swiss replica watches
لا تنمية دون تطوير البحث العلمي! – سياسي

لا تنمية دون تطوير البحث العلمي!

لا تنمية دون تطوير البحث العلمي!

لم أكن أعلم من ذي قبل أن بلادنا بهذا الشح الذي كشف عنه البروفيسور عز الدين الإبراهيمي، مدير مختبر البيو تكنولوجيا الطبية في كلية الطب والصيدلة بالرباط، وعضو اللجنة الوطنية العلمية والتقنية للتلقيح ضد “كوفيد -19″، تجاه نخبة مميزة من خيرة أبنائها، الذين ليسوا سوى الطلبة الدكاترة الباحثين، عندما صرح بأنهم يتقاضون ألف درهم شهريا فقط لمدة ثلاث سنوات نظير جهودهم المضنية في البحث.

متسائلا بمرارة كيف يمكن أن نجعل من البحث العلمي أولوية ونشجع عليه بهكذا منحة لا تتجاوز عشرين درهما في اليوم، بينما تخصص ميزانيات ضخمة لغيرهم في البعثات الرياضية والبرلمانية وسواها؟

حيث يرى الإبراهيمي أنه من غير الممكن الفصل بين التنمية والبحث العلمي، الذي تقتضي الضرورة أن تشرع بلادنا في الاستثمار فيه، وأن تحظى الموارد البشرية بما يلزم من اهتمام، مؤكدا على أن لا سبيل أمامها لإعادة الكفاءات المهاجرة سوى تثمين جهودهم.

لأن تطوير البحث العلمي رهين بالاستثمار الحقيقي في الطلبة الدكاترة الباحثين، واعتماد المرونة في التسيير والحكامة فيه…

ويعتبر البحث العلمي من بين أبرز المناهج المعتمدة في وصف الوقائع عبر مجموعة من المعايير التي تساهم في نمو المعرفة.

وقد اختلف الباحثون في تحديد تعريف له، حيث ينظرون إليه من زاويا متعددة وفق ميولاتهم وقناعاتهم، إلا أن هناك توفقا حول كونه يشكل عملية مخططا لها سلفا وتتسم بالموضوعية، وأنها ترتكز على عدة خطوات في بحث الظواهر ومعرفة الحقائق والمبادئ، لاستنتاج الخلاصات والحلول المتعلقة بالمشاكل المطروحة في جميع المجالات.

فهناك باحثون كثر يشددون على أن البحث العلمي هو أمل الشعوب في تحقيق النماء والرخاء، باعتباره حلا ناجعا لمختلف المعضلات التي تتعرض لها المجتمعات سواء تعلق الأمر بالجانب العلمي أو المجتمعي، وهو من أهم المعايير في قياس تقدم وازدهار الأمم ومدى اهتمامها بالعلم، وما يتم رصده من ميزانيات في سبيل إقامة دولة العلم والمعرفة.

ويعرف اصطلاحا بأنه مجموعة من الإجراءات النظامية، التي ينهجها الباحث أو الدارس من أجل التعرف على جميع الجوانب المرتبطة بموضوع ما أو إشكالية علمية.

إذ أن الغاية النهائية هي إيجاد الأسلوب الملائم لمعالجة الموضوع أو الحل الأنسب للإشكالية.

وتكمن أهمية البحث العلمي في أنه الطريق الأمثل في توفير حلول إبداعية جديرة بمعالجة مختلف القضايا التي تعترض حياة الناس، والتي من شأنها تيسير سبل العيش الآمن والسليم لهم، وهو كما يقال: “ذراع المجتمع التي لا تنطوي”، وما الطرق السيارة وكبريات البناءات والمستشفيات والترامواي والقطار الفائق السرعة وغيره إلا نتاج ابتكارات البحث العلمي البناء.

فالملاحظ أن هناك بلدانا انتبهت مبكرا إثر الدراسات والبحوث، إلى أن تحقيق رفاهية شعوبها يمر عبر تشجيع البحث العلمي، لما له من علاقة وطيدة بالتنمية. وسارعت إلى وضع سياسات علمية بحثية متكاملة، وعملت على إعداد الباحثين الأكفاء، معتبرة أن العنصر البشري هو اللبنة الأساسية في بناء نهضة المجتمع، مما جعلها تخصص ميزانيات ضخمة للإنفاق على تجهيز الجامعات والدعم المباشر للباحثين، وتوفير الأجواء الملائمة للاشتغال الهادئ والمثمر، حتى يمكن أن تأتي أعمالهم في مستوى الأهداف المتوخاة، لاسيما أن الباحث بحاجة إلى المزيد من تنمية قدراته وتطوير ذاته للخلق والإبداع، ومن ثم ابتكار الحلول المناسبة لمختلف المشاكل والأزمات…

وهكذا بدا واضحا أن الدول المتقدمة ما كانت لتكون كذلك لو لم تكرس جهودها واهتماماتها لخدمة العلم وتوسيع دائرة البحث العلمي، واستطاعت بذلك أن تتبوأ المراكز الأولى في تحقيق التنمية، التي تنعكس على حياة المواطن.

حيث أنه لا يستقيم الحديث عن التنمية المستدامة دون الحديث عن البحث العلمي، كقاعدة أساسية لانطلاق جميع المشاريع بمختلف القطاعات.

إذ أولت اهتماما بالغا بالمؤسسات التعليمية والجامعات، وتكفلت بجميع متطلبات البحوث والتجهيزات، بعد إدراكها جيدا أن البحث العلمي يحتاج قبل توفير الدعم ورصد الميزانيات، إلى وجود قناعة راسخة بأنه رافعة أساسية لأي تقدم.

فالمغرب من جهته لم ينفك يبذل قصارى جهده، سعيا منه إلى محاولة الالتحاق بالبلدان الصاعدة. حيث حرص منذ سنوات على إطلاق جيل جديد من السياسات الوظيفية، التي تندرج إلى حد ما في إطار اقتصاد المعرفة، من خلال قيامه بحزمة من الإصلاحات في منظومة التربية والتكوين كركيزة أساسية لهذا الصنف من الاقتصاد، بتعميم التمدرس وتحسين نوعية التعليم والارتقاء بمردوديته وتعزيز التكوين المهني والتكوين المستمر. كما أنه عمل على تشجيع الابتكار عبر تحفيز تكتلات المقاولات وتقديم الدعم للدفع بالابتكار والبحث والتطوير، وتنفيذ استراتيجية رقمية ترمي إلى جعل قطاع تكنولوجيا المعلوميات موجها إلى التنمية البشرية، ومصدرا للإنتاجية في القطاعات الاقتصادية ونمطا جديد للحكامة بالإدارة العمومية…

بيد أنه وكما يؤكد على ذلك عديد الخبراء والباحثين مازال المغرب مطالبا ببذل المزيد من الجهود في اتجاه الرفع من النفقات المرصودة للبحث العلمي والتنمية التي لا تتجاوز 0,7 في المائة من الناتج الداخلي الخام، في حين يصل معدلها إلى 2 في المائة بالنسبة للدول الأوربية، الحرص على تشجيع الدكاترة الباحثين واتخاذ ما يلزم من تدابير لجلب الكفاءات العلمية، ووضع استراتيجية تعاون بين الجامعات المغربية والجامعات الدولية، فضلا عن تنويع مصادر تمويل أنشطة البحث العلمي والتنمية التكنولوجية والابتكار، وتطوير المنظومة الوطنية للبحث العلمي.

اسماعيل الحلوتي

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*