نحن نصدر مياهنا
نحن نصدر مياهنا
الحسين أمساسي
أرقام مرعبة تلك التي أفرجت عنها المندوبية السامية للتخطيط حول استهلاك الماء من طرف القطاعات الاقتصادية بالمغرب ، 9 مليارات متر مكعب سنويا هي الكمية التي يستهلكها القطاع الفلاحي لوحده ، بنسبة 87,8 في المائة من إجمالي الماء المستهلك ، فيما القطاع الصناعي و الذي يراهن عليه المغرب اليوم لرفع الصادرات و موازنة الميزان التجاري لا تتعدى كمية استهلاكه إلى جانب الخدمات أكثر من 1,28 مليار متر مكعب .
حسب بيانات وزارة الفلاحة ، فقد بلغ حجم صادرات الفواكه و الخضر الطازجة سنة 2022 أكثر من 2,3 مليون طن ، رقم مهم كأحد اطراف المعادلة الاقتصادية للبلاد ، لكن إذا ما قورن بكمية المياه التي يستهلكها هذا القطاع فنحن امام سؤال يفرض نفسه : هل المغرب يصدر مياهه ؟
سؤال يتزايد مع تزايد رغبة أطراف كثيرة في الإستثمار في المجال الفلاحي ببلادنا ، أروبا أصبحت تعي جيدا خطورة التغيرات المناخية و شبح نقص المياه على مستقبل أجيالها ، لذلك ستحاول تحضين غذائها في أرحام دول إفريقية حيث المياه بلا مراقبة و اليد العاملة الرخيصة ، والمغرب أفضل خيار نظرا لعامل القرب .
المخطط الأخضر لم يقدم حلولا واقعية لوقف استنزاف القطاع الفلاحي للمياه ، و الأحواض المائية و شرطة المياه تبقى أدوارها قاصرة و مقتصرة على تدخلات محتشمة ، فيما تنتشر الضيعات الكبيرة و ما يرافقها من ثقوب مائية تستنزف ما تبقى من الفرشة المائية حتى بالقرب من بحيرات و ضايات سياحية و إيكولوجية أصبحت من الماضي خصوصا بالأطلس المتوسط .
المواطن المغربي أصبح يتساءل عن جدوى مذكرات محدودة التأثير للحد من استنزاف المياه تشمل مغاسل السيارات و الحمامات العمومية ، و منع بعض المزروعات المستهلكة بشدة للمياه ، لكن الكثيرين يعتبرونها إجراءات لم تستهدف لب الجحيم القادم ، معاناة ستعيشها مناطق كثيرة من المغرب العميق مع نذرة المياه و أمام موسم جاف بامتياز ، حيث لا يتعدى معدل ملء السدود نسبة 22 في المائة ، مناطق تعيش من الآن المعاناة نظرا لجفاف العيون و الآبار و الوديان من مياه تم تصديرها معبأة في خضراوات و فواكه إلى الخارج ، فيما المواطن المغربي سيكون مرغما على التعايش مع معضلتين : الغلاء الكارثي ، و الجفاف الأكثر منه .
على الدولة أن تقوم بدورها و أن توقف هذا العبث بإجراءات حازمة لمحاصرة النزيف ، لأن الثروة القادمة ، الأغلى و الضامنة لاستقلالية و أمن الشعوب و الدول ، لن تكون سوى الماء .
الحسين أمساسي