د، إلهام الوادي: تدشين المركب الاستشفائي الجامعي الدولي…..ولادة عهد جديد في المنظومة الصحية المغربية
تدشين المركب الاستشفائي الجامعي الدولي…..ولادة عهد جديد في المنظومة الصحية المغربية.
بقلم: الدكتورة إلهام الوادي أستاذة القانون الصحي
1- رؤية ملكية متبصرة لبناء دولة اجتماعية متوازنة: الملك محمد السادس يبني مغرب الصحة والكرامة:
في خطوة جديدة وفي لحظة وطنية مفعمة بالفخر، أشرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله على تدشين المركب الاستشفائي الجامعي الدولي محمد السادس، وأعطى تعليماته السامية لافتتاح المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس لأكادير.
في حدث وطني كبير يجسد الإرادة الملكية القوية والرؤية المتبصرة لجلالته للنهوض بالقطاع الصحي، باعتباره ركيزة من ركائز الدولة الاجتماعية الحديثة، وعماد التنمية البشرية في مغرب اليوم والمستقبل، حدث طبي بامتياز يترجم بوضوح الإرادة الملكية في جعل القطاع الصحي رافعة أساسية لبناء مغرب متوازن وإنساني، حيث تصبح الصحة حقا لا امتيازا، والخدمة الطبية واجبا وطنيا لا ترفا إداريا.
2- مشروع استشفائي بمعايير عالمية ورؤية إنسانية:
ويأتي هذا المشروع العملاق، الذي أرفق بإعطاء التعليمات السامية لافتتاح المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بأكادير، ليشكل قفزة نوعية في البنية التحتية الصحية الوطنية، ولبنة جديدة في مسار تعميم الحماية الاجتماعية وضمان العدالة المجالية في الولوج إلى العلاج.
إن ما يميز هذا المشروع ليس فقط ضخامته الهندسية أو تجهيزاته المتطورة، بل فلسفته العميقة التي ترتكز على جعل المواطن المغربي في قلب المنظومة الصحية، فالتوجيهات الملكية المتكررة شددت على أن لا يكون الطب في المغرب امتيازا لفئة، بل حقا مضمونا لجميع المغاربة أينما وجدوا.
لهذا يعد المركب الاستشفائي الجامعي الدولي محمد السادس صرحا صحيا متكاملا، يجمع بين التعليم الطبي، والبحث العلمي، والعلاج المتطور، في نموذج جديد يكرس التكامل بين الجامعة والمستشفى، وبين المعرفة والتطبيق، هذا الصرح سيسهم في:
– الرفع من جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين.
– تكوين أطر طبية وطنية بمهارات دولية.
– الحد من تنقل المرضى للعلاج خارج الوطن.
– تحقيق العدالة المجالية في الولوج إلى العلاج.
ويترجم المركب الجامعي الجديد هذه الرؤية من خلال:
– تكوين الكفاءات الطبية والبحث العلمي التطبيقي في مجالات الطب الحيوي والسريري.
– توفير خدمات طبية متخصصة بمعايير دولية تسهم في تقليص حالات التحويل إلى الخارج.
– تعزيز العدالة الصحية بين الجهات عبر ربط الجامعة بالاستشفاء في نموذج تكاملي متقدم.
3- إصلاح المنظومة الصحية…من رؤية إلى تنزيل ميداني:
لقد وضعت الرؤية الملكية لإصلاح النظام الصحي المغربي مرتكزات واضحة، أصبحت اليوم واقعا ملموسا بفضل مشاريع كبرى من هذا الحجم.
وترتكز هذه الرؤية على أربعة محاور مركزية:
– تعميم التغطية الصحية والحماية الاجتماعية لجميع المغاربة،
– إعادة هيكلة العرض الصحي وتحسين حكامته،
– تطوير البنيات الاستشفائية وفق معايير الجودة والكرامة الإنسانية،
– تأهيل الموارد البشرية الصحية، والكفاءات الوطنية،
– تحفيز الرأسمال البشري الطبي وشبه الطبي.
– اعتماد الرقمنة والذكاء الاصطناعي في الخدمات الطبية.
لقد أصبح واضحا أن المنظومة الصحية المغربية اليوم تقوم على مشروع وطني متكامل قائم على هذه المرتكزات، إذ تتحول المنظومة الصحية المغربية من منطق الإصلاح الإداري إلى منظور الدولة الراعية للمواطن في صحته وكرامته.
4- الملك محمد السادس قائد يبني الإنسان قبل البنيان:
المشاريع الملكية في قطاع الصحة لا تقاس فقط بالأرقام أو المساحات، بل بما تحمله من عمق إنساني يجعل من الكرامة ركيزة لكل مشروع، فكل مستشفى يدشن هو رسالة ملكية بأن التنمية الحقيقية تبدأ من الإنسان وتنتهي إليه، إنها فلسفة ملك جعل من المواطن المغربي محور كل السياسات العمومية، واعتبر أن الاستثمار في الصحة هو الاستثمار في المستقبل وفي استقرار الوطن.
بهذه الدينامية، يواصل جلالة الملك بناء مغرب إنساني متماسك، يجعل من الصحة والتعليم وجهين لعملة واحدة، عنوانها الكرامة والعدالة والتنمية المستدامة.
ومع كل مشروع جديد يحمل اسم محمد السادس، نكتشف أن المغرب لا يبني مستشفيات فحسب، بل يبني الثقة والأمل في حياة أكثر عدلا وإنصافا.
5- نحو مغرب صحي جديد…. من المركز إلى الجهات:
يمثل افتتاح المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بأكادير امتدادا فعليا لمبدأ العدالة الصحية المجالية، إذ لم يعد الطب حكرا على كبريات المدن، بل أصبح حقا متاحا في مختلف جهات المملكة، إنها رسالة قوية مفادها أن الجهوية الصحية المتقدمة هي رافعة لتقليص الفوارق، وتكريس توازن التنمية بين شمال المملكة وجنوبها، بين المدن الكبرى والمناطق الصاعدة.
إن المغرب الآن في مسار صحي واعد، بهذا الحدث التاريخي، يدشن جلالة الملك محمد السادس مرحلة جديدة من دولة الرفاه الاجتماعي، عنوانها ” صحة للمواطن وكرامة للوطن” ، ومع كل خطوة إصلاحية يقودها جلالته، يتأكد أن مغرب الغد يبنى بمشاريع تضع الإنسان أولا، في انسجام تام مع الرؤية الملكية لمغرب قوي بمؤسساته، فخور بأبنائه، متضامن في مصيره ومستقبله.

