السياسة ليست أسهما في شركة مدرة للربح الوطن أهم من البيجيدي والبيليكي
عبد السلام المساوي
الحكاية اليوم ليست الرد على إدريس الأزمي أو تتفيه رأيه ، ولا حتى الانتصار له .
والحكاية أيضا ليست في الانتصار للفيسبوكيين ، وللقوم السابحين في عوالم الأنترنيت معتقدين أنهم يؤثرون في الشاذة والفاذة في هذا البلد الأمين .
الحكاية هي سؤال عن طريقة الخطاب هاته ، وعن طريقة وصول هذا الخطاب الى البرلمان ، وعن الناس الذين يصوتون لأجل إيصال أناس يقولون لنا في نهاية المطاف ” واش بغيتونا نخدمو بيليكي ” الى مراكز القرار ومراكز التشريع وبقية المؤسسات .
هذا السؤال جارح ومؤلم ، ويمس أوتارا حساسة عديدة ، لكنه ضروري …السؤال الأكبر في المغرب اليوم هو من يصوت على أحزاب لا تتوفر على برامج سياسية ، بل تمتلك فقط الشعارات والخطب والكلام المرسل والمطلق على عواهنه ، وحين تضيق بها الدائرة وتتضح كل أوجه انعدام الكفاءة فيها تفاجئنا عبر طاقاتها ” الخلاقة ” بعبارات مثل ” بيليكي ” وغيرها كثير ؟!!!!
ينسى الأزمي وأمثاله أن السياسة ليست أسهما في شركة مدرة للربح ، السياسة عمل تطوعي في الأساس ، ومن أراد تحقيق مداخيل و أرباح فما عليه سوى ممارسة التجارة وتجشم عناء الاستثمار .
ما لا يفهمه العمدة الذي صنعه بنكيران من فراغ وأراد به مواجهة جيله من مؤسسي الحزب الحاكم ، أن المغاربة ليس مقدرا عليهم تحقيق ترف وبحبوحة العيش لوزرائهم وبرلمانييهم ، وأنه آن الأوان لنزع ملعقة التعويضات الخيالية من فم السياسيين وتركهم يبكون ويجذبون ما شاؤوا وكيفما شاؤوا ، ولو كان للأزمي وجه تعلوه نقطة الاحمرار لشعر بالحرج بضائقة الملايين وتقدم بتنازل عن واحد من تعويضاته المتعددة لكن لا حياة لمن تنادي .
للأسف ابتلينا بطينة من السياسيين يعيشون عالة بالسياسة لكنهم قد يتحولون الى ثوار مستعدين لقلب الطاولة والتهديد واطلاق وابل من الاتهامات اذا تجرأ أحد على الاقتراب من غنيمتهم .
اعتنق العدالة والتنمية ، منذ نيله الشرعية وانخراطه في العمل السياسي داخل المؤسسات بفضل الراحل عبد الكريم الخطيب ، وبفضل الراحل الآخر ادريس البصري ، شعار الجبهة الوطنية المتطرفة في فرنسا وشعار كل الشعبويين في العالم كله ” كلهم فاسدون ” او ” Tous pourris ” وظل يقول لقواعده والمتعاطفين معه ان كل الاحزاب المغربية الأخرى مليئة بالمنافقين واللصوص والفاسدين والذين يملؤون بطونهم بمال الفقراء ، والذين لا يراعون الله ولا يريدون دخول الجنة ابدا ولا يكترثون بالشعب المغربي اطلاقا .
دخل الحزب معمعة العمل الحكومي والبرلماني ، وشرع في اكتشاف ملذات الحياة ، وفجأة وجد المغاربة انفسهم امام زعيمه بنكيران وهو يمتشق المعاش تلو المعاش ، ويرفض التخلي عن المناصب الدنيوية الزائلة ، أو التي كان يصفها بأنها زائلة ، ويجلس في الدار يراقب الفيسبوك ولايفاته ، ويطلق من خلاله رصاص الرحمة على نفسه اولا ، وعلى حزبه ثانيا ، وعلى عديد الشعارات التي أمطر بها الناس هو ورفاقه ، أو لنقل اخوانه ، في الحزب سابقا على امتداد عديد السنوات.
يظهر عبد الإلاه بنكيران ، الحديث العهد بالبرلمان ، وهو يرغى ويزبد بلحيته المبعثرة أمام فتح الله ولعلو ، وزير الاقتصاد والمالية في حكومة التناوب . دخل بنكيران البرلمان بعد صفقة سياسية غامضة ، وجاء محملا بمهارات الدعوة والخطابة ليثير موضوع المعاشات والظلم الذي فيه ، قبل أن يجيبه ولعلو ، كان يتابع شطحاته بابتسامة ماكرة لا يتقنها غير من خبر الناس ودروب تحولاتهم في الأمكنة والأزمنة .
وكأن ولعلو يقول في قرارة نفسه : ” سنرى ما ستفعلون يوم تكونون مكاننا ” ، وذلك بالفعل ما حدث بعد عشرين من مشهد ابن كيران في البرلمان ، يعود إدريس الأزمي. ، رئيس المجلس الوطني للبيجيدي ، الى نفس القاعة البرلمانية ليرغد ويزبد بدوره ، لكن بدون لحية مبعثرة هذه المرة ، ودفاعا عن تعدد التعويضات وعن المعاشات ، لأن البرلمانيين كما قال ” ما غاديش لخدمة بيليكي ” !!!!!