swiss replica watches
موحى صواك.. الفضاء المدرسي يعلمنا قيم التعايش والاختلاف واحترام الآخر، وإصلاح التعليم والنهوض به مسؤولية جماعية (حوار). – سياسي

موحى صواك.. الفضاء المدرسي يعلمنا قيم التعايش والاختلاف واحترام الآخر، وإصلاح التعليم والنهوض به مسؤولية جماعية (حوار).

جواد جعواني 

خلال فترة الحجر المنزلي التي فرضت في معظم دول العالم للحد من الانتشار السريع لفيروس كورونا، أصبح لزاما على الجميع لزوم المنازل إلا العاملون في القطاعات الحيوية، كما أغلقت المدارس والمقاهي والمطاعم والمساجد وجل فضاءات الترفيه.

وأمام هذا الوضع الغير المسبوق في عصرنا الحالي، ولتمضية الوقت داخل البيوت لجأ العديد من الناس للقراءة وللكتب عموما سواء في نسختها الورقية أو الرقمية، كما تم اعتماد التعليم عن بعد كآلية بديلة لتعويض الدروس الحضورية، غير أن هذا الاجراء قوبل بترحيب وبانتقادات في نفس الوقت، حيث يرى فيه المرحبون به، أنه وسيلة مهمة لاستمرارية العملية التعليمية وإنقاد الموسم الدراسي من شبح السنة البيضاء، في حين يرى فيه المنتقدون له أنه يضرب مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المتعلمين على اعتبار أن الحواسيب واللوحات الالكترونية ليست متاحة للجميع ناهيك عن الربط بشبكة الانترنيت.

وفي هذا الحوار سنستضيف الكاتب والروائي موحا صواك لكي يحدثنا عن القراءة خلال فترة الحجر المنزلي والتحديات الرقمية التي تواجه الكتاب، كما سنتطرق معه أيضا لمسألة التعليم عن بعد والأسئلة الحارقة التي طرحها هذا الموضوع على طاولة النقاش العمومي.

في البداية أستاذ موحى صواك، كيف تعايشت خلال فترة الطوارئ الصحية مع فكرة الجلوس في البيت وعدم مغارته إلا للضرورة القصوى؟

في الحقيقة لم يزعجني الحجر الصحي كثيرا، لأنني اعتدت عليه، علما أنني في العادة قليل الخروج من البيت، لذا تقبلت الوضع بهدوء، لكن ما لم يرقني في مسألة الحجر الصحي هو  الجانب القهري مع مراقبة الشرطة الفظيعة خاصة بالمدن والحواضر الصغرى، هنا يمكن القول بأن الحجر الصحي أصبح سجنا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، في نظري كان يجب التفكير في الفقراء الذين يعيشون برواتب هزيلة وفي كبار السن الذين يعيشون لوحدهم، وكما هو معلوم لدى الجميع فإن نظام الحجر الصحي في حد ذاته نظام عفا عليه الزمن بحيث  تم استخدامه في الأوقات التي لم تكن فيها وسائل علمية للكشف بسرعة عن المرض. بالمقابل نجد أن العديد من الدول كوريا الجنوبية والصين وألمانيا اعتمدته لاختبار السكان المحليين.

 

لجميع الناس عادات سلبية مرتبطة بمعيشهم اليومي، ما الذي تغير من عادات الكاتب والروائي موحا صواك خلال هذه الجائحة؟

في الحقيقة لم يتغير شيء سوى الانطباع بوجود وقت أطول بكثير من المعتاد وبالتالي الميل إلى التسويف والمماطلة في إنجاز العمل مع الشعور بأنني يمكنني تأجيل إنجاز عملي إلى يوم الغد.

  خلال فترة الحجر الصحي كثر اللجوء للأنترنيت كأداة لتمضية الوقت خاصة مواقع التواصل الاجتماعي في حين لجأ البعض الأخر للكتاب والمطالعة، هل يمكننا القول بأن جائحة كورونا صالحت المغاربة مع فعل القراءة؟

بصراحة لا أعرف، أعتقد أننا بحاجة لأرقام ودراسات للحديث عن هذا الموضوع، كما أن المكتبات والأكشاك قد أغلقت خلال فترة الحجر الصحي، لكن ذلك لم يدفع الناس إلى تغيير عاداتهم، الأنترنيت له هذه القدرة المزدوجة على جذب الجماهير باستعمال الصور والموسيقى عكس القراءة، لذا أعتقد أن استعماله بقي كما هو، أقول هذا لأن الذين يقرؤون ليسوا في الأصل بحاجة إلى التحول للقراءة، بالمقابل القراءة وحب المطالعة منتشرة بكثرة والأشخاص الذين يستعملون الأنترنيت من بين القراء، هم محدودون، لأن القراءة ضرورية، إما أنها موجودة في الفرد أو غير موجودة. يجب أن تلبي القراءة حاجة في الفرد؟ ولدي انطباع بأن هذه الحاجة في المغرب غير موجودة لأن الكثير من المغاربة راضون بالمقاطع الصوتية والمرئية. لا زلنا بعد حضارة شفهية، أقول هذا بالضبط نظرا للعدد الكبير لمشاهير “اليوتوب” بالمغرب، هؤلاء فيهم من لم يسبق له قراءة كتاب واحد وفيهم من قرأ العديد من الكتب لكن بشكل خاطئ وهم في النهاية، لديهم هدف واحد وهو كسب الكثير من المال من المواقع التي تبث مقاطع الفيديو الخاصة بهم.

بالإضافة لذلك يجب أن أشير لملاحظة مهمة وهي أن القراءة تطرح وتخلخل الإشكاليات، هل نقرأ لكي نكتشف ذواتنا وأنفسنا أو نقرأ لكي نصبح عبيدا لأي كان يحاول من خلال كتاباته توجيهنا؟ القراءة التي لا تقوي الحس النقدي لدى القراء هي حتما خطيرة. وهذا هو الصنف من الكتب التي غيرت وجه العالم بقدر ما هي جيدة فهي سيئة. الآن مع الإنترنت يمكن لأي شخص نشر أي شيء

خلال الجائحة تداول العديد من المغاربة فيما بينهم عبر تطبيقات التراسل الفوري “واتساب” الكتب في صيغة رقمية PDF هل يمكن للنسخ الرقمية في يوم من الأيام تعويض الكتب في صيغتها الورقية؟

لا أعتقد ذلك، على الأقل في الوقت الراهن، فالعديد من الدراسات التي أجريت حتى الآن تشير بوضوح للتأثير الكبير للأشعة الزرقاء، لدى وجب التفكير في عواقب الاستعمال الكبير والتعرض الطويل للشاشات، شخصيا أفضل الكتب في صيغتها الورقية لأسباب مرتبطة بالعادات، مثلا رائحة الكتب وملامسة الورق، حجم وجمالية الكتاب بالإضافة لإمكانية أخده وقتما تشاء. إن الوسائل الرقمية تشكل في الوقت الراهن وستظل إلى الأبد إلى جانب المشاكل التقنية والتجارية التي ستسجن الإنسانية في نظام قمعي ووحشي ومنحرف تماما، تحديا حقيقيا وجب أخده بعين الاعتبار، أفكر بشكل خاص في مختلف الفيروسات والقراصنة الذين يمكنهم الاستيلاء على جهاز الكمبيوتر الخاص بك، أو يمكن حصول عطب صغير في الكهرباء سواء في المنزل أو في المدينة أو على نطاق عالمي، وهذا أمر وارد خاصة مع هذه التجربة الوبائية، كما أنه من المرجح أن يحدث عاجلاً أم آجلاً.  لكني سأترك الأسوأ أخيرًا: لكن بالمقابل عندما تشتري كتابًا فهو كتابك، إنه كائن مادي. يمكنك الاحتفاظ به في مكتبتك لعدة قرون، بالمقابل بالمغرب مثلا، لو قررت في يوم من الأيام، قوة معينة عدم بيع كتب الطبخ عبر الأنترنيت، سوف لن يتمكن الناس من الطبخ وسنموت جوعا جراء ذلك! أمزح طبعا، أود القول بكل بساطة بأن بعض هذه المواقع ستختفي بالتأكيد وليس لديها عناوين على أرض الواقع للذهاب لزيارتها.

بالإضافة لهذا فالمواقع والمنصات المغربية ليست موثوقة، وهنا نخلص في الأخير إلى أن المغرب لازال يعتمد على المواقع الأجنبية في كل شيء. 

 خلال الجائحة توقفت الدراسة حضوريا واستبدلت بالتعليم عن بعد، كيف تنظر لهذه التجربة الجديدة والغير المسبوقة ببلادنا وإلى أي مدى يمكنها تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص بين المتعلمين، علما أن شريحة كبيرة من المتمدرسين ينحدرون إما من الوسط القروي أو من فئات هشة ومعوزة لا تتوفر على آليات ووسائل التعليم عن بعد من أنترنيت ولوحات إلكترونية؟ 

هنا يمكننا القول بأن التكوين في التقنيات وفي لغات البرمجيات أصبح ضروريا ووجب التفكير في اعتماده في البرامج التعليمية ابتداء من مرحلة الابتدائي. ولا أحد اليوم يمكنه أن يجادل في هذه التقنيات التي أصبحت هي المستقبل، ولم يعد الأستاذ محتكرا للمعرفة، لهذا على تكوين الأستاذة أن يتغير، وعلى الأستاذ أن يكون مكونا في هذا المجال حتى يتسنى له تكوين التلاميذ. إذن هذه التجربة الجديدة في اعتماد التعليم عن بعد والتي فرضها الوباء كشفت عن حجم المشكلة التي ستواجه المغرب اليوم أو غدا. 

يجب الإشارة إلى أن المغرب خلال تسعينيات القرن الماضي كان يتوفر على برنامج طموح تجلى في إقامة قاعات تتوفر على حواسيب بكل المؤسسات التعليمية مع تكوين أساتذة في مادة الإعلاميات.

أعتقد اليوم أنه من بين المعدات واللوازم المدرسية يجب علينا التفكير في شراء لوحات إلكترونية لكل تلميذ مع إدماج سلسلة من التمارين التي يجب إنجازها بواسطة هذه اللوحات. وعلى الدولة والجماعات المحلية التكفل بمصاريف شراء اللوحات الالكترونية لفائدة التلاميذ المعوزين حتى نضمن تحقيق المساواة ونفس الإمكانيات للجميع.

 سي موحا صواك بصفتكم أستاذ ورجل تعليم سابق وأيضا ككاتب ومفكر هل في نظركم يمكن للتعليم عن بعد تعويض التعليم الحضوري خاصة وأن منظمة الصحة العالمية تحذر من موجات جديدة للوباء، ولا تفصلنا عن بداية السنة الدراسية المقبلة إلا شهرين تقريبا؟

في الوقت الراهن لا اعتقد ذلك، حضور الأستاذ ليس فقط ضروريا، بل أساسيا، لكن يجب توفير المناخ الذي يأسس للمدرسة بصفتها فضاء اجتماعيا، بهذا المكان يمكننا أن نلاقي الأصدقاء والأعداء، وهنا يمكننا أن نكتشف الفضاء الخارجي والذي علينا أن نتعايش معه، وهنا بالضبط نتعلم بأنه هناك أناس لا يفكرون كما نفكر نحن وأفراد عائلتنا، بكل بساطة المدرسة تعلمنا قيم التعايش والاختلاف واحترام الأخر. بيداغوجيا حضور الأستاذ أو المؤطر ضروري لتبادل النقاش، ولتجاذب الآراء، لكن علينا ألا ننسى بأن التعليم هو استعمال أدوات ومواد تحفز الأبعاد التربوية والنفسية للتلميذ، كما أن التعليم لا يستهدف فقط المعرفة النظرية للتلميذ، باستخدام المسطرة، والمربع، ونصف القطر لرسم خريطة أو كلمات على ورقة، كل هذا جزء من تكوين وتعليم الطفل.

إجابتي على هذا السؤال لا تتمحور حول الحاضر الآني ولكن هي تفكير مستلهم مما نعيشه على أرض الواقع. كي يكون التلميذ استقلالية في عملية تعلمه، علينا إعداده من الآن. كما أن تكوين الأساتذة هو عنصر أساسي في التغيير والإصلاح الذي نطمح له مستقبلا، نتوفر حاليا على تجربة ومعارف محترمة، كما أن التلميذ هو ذاك المواطن البسيط الذي يجب عليه أن يدرك كيف يفرق بين الصحيح والخطأ، كما أن، عليه أن يتعلم كيف يختار وينتقي المعلومة الصحيحة من دون أن يهدر وقته في تصفح مواقع تجارية، أو بكل بساطة أية مواقع غير مفيدة، وهنا يكمن دور المدرسة والأستاذ الذي يبقى دورا مهما وحيويا في المنظومة التعليمية. 

بيوغرافيا.

وُلد موحا صواك في بلدة بوذنيب، بالجنوب الشرقي للمغرب. تلقّى تعليمه في مدينة الراشيدية، بعد حصوله على البكالوريا درس القانون والأدب في الرباط وفاس.

فاز بجائزة الدورة الحادية والعشرين للأطلس الكبير في نسختها الحادية والعشرين في فئة الأدب العام، عن روايته “Nos plus beaux jours” (أجمل أيامنا) الصادرة عن دار النشر لوفينيك سنة 2014

صدر له العديد من الروايات والأعمال الإبداعية باللغة الفرنسية من بينها «سنة الكلبة»، «إبلیس»، «سنوات أو آمال للعیش»، «اللاعبون»، «أجمل أيامنا»، وغیرھا. 

اشتغل كمدرسا للغة الفرنسية بمجموعة من المؤسسات التعليمية بإقليم الرشيدية.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*