swiss replica watches
في ذكرى 16 ماي …التدين العنيف وليد الاستبداد – سياسي

في ذكرى 16 ماي …التدين العنيف وليد الاستبداد

في ذكرى 16 ماي …التدين العنيف وليد الاستبداد

عبد السلام المساوي

1_ همجية المتأسلمين
ما لم أفهمه هو محاولتنا تأكيد عنصر الذاتية في تشكيل الهوية باسم الدين !
من أين نأتي بهذه المفاهيم التي تعكس صراع التناقض بداخلنا ؟
نحن كغيرنا من الأمم ، نؤمن بفاعلية العقل ، لكننا لانستخدمه بالمطلق …نحن متورطون أكثر في قيم العادات والتقاليد التي ورثناها عن أجيال سابقة ، من دون تحديد لها إطار معين .
يستطيع الإنسان الثوري مثلا استغلال عقله في الدفاع عن شرعية ثورته ، لا بالدين …الدين والتدين حلقة تحتاج إلى تنمية منهجها بنفسها ، لأنها مقرونة بكتاب مقدس ولا علاقة لها بالسياسة .
وأنا هنا لا أنتقد الدين كشكل او كمضمون , لكنني ادعو الى محبة ديانة الاخر في تسيير شؤون البلاد . دعوني أركز هنا على همجية المتأسلمين في إدارة ثورتهم ضد الكفار الذين هم من الشعب الواحد ، ومن البلاد الواحدة ويخضعون الى أساسيات واحدة غير متغيرة …
إن انتقاد الآخر من غير رؤية واضحة يعني الدخول في صراع مع الذات وتجاهلها وهنا ننصب لأنفسنا فخ الفوضى بدل الثورة على فساد معين .
المتأسلمون يخرجون من كل صوب بثوب التدين المتطرف ، ويحاولون إغلاق شرعية على أنفسهم وحينها فقط تبدأ المعركة ضد مجهول !
إنهم يلغون العقل في محاصرتهم له ولا قدرة لهم على تقديم أي نموذج نظري كتجربة معرفية وعلمية لتفعيل الانفتاح في العالم ، انهم يدخلون جنة ظلامية فارغة من أي أسس منطقية ، والأدهى أنهم يتعاطون مع تكنولوجية الكفار بايمان خالص ، غير مدركين ان القوة في تنمية العقل وتنوير مداركه وليس في المتاجرة بالدين .
أعتقد أن الأصل في الثورة ليس القتل والذبح باسم الله …الله ليس بحاجة الينا في شيء لننصره بوحشية وغموض وجنون .
ماذا بقي ل” الثورة العربية ” بعد هذا التكالب المتطرف ، والعودة الظلامية بدل انتاج فكر بديل ونظريات غير متداولة سابقا للخروج الى ضوء الله الحقيقي .
إن موقف التدين المتطرف انقلاب في حد ذاته ، لا ينظر للحياة كمنهج يحتاج الى استمرارية في الخلق والإبداع ….ان التدين العنيف وليد الاستبداد ، وهو مجرد كتلة من التناقضات .
لذلك لا يجب العبث به ، ولا يجب السماح له بتلويث العقل …نحن نحتاج الى سلسلة من الانفعالات الذاتية لتطوير الواقع وليس الى تجميده …
هؤلاء هم دعاة من يريدون حكم البلاد بسلطة قبحهم.
ما يستوقفني هنا ليس عجز التدين المتطرف على الاحتفاظ بجزء مضيء في رأسه ، هناك الأخطر …حين لا نؤمن بما نكتب ونكذب على قارئ بسيط يبحث عن حريته بين سطورنا ، سنشبه التاريخ الذي لا يسعه المكان ولا الوقت لترسيخ ندبه ، حينها سنصاب جميعا بالبلادة .
2_ الدين والسياسة ؛ تعارض في المبدأ
الإسلاميون لن ينجحوا لسبب بسيط جدا ، وهو أن هناك تعارضا في المبدأ بين الدين والسياسة ، وهذا ما بينه المفكرون السياسيون ، قدماء ومحدثين ، منذ أقدم العهود ، فالسياسة تقوم على تدبير الممكن في العلاقات الإنسانية بين البشر بحسب ما هو متاح في هذا العالم ، في حين أن الدين هو مجال تدبير المطلق في العلاقات بين الانسان والهته في ما يتجاوز هذا العالم .
السياسةتهدف لتدبير شؤون الحياة ، في حين أن الدين يسعى للجواب عن أسئلة الموت .
مجال السياسة هو المصلحة التي تقاس كميا واستراتيجيا و ” فيزيقيا ” ، في حين أن مجال الدين هو الأخلاق والروحانيات التي تدرك ” ميتافيزيقا ” .
السياسة مجال تدبير الملموس والمجسد ، في حين أن الدين مجال تدبير الغيبي والمجرد …
لهذا فصل الفلاسفة بين الأمرين معتبرين أن الدين يدخل في إطار الاختيارات الشخصية للأفراد ، فلكل انسان الحق في أن يعتقد في ما يشاء بحسب ما يرتضيه تفكيره ووجدانه ، اما السياسة فتدخل في إطار العلاقات المشتركة في المجال العام والتي تنظم علاقاتنا في السوق والشارع والإدارة …وكل خلط بين المجالين يؤدي الى كوارث وحروب ومصائب ، بل ان ادخال الدين في السياسة يضر بالسياسة وبالدين معا …
الإسلاميون إذن ليس فقط لم ينجحوا بل لن ينجحوا , وأضرب لكم موعدا بعد ألف سنة لنتأكد . طبعا هذه قناعتي انا ، وطبعا هناك أناس ( وهم الأغلبية ) لن يقتنعوا بهذا الكلام وسيرغبون في إعادة ( اختراع العجلة ) …سيبدو هذا لمن هو مثلي مضيعة للوقت واخلافا لموعد تاريخي حاسم ، بل سيبدو هنا تراجيديا ومحزنا ومؤسفا . لكن التاريخ حزين ومؤسف بطبيعته ، وان كان هذا هو الثمن الواجب دفعه ( عقود كثيرة ضائعة وضحايا بمئات الآلاف ربما ) ..فلسنا نملك شيئا ، فالعالم والتاريخ لا يمشيان وفق إرادتنا نحن .
3- ينطلق التكفيري من كونه مرجعا ومصدر قيم الإيمان وعدمه. وهو لا يتساءل من اين له تلك المكانة التي تخول له توزيع صفات الإيمان والكفر، لأنها من طبيعة الأشياء، مذ قرر ان يبوء نفسه تلك المكانة من دون الناس.
ليس بإمكان الذي يكفر الناس ان يفكر، او يتخيل، ان هناك من يعتبرونه قد تجاوز، من خلال سلوكه بالذات، مواقع الإيمان للسقوط في هاوية لا تتماهى مع الإيمان في كل الأحوال. وإلا فما معنى الإيهام بمعرفة سرائر الناس؟
اذا كان الرسول وهو صاحب رسالة الاسلام، يرى ان من نطق بالشهادتين يحرم هدر دمه، حتى في حالات من الواضح فيها ان النطق بهما يرمي الى الحفاظ على النفس اكثر مما يدل على الإيمان المباغت قبيل نزول السيف على الرقبة في ساحة من ساحات القتال، وأقول القتال وليس القتل، فبأي حق يتم تكفير ملايين المؤمنين من قبل أفراد، يظلون معدودين رغم كثرتهم هذه الأيام، نصبوا أنفسهم من تلقاء أنفسهم حماة للمعبد ومنافحين عن الإيمان عبر توزيع صكوك الكفر والمروق وغيرها من الفتاوى التي تنتهي الى نشر فكر الفتنة والقتل في المجتمعات الآمنة، قبل ان يبرز هؤلاء التكفيريون لمصادرة مختلف الحقوق والحريات الفردية والجماعية، باسم ما يزعمون انه الدين الحق والإيمان الذي لا تشوبه شائبة الزيغ والانحراف ولا يأتيه الباطل أبدا.
فهل هذا ناجم عن كونهم حفظة القرآن الكريم؟ ام هو ناجم عن المامهم الواسع بتاريخ الاسلام؟ ام هو ناجم عن تتبعهم للأحكام الفقهية عبر العصور؟ ام هو ناجم عن معرفتهم العميقة بالسنة النبوية ومختلف المذاهب والاجتهادات؟
هذا ما يقولون عادة وهذا ما يوحون اليه في نصوص فتاواهم .

وبذلك قد يؤثرون بقوة على من ليست لهم دراية كافية بطبيعة كل تلك القضايا فيعتقدون انهم منبع الحق كل الحق ومرجعية في تحديد الإيمان كما في الدلالة على الكفر.
لكن لماذا لا يقولون للناس ان كل ذلك لا يكفي لاحتكار الإيمان بالطريقة التي يعتقدونها؟ لماذا لا يقولون لهم ان كل تلك المباحث مفتوحة، تماماً، امام كل طالبيها، قديما وحديثا، دون ان يكون ذلك دليلا على الإيمان، بالمعنى الذي يروجونه؟ وهل يجهلون ان المسلم يمكن ان ينهل من تلك المباحث والعلوم، كما يمكن ذلك تماماً لغير المسلم من اتباع الديانات الاخرى؟. بل ويمكن كل ذلك حتى لمن ينكر الأديان كافة.
من الصعب ان يعترفوا بذلك، وينشروه في الناس، لأنه سيعني ان ما يعتبرونه رأسمالهم المقدس هو مشاع بين ذوي الاختصاص من كل الأجناس والأقوام والديانات والأيديولوجيات المتباينة الى حد التناقض.

وإذا كان مشاعا بطل ادعاء كل امتياز.
ومن هنا يمكن قلب مفردات المعادلة تماماً من خلال القول: ان الناس ليسوا مدعوين لإثبات إيمانهم عبر الخضوع لهرطقات التكفيريين والاستسلام لأهوائهم المتقلبة في كل المناسبات.

وانما المطلوب من هؤلاء ان يبرهنوا على إيمانهم اولا وقبل كل شيء.
وهنا تكمن مشكلة التكفيريين في الواقع.
اما المجتمعات الانسانية، فانها تعيش حياتها الروحية كما يسمح لها بذلك الحس السليم والفطرة النقية التي لم يخالطها شيء من المرض التكفيري العضال…
4_الإرهابيون ، الداعشيون ،شيوخ الفقه التكفيري ،أصحاب الدمار الذي ينزل من بين شفاههم قبل ان يسقط في روع أتباعهم ، ليتحول إلى لهيب يحرق الأخضر واليابس وما بينهما أينما حل وارتحل . المتسببون في الدمع المتختر على شفاه الفتيات اللواتي قتلن تحت زخات الرجم الجبان …الذين يئدون حياة النساء تحت الخرق التي غطتهن من أخمص القدمين الى غرة الرأس ..
الذين يدعون إلى تحطيم الآثار الفنية وتكسير الآلات الموسيقية وخنق الغناء في حناجر الشباب التواق للحرية .
الذين يحفزون الشباب على الإنتحار ، على تهزيء العلم وصناع المعرفة ، على تبرير ضرب النساء والتفنن فيه ، على منعهن من السياقة ” درءا ” لأفاعيل الشيطان الذي لا يعشعش إلا في وجدانهم المكفهر ، على قتل المخالفين واحتقار معتنقي الديانات المخالفة ، على تحريم الغناء والموسيقى ، على ترهيب الشباب من الحياة و يتلاعبون بمشاعر الناس وبفطرتهم الدينية لتنميطهم في شكل رعايا تحت سطوة شيوخ التكفير والموت ؛
نواجهكم ساخرين متهكمين ، ونواجهكم بلغة الإبداع المترجمة لألم الانسان وجرح الوجود ، أنتم من دعاة الخراب والدمار ، شيوخ الحقد والإرهاب …
من المسؤول عن اهدار الأرواح التي حصدها الموت على حين غرة وفي غفلة من أصحابها ؟
تفتون كأنكم ترجمان الله على الأرض ، لا يفهمه إلا أنتم ولا يشرح كلامه الا أمثالكم
ولم تسألوا أنفسكم لحظة واحدة عن آثار الفقه الأسود المدمر على السامعين ؟
ذلك الفكر الذي تنشرونه اليوم ، الفكر الضال المضل المدمر الكاره المخيف المنهك الممقت الذميم المختل الجديب الممحل القحيط السحت الكريه ، المسمى ” فكر التكفير ” ؟
تكذبون على الدين ، وتفتون لنا بغير علم ، ( تقدحون من رؤوسكم ) وانت تحدثوننا عن الله ، والرسول ، والصحابة كل مواعظكم تدليس، وفتاواكم كذب، وقصائدكم رقص ، ودموعكم نفاق…
3_ومن تجليات المد المتطرف هو ما تحفل به مواقع التواصل الإجتماعي من محتويات ورسائل الحقد والكراهية .
في زمن تكنولوجيا التواصل ، لم يعد ألإرهاب قائما على مخططات وعتاد وأسلحة يتم حشدها للإيقاع بالضحايا الأبرياء .
الرسائل الحاملة لمضامين الحقد والكراهية تحفل بها أيضا الحسابات المغربية على مواقع التواصل الإجتماعي ، وهي لا تتبنى في الغالب خطابا مباشرا بل تعمل على مهل وتلعب على كل الأوتار الحساسة للفئات الهشة سياسيا واجتماعيا ودينيا وماديا ، كي تتمكن في النهاية من نسج شباكها حول ضحاياها الذين يتحولون الى حامل لهذه المشاعر الهدامة .
لقد كان أول رد فعل فرنسي على العمل الإرهابي ، الذي تعرض له أستاذ مادة التاريخ ، هو تعقب العشرات من هذه الرسائل معظمهم أفراد وجمعيات .
هذا الحادث يذكرنا جميعا بما حدث قبل سنوات مباشرة بعد اغتيال السفير الروسي في تركيا ، عندما انتشرت على الحسابات المغربية محتويات تشيد بهذا العمل الإرهابي .

لقد تنبهت السلطات المغربية في الحين إلى أن الأمر لا يتعلق بمحض الصدفة ولم يكن فقط تعبيرا منفردا عن مشاعر معينة ، بل كانت عملية منسقة واستهدافا وتطبيعا مع الإرهاب ، وهو ما مكن المكتب المركزي للأبحاث القضائية حينها من اعتقال عدد من الأشخاص المتورطين في صنع هاته المحتويات التي تحث على الحقد والكراهية .

الأمر نفسه يتكرر لدى بعض شيوخ السلفية الجهادية الذين لا يفتؤون يبعثون النار من رمادها كلما خمدت.
5_متأكدون أن النبوغ المغربي سيدع لنا طريقة ما للتخلص من هذه الكائنات الداعشية وتطهير عقولنا من خرافات وأصنام الفكر القرسطوي ، وشبه مؤمنين بأن في نهاية هذه القصة الأليمة أخبارا سارة للغاية ، تنهي اتجار شيوخ الفقه الأسود بالدين ، وتدخل بنا الى مغرب ديموقراطي وحداثي، وتنسينا كثير الفظاعات التي كان سببها دعاة الفتنة والتخلف …
حاشا ان يكون هؤلاء الداعشيون ممثلين للدين الاسلامي او مدافعين عنه ، او حتى منتسبين له..
قادة الفتنة ورموزها لا تليق بهم غير الصرامة والحزم ، فقد خرجوا عن جماعة المسلمين ولا يجب أن ندعهم يخرجون بالبلد من دائرة الأمان الى جحيم الوباء ..الجماعات المتاجرة بديننا وجه لوباء آخر أخطر بكثير من كورونا يتهددنا منذ القديم ..
علينا ان نستفيد من المرض الذي يعبر العالم اليوم ، ومثلما تعلمنا جميعا أن النظافة مهمة لقتل أي وباء ، يجب ان نستوعب أن تنظيف بلدنا ضروري للقضاء على فيروس العنف والإرهاب هذا الذي يجعل الدواعش يشوهون الإسلام….
إن التساهل مع هؤلاء الجهلة وهؤلاء الإرهابيين أمر لم يعد ممكنا لذلك وجب الضرب بيد من حديد ، إن وباء الجهل والإرهاب أسوأ وأخطر وأشد ضراوة من أي وباء .

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*