swiss replica watches
سمير ابو القاسم يرصد “اختلالات” حزب الأصالة والمعاصرة – سياسي

سمير ابو القاسم يرصد “اختلالات” حزب الأصالة والمعاصرة

كتب عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة سمير ابو القاسم تدوينة مما جاء فيها:

أي أفق تنظيمي لحزب الأصالة والمعاصرة؟

أي تقويم حقيقي لمسار الحزب، يجب أن ينبثق من الإرادة الذاتية المستقلة، على أن يظل مشروطا بتصحيح السلوك السياسي والنضالي والأخلاقي لأعضائه وعضواته، والذي عليه (أي السلوك) أن يعكس قيمة الانتماء للمشروع الديمقراطي الحداثي، وأن يتسم بقدر معقول من الانسجام مع القيم والمبادئ والموجهات الواردة في الوثائق المرجعية للحزب.
فهذه الفترة تعتبر فترة زمنية كافية للقيام بتقييم موضوعي للتجربة:
• إلى أي حد ساهم الحزب في الارتقاء بالممارسة السياسية ببلادنا، بأبعادها الفكرية والثقافية والتنظيمية والانتخابية/التدبيرية، إلى مستوى الفاعلية والنضج؟
• هل كنا موفقين في ممارستنا لقناعات التأسيس ومنطلقاته؟
• هل كان الحزب موفقا في اختيار واقع للتنظيم مبني على جدلية الربح الانتخابي والمتوقع السياسي؟
• هل كنا في مستوى التفعيل الجيد لفكرة التنظيم، والمواكبة اليقظة لارتباط الفكرة بأهداف المشروع؟
• هل كانت القيادات المتعاقبة قادرة، على ضبط الشكل التنظيمي وتوجيهه نحو تحقيق الأهداف المنشودة؟
• ما هي نتائج فتح إمكانية الالتحاق بالحزب بدون حدود، وعلى حساب الكفاءات الشابة والنخب الجديدة؟
• ما هي نتائج عدم إطلاق برنامج تأطيري وتوجيهي، يستفيد منه أعضاء وعضوات الحزب؟
• ما هي عواقب عدم الوقوف على الأخطاء، خاصة المتعلقة باختيار تمثيلية الحزب داخل المؤسسات؟
• ما هي عواقب ترك الشكل التنظيمي غير مرتبط بالمشروع السياسي، وإبقاء الهياكل التنظيمية فارغة من المضمون السياسي، ورفض الاقتراحات المتعلقة ببرامج التأطير والتوجيه دون مبررات مقنعة؟
• كيف تحول اعتماد أسلوب “التوافق” في العديد من الحالات إلى أسلوب للإملاءات الفوقية، وهو ما أفقد طعم وجودنا التنظيمي، وأفقد كل هوية وفعالية على مستوى إدراك واقع الارتباط بالمناضلات والمناضلين ومحيطهم، وأفقدنا استيعاب شروط ومتغيرات تحركاتهم في مجالات عيشهم، وأفقدنا القدرة على ضبط إيقاعات تأطيرهم وتوجيههم، وبالتالي شل قدرتنا على التأثير في مجريات الوقائع والأحداث المرتبطة بهم؟
وبكل وضوح، فقد ظل عمل “قطب التنظيم” معطلا، ونمت على أطراف هذا الوضع سلوكات خارج مرجعية الشكل التنظيمي المتعاقد عليه، وأثر كل ذلك سلبا على فعالية التنظيم وطنيا، وبشكل أكبر بكثير جهويا وإقليميا ومحليا.
وفي ظل غياب المعطيات التنظيمية، وإضعاف قدرة المكتب السياسي على تتبع “تنصيب” المسؤولين الجهويين والإقليميين، وعلى تتبع تحركاتهم وتدخلاتهم والأنشطة الداخلة في مجال اختصاصاتهم. وقعنا في فخ غياب استراتيجية تنظيمية بعيدة المدى، تهدف إلى توفير حَمَلَةٍ جدد للمشروع من بين صفوف الكفاءات والنخب الجديدة.

وضعنا التنظيمي متسم بهذا النوع من الاختلالات:
فعلى مستوى الهياكل التنظيمية الرئيسية، يمكن الوقوف على التنسيق الجهوي والإقليمي، الذي يعاني في الجهات وفي الأقاليم من العديد النواقص، سواء من حيث القدرة على التسيير، أو من حيث أسلوب العمل الانفرادي، أو من حيث عدم القدرة على جمع شمل المناضلات والمناضلين، أو من حيث القدرة على حل القضايا والمشاكل العالقة داخل الجهة والأقاليم والجماعات الترابية، أو من حيث القدرة على الفاعلية من خلال تنشيط الحياة الحزبية داخليا وخارجيا.
وعلى مستوى الأمانات المحلية، فهي غير موجودة في الغالب الأعم، والموجود منها غير مفعل، إلا النزر القليل جدا.
وعلى مستوى المقرات واللوجستيك، فهي موجودة في الغالب الأعم، بفضل مجهودات الأمناء الجهويين والإقليميين ذاتهم في العديد من الجهات والأقاليم، وبعض البرلمانيين المتواجدين في بعض الأقاليم. ومتنقلة في بعض الجهات والأقاليم الأخرى. وغير موجودة في جهات أقاليم أخرى.
على مستوى الهياكل الإدارية، فالإدارة الجهوية والإقليمية موجودة في كل الجهات وأغلب الأقاليم، لكنها غير موجودة في بعض الأقاليم. علما أنها تعاني من عدم الاستقرار في وضعها الإداري والمالي، ومن نقص على مستوى الاحترافية والمهنية. وهي في حاجة إلى تكوين.
على مستوى أعضاء المجلس الوطني، فهناك تمثيلية لكل أقاليم المملكة بالمجلس الوطني، بشكل متفاوت طبعا، لكن هؤلاء الأعضاء لا تتاح لهم فرص المساهمة في تنشيط الحياة التنظيمية للحزب جهويا وإقليميا إلا بالنزر القليل. بل منهم من لا يساهم بالمرة. ومنهم من لم تعد له علاقة بالحزب.
على مستوى التنظيمات الموازية والمنتديات، فالشباب والمرأة والمنتخبون والمنتديات، إذا كان لهم وجود على مستوى الأوراق في الجهات والأقاليم، فهم لا يساهمون في تنشيط الحياة الحزبية. ولا يتواجدون إلا في مناسبات قليلة جدا. وهناك أقاليم لا تتوفر على تنظيمات موازية ومنتديات.
على مستوى المنتخبين، فرؤساء الجماعات ارتباطهم بالتنظيم وعلاقتهم بالتنشيط داخل الحزب يبقى دون المستوى المطلوب، ناهيكم عن علاقة المستشارين الجماعيين بالحزب التي يطبعها في الغالب الارتباط برؤساء الجماعات. أما البرلمانيون، بقدر ما يسهم البعض منهم ماديا وانتخابيا، إلا أن ارتباطهم بالحزب يبقى غائبا، خاصة على مستوى المساهمة في البناء التنظيمي للحزب، وكذا التعاطي مع المشاكل والقضايا المطروحة من قبل المناضلات والمناضلين من جهة، ومن قبل المواطنات والمواطنين من جهة أخرى.
على مستوى العلاقة بإطارات المجتمع المدني، لدينا خصاص كبير على مستوى ضبط وتنظيم وتنسيق العلاقة مع إطارات المجتمع المدني، بالرغم من أننا نتوفر على فرصة التواجد بموقع التدبير في العديد من الجماعات الترابية.

لا شك أن الوعي بهذه الاختلالات التنظيمية كان حاضرا لدى القيادة السياسية الوطنية، يضعف ويتقوى حسب الظروف منذ التأسيس، والأجوبة المصاغة لها لم ترق بَعْدُ إلى إيجاد حلول متناسبة مع طبيعة المشروع السياسي: فمن جهة هناك معاناة للمكتب السياسي من الظواهر المقلقة، ذات الصلة بمشكل “تنفيذ القرارات” المتخذة، خاصة مع بروز معضلة الاختصاصات الموزعة بين المكتب السياسي والمكتب الفدرالي فيما بعد المؤتمر الأخير. ومن جهة أخرى هناك ضعف لأداء المجلس الوطني، وانحصار دوره في كل ما هو هامشي، علما بأنه يمثل أعلى سلطة تقريرية بعد المؤتمر، في تحديد التوجهات السياسية والتنظيمية الكبرى للحزب.

إن ارتباط نشأة الحزب بأهداف محددة، تجعل أداءه يدور حول حماية مصالح الفئات المتضررة من السياسات العمومية وتبني قضاياها الاجتماعية. كما تحتم عليه إذا لم يبق على خط السعي إلى السلطة، أو لم يسع إلى التغلب على تعثراته، أو لم يعمل على استثمار قوته في حدودها القصوى، فقدان ارتباطه بالأهداف الملهمة والمبررة لوجوده.

فقد كانت في الواقع السياسي فرصا تتطلب استثمارها، كما كانت عوائق تفرض التغلب عليها أو التكيف معها، وبين هذا وذاك تولدت حركية الحزب التنظيمية الموجهة، التي كانت تقتضي بناء استراتيجية هادفة إلى إنجازات محددة، وهي التي كان ينبغي أن تتضمن نسبة معينة من التحكم في الوسائل والبدائل الممكنة لتحقيق أهداف الحزب باستخدام الموارد المتاحة في ظل الظروف المحيطة.

إن وجود القيود والعوائق والضغوط، كان عليه أن يؤدي إلى الزيادة في فاعلية الحزب وتأثيره في المحيط السياسي، إذ كلما زادت الضغوط على الحزب يجب أن تزيد بالضرورة حركة الحزب وتتوهج حيويته، لكن العكس هو الذي حصل، وأدى إلى استرخاء التنظيم الحزبي وانعدام الميل نحو التطوير والتجديد والابتكار، خاصة على المستوى التنظيمي البحث.

وتطوير فاعلية الحزب للتعامل مع الضغوط التي تعرض لها في السابق، ولا زال يتعرض لها في الوقت الحالي، لا يمكن أن يقابلها سوى تحكمه في الأسس والقواعد التي يقوم عليها النشاط السياسي والتنظيمي، وفي الموارد المادية، وفي التنظيم الداخلي للنشاط، وفي أساليب العمل وطرق الأداء. فتقوية هذه العوامل كان سيؤدي إلى تعزيز كفاءة النشاط التنظيمي والسياسي، بدل انكفائه وتراجعه.

وكذلك الأمر بالنسبة لضبط الأطر والقيادات، بما يقتضيه من القدرة على العمل، فقد كان بالإمكان تنميتها من خلال الوعي بأهداف الحزب، والتكوين والتأطير العملي، وتبادل الخبرات. ومن الرغبة في العمل، وقد كان بالإمكان تنميتها من خلال الإقناع بجدوى العمل لصالح الوطن والمواطن، والترقي الحزبي، والاضطلاع بمهام ومسؤوليات حزبية وجماهيرية، والمحاسبة الحزبية. لكن الذي حصل أحيانا كثيرة هو العكس تماما، إذ لم يُعر الحزب الاهتمام اللازم بتعبئة النخب الجديدة والتدبير الجيد للطموحات المشروعة، إذ شكلت العديد من الاختيارات إحباطا وخيبة أمل كبيرين للأطر الشبابية والنسائية.

كان يُفترض في القيادة التنظيمية لحزب الأصالة والمعاصرة، خلال هذه التجربة، أن تكون واعية وملتزمة بأدوار ووظائف التنظيم في إدماج النخب في الدورة التنظيمية، وذلك عبر اعتماد آليات استقطابية مبدعة، قائمة على احترام مبدأ تكافؤ الفرص بين الجميع، ويكون هدفها تحويل المنخرط العادي إلى مناضل سياسي فاعل ومنتج، ومرتبط بالتنظيم وحامل لمشروعه.

وعليه، فقيادة الحزب مستقبلا، يجب أن تكون متحكمة في الموارد، لتكون لديها القدرة على الإنجاز والإنتاج، لتحقيق المكاسب الحزبية المستهدفة في المحطات السياسية المقبلة، ولتتحول المقومات الفكرية والتاريخية والمادية والبشرية والمعلوماتية والتقنية للحزب إلى أدوات في يد قيادة الحزب، تستثمرها لتحقيق الإنجاز المقصود.

كما يتعين على القيادة الحزبية أن تكون منتخبة. وذلك يفرض وجود حالة من التآلف بين أعضائها فكريا وثقافيا وخبرةً، حيث يؤدي ذلك التآلف إلى مرونة حركية، وتوافق نفسي للإدارة، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات على طبيعة وشكل التوافق الذي حصل في المؤتمرات الوطنية السابقة على القيادات المتعاقبة، التي برزت العديد من المؤشرات على غياب التآلف والتوافق النفسي بين أعضائها، وهو ما لم ييسر المرونة اللازمة لحركيتها.

وهذا لا يعني بالضرورة تغييب مفهوم الاختلاف، لأن العمل السياسي لا يحيى بدون آراء ووجهات نظر وتقديرات سياسية مختلفة، على عكس العمل التنظيمي، إذ لا يحيى ولا ينشط إلا في وجود حالة تآلف بين القائمين عليه.
لذلك، فإن على قيادة حزب الأصالة والمعاصرة مستقبلا، أن تختبر مقومات تنظيمها الحزبي وقدراته بصفة دورية، للتأكد من قدرة الشكل التنظيمي على بلوغ الأهداف وتحقيق الإنجازات، بل والتخلص من كل العوائق والعقبات لتخفيف الأعباء، وعليها إصلاح ما يمكن إصلاحه، وتقويم ما يمكن تقويمه تحت طائلة ربط المسؤولية بالمحاسبة.

وهي بالمناسبة مسؤولية جماعية بمنطق التضامن داخل كل جهاز من أجهزة الحزب، لكنها محددة بشكل فردي أو مجموعاتي حسب توزيع المهام داخل أي جهاز، “قطب التنظيم” و ” اللجنة الوطنية للانتخابات” نموذجا.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*