swiss replica watches
في الحاجة إلى القيام برجة دستورية داخل الحكومة – سياسي

في الحاجة إلى القيام برجة دستورية داخل الحكومة

في الحاجة إلى القيام برجة دستورية داخل الحكومة

عبد السلام المساوي
لا نفهم لماذا كل هذا التخوف من قرار التعديل الحكومي وكأنه عملية انقلاب دستوري أو ثورة مشبوهة ، مع العلم أن التعديلات الحكومية مسألة دستورية وشرعية والأعراف جاري بها العمل ، في بلدنا منذ أكثر من نصف قرن ، بل إنها أمر مطلوب لضبط أوتار السياسة في البلاد وضخ وجوه جديدة ضمن الطاقم الحكومي بحثا عن توسيع خياراته .
ومهما تكن الخلفيات التي تقف وراء الإثارة المفاجئة للتعديل الحكومي ، سواء كان ذلك دعاية عند بعض السياسيين أو سلاح للضغط وتصفية الحسابات بين التيارات الحزبية أو إلى موقف البعض غير الراضي على أداء هذا الوزير أو ذاك أو من أجل إغلاق باب التعديل نفسه ، فنحن في حاجة ماسة اليوم إلى القيام برجة دستورية داخل الحكومة بعدما تبين أنها تسير خلال سنتين من عمرها بثلث أعضائها بينما ثلثين ما زالا يبحثان عن ذواتهما ، بل نكاد نقول إنهما أصبحا عبئا على سفينة الحكومة التي تسير في بحر هائج شديد الأمواج .
وحينما يطالب الرأي العام بضرورة إجراء التعديل الحكومي ، فهذا المطلب ليس هدفا في حد ذاته ، فقد يحدث التعديل ولا يتغير شيء معه ولا يلامس ولا يشعر به المواطن على مستوى معيشته .

بل الهدف من التعديل المنتظر آجلا أم عاجلا ، هو إعادة ضخ دماء جديدة لمزيد من الفعالية والكفاءة والجدية كما طالب بذلك جلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش الأخير ، وهو في حد ذاته سلاح لتقييم وتصحيح أداء بعض الوزراء التائهين بين ملفات الوزارة ، وهو كذلك لحظة سياسية لكسر حالة الروتين والرتابة والانتظارية التي طبعت المشهد السياسي خلال الأشهر القليلة الأخيرة بسبب القتل الذي تتعرض له السياسة من لدن بعض الوزراء الذين لا يستطيعون حتى قراءة جواب مكتوب على سؤال برلماني “. ج الأخبار عدد 3262
يبدو لي أن مسألة التعديل الحكومي يجب أن ترتبط بتصور جديد يوجه العمل الحكومي في المستقبل لتجاوز الضعف في الأداء الذي أصبح حديث كل الركبان كما يقال، بل ولوضع حد ربما لعدد من الإختلالات أو الغموض الذي يكتنف عادة عمل المؤسسة التنفيذية الموسعة بشكل كبير والتي أشار إليها، غير ما مرة، الملك محمد السادس في خطبه في مناسبات كثيرة حيث كان النفس النقدي القاسم المشترك لتلك الخطب وبالتالي، فهذا أوان إكساء هذا النقد ثوبًا يميزه عن الذي سبقه ضمن الممكن السياسي الراهن بطبيعة الحال.
وهذا يعني أن الأمر لا يتعلق بضرورة اختيار الكفاءات الحزبية أو التكنوقراطية لتطعيم العمل الحكومي بدماء جديدة توفر له الفعالية والنجاعة المطلوبة فحسب، وإنما أيضًا، وأساسًا، ليكون الطاقم الحكومي في مستوى مهمة مركزية ما فتئت تتصدر اهتمامات مختلف القوى السياسية المغربية وهي بلورة نموذج تنموي جديد يتلاءم مع طبيعة المرحلة التي يمر منها المغرب بمختلف تحدياتها ويتجاوز محدودية النموذج المعتمد سابقًا حتى تكون التنمية في مصلحة مختلف الفئات الشعبية وخاصة منها تلك التي لم تستفد كثيرا خلال المراحل السابقة والتي أصبحت لا ترى نفسها على وفاق مع أي حديث عن السياسة ليس يضمن لها كسبًا حقيقيًا في نمط حياتها اليومي، وفي المجالات الإجتماعية والخدمات الرئيسية من شغل وصحة وتعليم وغيرها.
يظل الأمر مرتبطا إذن بطبيعة النموذج الذي ستتم بلورته ليكون الموجه للعمل الحكومي على المدى البعيد حاسمًا في تحديد طبيعة الإنجازات المستقبلية والقوى التي تستفيد منها.

وإذا كان التوجه الملكي صريحًا وواضحًا بهذا الخصوص، عندما أكد على ضرورة استفادة الفئات الشعبية من ثمرات التنمية في نموذجها الجديد، فإن القضية التي يمكن أن تكون محور التفكير في المستقبل وبموازاة بلورة النموذج المنشود هي طبيعة الآليات التي ينبغي اعتمادها لتحقيق ذلك الهدف كي لا يتعرض النموذج التنموي خلال التنفيذ لانحرافات تحرم شرائح واسعة من المواطنين من الإستفادة .
الوضع سيء ، وقد يزداد سوءا في الأيام المقبلة ، بوصول سلم المواد الغذائية الأساسية وأسعار المحروقات إلى مستويات غير متوقعة ، أربكت ميزانيات الأسر التي ما زال بعضها في عطلة صيفية ، بينما تستعد أخرى لموسم دراسي حارق على الأبواب .
وتستمر ألسنة الأسعار في التهام أغلب أنواع الخضر والفواكه بأسواق الجملة الكبرى والفضاءات التجارية وأسواق التقسيط بالأحياء الشعبية ، إذ يشكو المواطنون زيادات مهولة و” غير مفهومة ” ، منذ أيام ، لا علاقة لها ، في تقديرنا ، بتداعيات موجة الحرارة الاستثنائية ، التي عرفتها منطقة سوس ماسة ، منتصف غشت الجاري ، على وجه التحديد ، والتي ستظهر نتائجها الوخيمة على الإنتاج في أكتوبر ونونبر المقبلين .
وكما تحرق ” قفة المواد الغذائية الأساسية ” جيوب المغاربة ، ” تحترق ” ، أيضا ، خزانات السيارات ، بزيادات مطردة لأسعار ” الكازوال ” والبنزين ، إذ لم تعد الزيادات دورية ( مرة كل نصف شهر ) ، بل انتقلت إلى عداد شبه اليومي ( كل يوم بسعر جديد ) .
إن ما يجري اليوم ، في المغرب وما نشاهده في الفضاء العام ، مجرد ” فقاعات ” وغنائم لاقتصاد غير مهيكل ، يحقق صمودا مؤقتا للمنتفعين به ، لكن لن يكون الحل الأمثل لاقتصاد وطني متماسك ومنتج وحيوي ، تشكل حماية القدرة الشرائية للمواطنين ، أهم ركن فيه .
نحن اليوم أمام سنة حاسمة في عمر الحكومة لأنها سنة تتوسط عقد الولاية التشريعية والرهان عليها كبير من أجل تحقيق إنجازات للمواطن ، وهي مناسبة لإيقاض بعض الوزراء من سباتهم العميق ، أما بعد هذه السنة فلن ينفع أي تعديل بل سيدخل الجميع في تسخيناتهم الانتخابية التي تبدأ منذ السنة الرابعة من الولاية.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*