها أو غرر بها، لا يمكن متابعته إلا بناء على شكوى من شخص له الحق في إبطال الزواج.

لكن الاجتهاد القضائي هو من عمل على تمديد مقتضيات الفصل ليشمل جريمة الاغتصاب، وبالتالي إعفاء الجاني من العقاب في حالة الزواج من ضحيته، أمام ارتفاع طلبات الزواج المقدمة من قبل أسر الفتيات المغتصبات، درءا للفضيحة، خاصة عند افتضاض بكارة الضحية.
فانتحار “أمينة الفيلالي” رحمها الله، كان هو تلك الشرارة التي اندلعت على إثرها نيران الغضب والاحتجاج في الشارع المغربي، وارتفعت الأصوات المنددة بجرائم الاغتصاب، والمطالبة بإلغاء الفقرة الثانية من افصل 475، التي تعفي مرتكب جريمة التغرير أو الاختطاف من عقوبة السجن في حال الزواج من الضحية، الذي يعتبر اغتصابا ثانيا وأكثر بشاعة. وهو ما دفع بالبرلمان في 22 يناير 2014 إلى المصادقة على إلغاء تلك المادة المثيرة للجدل.
إن تواصل مسلسل جرائم الاغتصاب وغيرها من أشكال الاعتداء واختطاف القاصرين والتغرير بهم بهذه الكثافة من الملفات التي تشهدها محاكم البلاد، يؤكد على أن تعديل أو إلغاء مادة من القانون الجنائي، غير كافيين في ردع المجرمين وإيقاف هذه الفظاعات المرعبة، ما لم تتم مراجعة الأحكام والعقوبات بشكل يتناسب وحجم آثارها، لما لها من كلفة باهضة ماديا ونفسيا.
اسماعيل الحلوتي

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*