swiss replica watches
إبراهيم إغلان يكتب: ملعب “دونور” الشجرة التي تخفي الغابة.. – سياسي

إبراهيم إغلان يكتب: ملعب “دونور” الشجرة التي تخفي الغابة..

ملعب ” دونور” الشجرة التي تخفي الغابة.

إبراهيم إغلان

تابعنا، بكثير من الحسرة والأسف، مشاهد غريبة أثناء مباراة في كرة القدم بين الرجاء البيضاوي والأهلي المصري ضمن ربع نهائي أبطال الدوري الافريقي يوم الجمعة 22 ابريل 2022.

كانت البداية، منذ انطلاق عملية بيع التذاكر لحضور هذا اللقاء الرياضي، تؤكد بأن سوء التنظيم هو العنوان الرئيسي لهذا الحدث.
جمهور ضائع، أمن غير قادر على ضبط النظام العام، الشركة المكلفة بتدبير الملعب تائهة، والنتيجة في النهاية، فوضى عارمة، تعكس واقعا مريرا لمدينة كبيرة في حجم الدارالبيضاء، والتي لا تستحق كل هذا العبث، سواء على مستوى سمعة المغرب، أو على مستوى الجماهير التي حجت لمشاهدة المباراة المذكورة.
قبل الحديث عن مسؤولية من ساهم في هذه المهزلة التنظيمية، أود الإشارة الى أن مدينة اقتصادية كبرى، تعتبر محور الاقتصاد الوطني ومركزا ماليا قاريا، وبها فريقان كبيران كالرجاء والوداد، بثقلهما الكروي وتاريخهما ومحبيهما الكثر محليا ووطنيا، لا تتوفر على ملعب حديث، تتوفر فيه الشروط العالمية والملائمة للفرجة الرياضية.

هل ملعب ” مركب محمد الخامس” قادر على استيعاب وتلبية شغف وخدمات الجمهور البيضاوي الذي لم يعد حضوره مقتصرا على الأفراد فقط، بل العائلات أيضا، كمظهر حضاري ملحوظ؟؟ وبالرغم من خضوع هذا الملعب التراثي لعديد العمليات التجديدية والتأهيلية، والني كلفت المدينة ميزانيات ضخمة تقدر بالملايير، فإن دار لقمان لازالت على حالها: مرافق متآكلة وخدمات دون مستوى حجم الفريقين ولا حتى الفريق الوطني في حد ذاته.
لا يعقل أن تغيب عن المسؤولين على القطاع الرياضي والمحلي، بقصد أو بدونه، إنشاء ملعب جديد، يحقق تلك النجاحات الرياضية التي ما فتأ الاعلام يتحدث عنها صباحا ومساءا، والتي همت أساسا البنيات التحتية.

ولا يعقل أيضا أن يتابع العالم مشاهد الجمعة 22 ابريل التي تسيء أيما سوء إلى البلد ككل. هل المشكل مرتبط بمجلس المدينة الذي لم يحسن تدبير فضاءاته الرياضية، كما هو الشأن في قطاعات أخرى، اجتماعية واقتصادية وثقافية؟ أم أن الأمر معقد إلى درجة هذا الإهمال المتكرر والمستمر للسياسة الرياضية في بلادنا، وكأن فريقا الرجاء والوداد قلعتين محصنتين أمام المحاسبة والمتابعة والتغيير، ما الذي يمنع من إعادة النظر في الهياكل التنظيمية، بدلا من الصراعات السياسية والمنفعية التي عادة ما تبرز وقت انتخابات المكاتب المسيرة؟ لنا في التجربة المصرية مثالا على نجاح فريقين مماثلين: الأهلي والزمالك بالقاهرة.

منذ عقود من الزمن، والمشكلات ذاتها بالنسبة لواقع فريقي الدارالبيضاء: أزمات مالية، صراعات بين الرؤساء والمنخرطين والجمهور، هجرة اللاعبين المتميزين، عدم استقرار الأجهزة الفنية والتقنية، الخ..
لا أعرف، حسب علمي، ملعبا في العالم يفتح أبوابه للجمهور لست ساعات وأكثر قبل بداية المباراة مثل ما شاهدناه في حالة ملعب “دونور”، وتحديدا ليلة الجمعة الرمضانية الماضية، حيث عانى جمهور الرجاء من سوء تنظيم، أقل ما يقال عنه، انه تنظيم مرتجل، شبه هاوي، لا يمت لأهمية المباراة بصلة، ولا لإنسانية المواطنين، أفرادا وعائلات، وهم يحملون وجبات إفطارهم الى الملعب في ظروف سيئة و بشعة.
من المسؤول عن هذه الواقعة؟ صحيح أن ثمة مكتسبات إيجابية تحققت في قطاع كرة القدم الوطنية بشكل عام، وفي تأهيل الممارسة الرياضية بشكل خاص، لكن المشاهد المرعبة التي عاينها الجميع يوم 22 أبريل، تعيدنا إلى الوراء لتأكيد أن خللا بنيويا ما، لا زال حاضرا وفاعلا سلبيا أمام تلك المكتسبات، وبالتالي فهذا الوضع لا يمكن أن يخفي عمق المشكلات الحقيقية التي تتطلب وقفة تأمل ومراجعة صريحة وشفافة لتجاوز مهزلة الجمعة السوداء.
مجلس مدينة الدارالبيضاء مسؤول مباشر على سوء تدبير ملعب “دونور”، وعليه أن يتحمل مسؤوليته الكاملة في ما آلت إليه صورة المغرب أمام العالم، فالمركب الرياضي بكامله في ملكية هذه الجماعة الحضرية، تركة يتوارثها مجلس بعد آخر، دون أن توضع هذه المنشأة الرياضية موضع الحقيقة الصادمة، أي واقعها ومآلها، بنيتها وتدبيرها، أو بالأحرى دورها في التنشيط الرياضي للمدينة.
كان الحل المؤقت للهروب من المسؤولية أن يتم تفويت هذه المنشأة لشركة خاصة، يعهد إليها بتدبير وتنشيط مرافق المركب، قد يكون هذا جزء من الحل، ولكن الواقع غير ذلك، بغض النظر عن شروط التعاقد وظروف التفويت، لست مؤهلا للحديث عن خلفياتها ولا مدركا لطبيعة هذا الاختيار من أساسه. ربما كان مجلس المدينة محقا في تفويت هذا المرفق لتدبير خاص، وربما كان صائبا في قراراته التي تلزمه لوحده أمام مواطنيه وأمام الراي العام الوطني، باعتبار أن هذه المنشأة ذات بعد وطني وقاري وعالمي، ولعل هذا ما جعلنا اليوم نسائل هذا الاختيار .
لقد حان الوقت اليوم، بعد الكارثة الأخيرة، لمراجعة هذا الاختيار، أو على الأقل مواجهة مثل هذه الإشكاليات المعقدة التي يتداخل فيها السياسي والاقتصادي والاجتماعي و الرياضي. كيف لا يستطيع مجلس أكبر مدينة مغربية وافريقية تدبير منشأة رياضية؟ فبالأحرى تدبير مجال ترابي بحجم ” كازا”؟
سؤال مشروع، قد يعمم على باقي مدن المملكة، ولهذا ندرك كم هي المرافق العمومية، التي تشرف عليها مجالس مدننا، وما أكثرها، في وضعية مزرية ومقلقة، بالرغم من حداثة بعضها وجودة بنياتها التحتية.
ما سمعته من بعض الأقرباء، الذين حضروا مباراة الرجاء والأهلي، لا يمكن أن يمر مرور الكرام، لأن كارثة إنسانية كانت على وشك الوقوع، لا قدر الله، وربما قد يصعب عد الضحايا في ظل هشاشة البنية الصحية التي نعرفها جميعا. لذا على الجميع ان يصرح بمسؤوليته ويحاسب عليها، بما فيها دور بعض الفئات من الجمهور التي ساهمت هي الأخرى في تعميق المهزلة تلك، على الأقل بالمقارنة مع مباراة الوداد وشباب بلوزداد، التي لم تصل نسبيا إلى ما وصلت إليه كارثة الجمعة.
أخيرا، على المسؤولين المحليين ومسؤولي القطاع الرياضي التفكير في إنشاء ملعب جديد، مؤهل لاحتضان أحداث رياضية كبرى، واستيعاب العدد الكبير للجماهير البيضاوية والوطنية. وبدون هذا الحل، ستزداد معاناة محبي فريقي الرجاء والوداد وكذا المنتخب الوطني، وقد تغير رأي العالم بشأن الصورة الجميلة التي ينحتها هؤلاء بإبداعاتهم في التشجيع، مما يسيء إلى سمعة المدينة والبلاد.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*