swiss replica watches
وتعثر الكتاب في يد القراء – سياسي

وتعثر الكتاب في يد القراء

 

فنجان بدون سكر:

بقلم عبدالهادي بريويك
يبدو على الأرجح أننا لم نعد مغرمين بقراءة الكتب و لم تعد لدينا الرغبة في حمل الكتاب وتصفح صفحاته والإبحار بين أفكاره ، ربما لأننا في الماضي كنا نقرأ فقط لكون القراءة كانت الوسيلة الوحيدة لملإ فراغنا البليد لا غير، حتى جاء هذا التطور التكنولوجي والرقمي وهذا العالم الافتراضي فمنحناه شيكاً على بياض ومنحناه أنفسنا كما تمنح القرابين لأنهار الفراعنة قديما، فتخلصنا من عوالم المعرفة وتسقطنا في شتات الأفكار بعيدا عن فرح المعرفة !.
هذه الفوضاوية التي نعيشها في كل وقت وحين في العالم الافتراضي العبثي أفرغتنا من محتوانا وأفرغتنا من التشبت بروح القراءة والكتابة والإبداع وحاربت فينا رغبتنا الجامحة في التوجه للمكتبات والخزانات بحثا عن سعادة المعرفة والإطلاع والإلمام، وبتنا في بحر أمواجه تلاطمنا بفعل زخم المعلومات المتناقضة التي نصفها حقيقة وما تبقى منها انزلاقات تهوى بنا إلى عوالم الجهل في القرن الواحد والعشرين.
في العالم الافتراضي هناك أصناف من البشر يركبون كل موجة ويركضون برفقة الضجيج ويتزاحمون تحت أضواء الحدث حتى لو كانت تغريدة فارغة أو فكرة ضائعة أو معلومة خاطئة، فيصبح هذا العالم عبارة عن مجموعة من الظواهر المتغيرة للجوهر والدافع الثابت على مر العصور.

فأصبحنا بذلك في متناول “الأكشن الكتابي”أو الترفيه الاجتماعي أو الاستعراض اللغوي، أو أي شيء لا علاقة له بالمعرفة الأصيلة ذات الالتزام الثقافي العلمي الصحيح.
فقد أصبحنا فعلا دراويش في قراءتنا وفي أفكارنا وفي تعلمنا وحتى في إنسيتنا، وأصبحنا فقراء في عصاميتنا وبحثنا عن العلم والمعرفة وعن الكتاب الذي يكون المصدر الوحيد لتجديد الحياة والطاقة في تنظيف عقولنا والارتقاء بذواتنا الآدمية إلى مستوى البشر بعيدا عن منطق الحيوانات وباقي المخلوقات والكائنات ونساهم في تطوير الحياة واكتناز المفاهيم والمعاني الدفينة وتملك اللغات وكل اللهجات.
فالقِراءةُ مُضادٌ حيويٌ للتطرف والتعصب والإقصاء، فكلما ازداد المرء قِراءةً ازداد تسامحاً وانفتاحاً ومرونة، ومعرفةً بالآخر وتقبلاً له، وبالتالي تفهماً له وتعاوناً معه والتقاءً به.
كما أن القِراءةُ حِوارٌ مع الأفكار والآراء والتصورات والأخيلة، والتقاءٌ مع أصحابها على صفحات الكتب والقِراءةُ وطنٌ لمن لا وطن له، وطنٌ رحبٌ شاسعُ الأرجاءِ، لا ضرر فيه ولا ضرار. فهي مُتعةٌ خَالصةٌ دون شوائب أو مُكدرات، مُتعةُ التهام الصفحات، والتقاطُ الدُرر والحِكم، ولَذةٌ في تذوقِ جَمال العبارات والصور الفنية، وانبهارٌ بمنطقية الأفكار وعبقرية الآراء والتصورات.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*