وشم فوق الجسد
لحسن حداد
ذات زمن طل علينا البدر دامع العين
ذات ليلة من زمن ولى
ذات صرخة في غياهب الدهر المتدحرج على أجسادنا
نوره خافت كصوت الحزن
تهب أشعته بصمت مريب قوي
ذات آهة من أعماق الجرح الثائر
طل علينا البدر محتشما كيد الغدر…
أصوات، صخب، رقص في جرح الليل
سكر من ألم القلب الدامي
تيه وسط فيافي الزمن الثائر كموج بحر الظلمات
نرتعش من النجم والقمر والريح الصرصر
ندور وندور، دوران حتى الغثيان،
طل علينا الفجر حزين الوجه
منهك الجناح من بطش الجبروت…
ذكرى وذكرى، وشم فوق الجسد،
وصمة على القلب المنهك بالآهات،
نار زرقاء مشتعلة وسطنا ونحن نحكي
لا نبكي الزمن ولكننا نحكي
نخاف مجهول الليل والنفس الأمارة بالفعل المسمى
حكي وحكي، قصص لم تكتمل
تاريخ مبتور ككتب جاحظ العينين
وقف الصبح بدون تحية يبتسم باكيا…
مر الدهر من هنا ذات ظهيرة
بطيء الخطى كعقارب ساعة وقت جوع البطون
تركنا وراح يشكو الغدر لعندليب الشجر الرخو
راح إلى حيث الغيث يمطر الوجد أملا
إلى حيث الموج أزرق كبسمة السماء
بقينا ننذب حظنا
نغذي ذكريات كادت تقع
تتوارى كل ليل، كل فجر، كل صبح..
ذات زمن مر الدهر من هنا
فظل البدر دامع العين
ينتظر الآتي الذي قد يأتي
يوما ما، ذات صرخة في غياهب الدهر.