swiss replica watches
ابراهيم اعلان يكتب: الجار الشقي الذي عاد إلى صوابه… – سياسي

ابراهيم اعلان يكتب: الجار الشقي الذي عاد إلى صوابه…

د، إبراهيم اغلان

أشرنا في مقال سابق إلى العلاقات المغربية الاسبانية التي اتسمت بأزمة مركبة، يتداخل في خيوطها السياسي والتاريخي والثقافي والنفسي. وقد قيل بصدد هذه الأزمة الكثير من التحليلات والتعليقات والتأويلات، هنا وهناك.

لكن ما وقع مساء الخميس 7 أبريل 2022، حين استقبل جلالة الملك محمد السادس رئيس الحكومة الاسبانية وضيافته على مائدة رمضانية مغربية بامتياز، بدد حدة تلك الأزمة، وبالتالي فتحت هذه الضيافة ببعدها الرمزي أفقا جديدا للعلاقات الثنائية على مختلف المستويات.
لقد أدرك الطرف الاسباني أن مستقبل المجال المتوسطي رهين بالتزام سياسي واستراتيجي واضحين مع المغرب، هذا الأخير الذي ظل إلى عهد قريب ينظر إلى هذا المعطى بكثير من الحكمة والشجاعة الدبلوماسية الحذرة، بالرغم من مواقف وسلوكات وتصريحات عدائية ضد وحدته الترابية، بل أحيانا ذات بعد عنصري، يمتح من ذاكرة تاريخية استعمارية مقيتة. لقد كان على الإسبان أن يستوعبوا تداعيات القلق المغربي المشروع في سياق التحولات العالمية الجديدة، وطبيعة التحالفات التي بات المغرب طرفا أساسيا في بنيتها.

وكان عليهم أيضا رؤية المجال المجاور من منطلق المصالح المشتركة. وأن كيفية تدبير الخلاف، ليس بالضرورة أن يقف عند أيديولوجية أحزاب جديدة بأفكار بالية، بل أساسا في مدى ما تمليه الرغبة السياسية والأخلاقية حيال توجه عميق لتفكيك الإشكاليات المطروحة على طاولة الحوار، ومحاولة المواجهة الصريحة التي تعتمد منطق الشفافية والمصداقية واحترام تحديات ورهانات الآخر.
هكذا اذن، عاد الجار “الشقي” إلى صوابه، بعد أن تخلى عن أسئلته الملتبسة، واستفزازاته التي لا تنتهي، سواء عبر إعلام متخصص في تسويق صورة نمطية عن المغرب، سلطة وشعبا وثقافة، أو عبر أحزاب وجمعيات تذكرنا بسياسة الجار الآخر، حيث لا فرق بين خطابها وخطاب العسكر الجزائري، كلاهما معا يجعل من أولوياته الدفاع عن الأطروحة الانفصالية، علما أنهما من أشد البشر هجوما على الانفصال داخل مجالهما الترابي.
السابع من أبريل 2022، لحظة تاريخية بالنسبة للعلاقات المغربية الاسبانية، إحدى محاورها المركزية هي القطيعة مع الالتباس السياسي، وأن احترام الطرفين لمعاهدة الصداقة والجوار والمصلحة المشتركة، هو السبيل الوحيد لتجاوز الأزمات الظرفية والمواقف المسكونة في العقليات الاوربية والتي تغديها حسابات سياسوية داخل اسبانيا نفسها.
إن التصريح المشترك بين البلدين اليوم، هو بمثابة خطة طريق نحو المستقبل، لبناء جوار آمن ومزدهر ومتطور، وتأسيس حوار صريح وشفاف لمعالجة مختلف القضايا القديمة والجديدة على حد سواء. ولعل أهمها على الاطلاق الصحراء المغربية، باعتبارها قضية مركزية بالنسبة للمغرب، ملكا وحكومة وشعبا. أما القضايا الأخرى، الأمنية والاقتصادية والثقافية وغيرها، فسبيل الحوار بشأنها رهين بتجديد الأسئلة والأفكار ، وفي الوقت ذاته، مرتبط بمصالح مشتركة، وأفق مفتوح، وإنصات عميق لتحديات المستقبل إقليميا ومتوسطيا ودوليا، ومنهجية واضحة لاجتراح حلول ممكنة قصد الذهاب بعيدا في العلاقات الثنائية بين البلدين، لاعتبارات جيوسياسية وتاريخية واقتصادية لا مفر منها، فهي تشكل الثابت في هذه العلاقة، اما المتحول، بنيته الأساسية تجديد الرؤى وتجاوز المعيقات الذاتية والموضوعية. ولعل لقاء جلالة الملك ورئيس الحكومة الاسبانية مساء الخميس الماضي لدليل على هذا المتحول في العلاقات بين بلدين، قدرهما المجالي والتاريخي والمنفعي أن يظلا معا ، وباستمرار منفتحين على مبادئ الثقة والاحترام والالتزام.

وهي المبادئ التي ما فتأ المغرب يعبر عنها ويعمل بها حتى في أحلك لحظات التوتر بين البلدين، لأنه ببساطة شديدة، لا يرغب الاستمرار مع أصدقاء مولعين بالمواقف الرمادية.

 

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*