swiss replica watches
رأيي أنا؟ – سياسي

رأيي أنا؟

كتبها:   أحمد الدافري

رأيي أنا؟

قد يكون رأيي غير ذي أهمية.
لكن بإمكاني أن أقول شيئا ما، في هذا الإطار.

أنا من جيل ستينيات القرن الماضي.

جيل قديم عن جيل الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي.
الجيل الذي فتح عينيه في المغرب فاكتشف أن البلد يعيش فورة طلابية وعمالية وثقافية يؤججها اليساريون.

تربيت ونشأت داخل فضاء وطني ملتهب سياسيا، يعج بالصراع بين تنظيمات حول الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه النظام السياسي.

نظام ملكي أم جمهوري؟

وإن كان ملكيا، هل ملكي دستوري أم ملكي برلماني؟

وإن كان جمهوريا، هل جمهوري اشتراكي أم جمهوري شيوعي أم جمهوري عسكري؟

الجماعات السرية كانت تؤطر الطلبة والموظفين.

النقابات اليسارية كانت تؤطر العمال والحرفيين.

والأحزاب السياسية كانت منقسمة بين موالٍ للنظام الملكي وبين معارض له.

وقيادات عسكرية كانت تخطط للانقلابات وتفشل فيها فيضطر النظام المغربي الحاكم أن يعدمها في إطار الدفاع عن النفس وفي سياق حرب مشروعة من أجل الاستمرارية والبقاء.

في أواخر ثمانينات القرن الماضي كنت عضوا في الفرع المحلي بمدينة أصيلة للنقابة الوطنية للتعليم التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بحكم أنني كنت موظفا في سلك التعليم بصفة أستاذ للسلك الثاني لمادة الرياضيات.

الكونفدرالية الديمقراطية للشغل كانت هي الجناح النقابي لحزب الاتحاد الاشتراكي المعارض، وكان قائدها وزعيمها هو الراحل نوبير الأموي.

نوبير الأموي قضى سنتين في السجن بعد الإضراب الوطني الشهير الذي خاضه العمال والموظفون في 20 يونيو 1981.
هذا الإضراب قُتل فيه متظاهرون، وسماهم وزير الداخلية حينذاك الراحل ادريس البصري باسم “شهداء كوميرا”.

في بداية تسعينيات القرن الماضي ازداد الوضع الداخلي احتقانا بسبب عوامل اقتصادية وسياسية، منها الفاتورة الكبيرة التي كان يؤديها نظام الملك الراحل الحسن الثاني مقابل الحرب التي كان المغرب يخوضها ضد البوليساريو الممولة من الجزائر وليبيا وبلدان شيوعية، فاندلعت انتفاضة في 14 ديسمبر في فاس سنة 1990 ترتب عنها مقتل العشرات من المحتجين.

ازداد الوضع احتقانا بين النظام وبين أحزاب المعارضة التي كان يمثلها أساسا حينذاك حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بجناحه النقابي الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وحزب الاستقلال بجناحه النقابي الاتحاد العام للشغالين، فأجرت جريدة “إلباييس” الإسبانية حوارا مع نوبير الأموي في سنة 1992. وفي معرض أجوبته عن أسئلة الصحافي الذي تحاور معه، قال نوبير الأموي بأن الحكومة المغربية تتكون من جماعة من اللصوص.

هذا الحدث كان السبب في ظهور رجل يمتهن المحاماة في هيئة الرباط اسمه محمد زيان، وُلد في مالاكُا بإسبانيا، يحمل الجنسية الإسبانية بالإضافة إلى جنسيته المغربية.

الحكومة المغربية حينذاك، التي كان بين أعضائها الرجل القوي وزير الداخلية الراحل ادريس البصري، كلفت المحامي زيان برفع دعوى أمام القضاء ضد نوبير الأموي، ففعل ذلك، وبدأت المحاكمة في أبريل 1992.

تطوع أكثر من 1000 محام للدفاع عن نوبير الأموي.
أما الحكومة فقد كان يدافع عنها محام واحد فقط لا غير، هو محمد زيان، الذي واجه المئات من المحامين، وكانت الغلبة له، حيث تم الحكم على نوبير الأموي بالسجن النافذ لمدة سنتين، قضى منها 14 شهرا، وتم الإفراج عنه بعفو من الملك الراحل الحسن الثاني.

الفترة التي كان يدافع فيها محمد زيان عن الحكومة ضد نوبير الأموي، كان فيها يشغل في الوقت نفسه منصب عضو في المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، قبل أن يتم تعيينه سنة 1995 وزيرا منتدبا لحقوق الإنسان، من خلال انتمائه إلى حزب الاتحاد الدستوري اليميني.

محمد زيان هو أيضا رجل أعمال حيث يملك شركة للنقل الدولي بواسطة حافلات.

بعد وفاة المغفور له الحسن الثاني، وانتقال العرش إلى الملك محمد السادس في يوليوز 1999 ، اقتضت المرحلة تجديد النخب، وضخ دماء جديدة في المشهد السياسي، وعلى مستوى تحمل المسؤوليات داخل الدولة.

كان ممكنا أن ينهي محمد زيان مساره السياسي ويتفرغ للمحاماة ولإدارة أعماله في شركة النقل.
لكنه في أبريل 2001 قام بتأسيس الحزب المغربي الليبرالي، وشارك به في الانتخابات التشريعية التي أجريت في 27 سبتمبر 2002، ولم يفز حزبه سوى ب 3 مقاعد، وكانت هزيمة ساحقة،
وهنا حدث المنعطف.

هل كان يعتقد سي محمد زيان أن الدولة ملزمة بأن تساعد حزبه، كي يبقى خادما لها؟
الله أعلم.

المهم أن سي محمد زيان كان منذ سنوات طويلة ممارسا للسياسة ضمن حزب الاتحاد الدستوري لحظة تأسيسه سنة 1983 إلى أن انسحب منه سنة 1996، وكان عضوا في مجلس النواب من 1980 إلى 1995، وكان متعودا أن يكون واحدا من النافذين في البلاد..

لكن الوقت تغير.
ولم يعد ممكنا التراجع إلى الوراء.
أي إلى مرحلة ادريس البصري، وسنوات الرصاص.
بل الوقت أضحى يقتضي الاعتماد على أشخاص آخرين غير سي محمد زيان.
وهنا بدأ يحدث ما حدث، وبدأ يقع ما وقع.

عوض أن يبقى سي محمد زيان مدافعا عن ملفات الحكومة أمام القضاء، وممثلا لها في الجلسات داخل المحكمة، أصبح مدافعا عن المعارضين لها..
تحول نهائيا.
أضحى رجلا معارضا لنظام خدمه طويلا واستفاد منه كثيرا.
بل أصبح يحاربه بسلاح هش.
أي بسلاح الجماهير.
والجماهير هشة مع الأسف.
لأن لها ذاكرة السمك.

أتمنى أن يتم إطلاق سراح سي محمد زيان.
لكن السياسة هكذا.
قانونها معروف.
إن أردت أن تلعب في معتركها، يجب أن تتحمل مسؤولية الخطط التي تستخدمها فيها.
السياسة حرب.
لابد أن يسقط فيها ضحايا.
ولا مجال للعاطفة فيها.

هذا كلام عام.

أما رأيي أنا فربما يكون قريبا من رأي ذاك المتشرد المختل عقليا الذي ذكرته في التدوينة التي كتبتها أمس بعنوان “عالم أحمق”.
لقد نظر إلينا وضحك ضحكة مجلجلة وقال :
الدينديماكم كاملين.
وهذا ما كان.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*