swiss replica watches
” الجزائر الجديدة” وعقدة ” المروك”… – سياسي

” الجزائر الجديدة” وعقدة ” المروك”…

إبراهيم اغلان

1.محاولة للفهم:
كل من يحاول فهم ما يقع في الشقيقة الجزائر، سيجد نفسه أمام خيارين اثنين، لا ثالث لهما، إما أن يشخص ويحلل ويفسر ؛ وإما أن يعتمد على المعطيات الظاهرة لسلوك ومواقف وقرارات النظام الجزائري.

وبما أن الخيارين، في الغالب، سيفرزان النتائج نفسها بالرغم من منهجية الخيار الأول وبساطة الخيار الثاني، لسبب واضح، ألا وهو أن النظام الحاكم في الجزائر يعيش اليوم مرحلة ارتباك على مستوى تدبير و تسيير البلاد.
لعل من مؤشرات هذا الارتباك، نذكر الأعطاب الظاهرة للعيان في توفير الشروط الضرورية للعيش داخل المجتمع الجزائري، منها الماء والزيت والحليب والغاز…الخ؛ وكيف فشلت الدولة في تدبير هذه المشكلات اليومية، إن لم نقل الحياة الطبيعية للمواطن.

فبدل البحث عن حلول واقعية، وبالتالي أن تتحمل مسؤوليتها الكاملة، نجدها قد أغرقت البلاد في وعود ، وكأنها تنتقم من موقف الشعب الرافض لشرعيتها المزورة.
مؤشر آخر، لا يختلف خطورة عن السابق، وهو الأمن الصحي للمواطن، حيث تدبير الجائحة بشكل مرتجل، فغابت الحلول الاستباقية لمواجهة واقع صحي مخجل، سماته تراجع الخدمات الطبية و نقص الاوكسجين و غياب المعطيات الحقيقية لتداعيات الوباء.

أمام هذا الواقع، لم يجد المواطنون أمامهم سوى الاعتماد على تضامنهم و تعاونهم لتوفير ما يمكن توفيره للحد، ولو جزئيا، من أزمة خانقة لا زالت متواصلة…
مؤشر ثالث، ارتبط بظاهرة الحرائق التي اجتاحت أكثر من منطقة، وبخاصة منطقة القبائل، لم تتمكن معها الدولة من مواجهة هذه الكارثة الطبيعية والبشرية أيضا، ولقد تابعنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي كيف تعاملت الأجهزة الرسمية، بكثير من الإخفاق، في تدبير هذه الحرائق وما تبعها من مشهد قتل الشاب جمال بن إسماعيل، وتوظيف هذه الحادثة الأليمة لتصفية حسابات سياسية وامنية.
2.باراديغم المؤامرة: ارتباك من نوع آخر
يبدو ، بعد كل هذه المؤشرات وغيرها، أن ” الجزائر الجديدة” كما أرادها حكامها، وجدت مخرجا مريحا لفشلها الذريع في تدبير شؤون البلاد والعباد، ويتمثل تحديدا في تفعيل مبدإ المؤامرة، وبما أن العدو الجاهز دوما في عقيدة هؤلاء الحكام هو المغرب، فقد علقت عليه كل مآسي الشعب الجزائري.

بدءا من دعمه للانفصال والتجسس والتطبيع …الخ، هكذا يجتهد حكام الجزائر في ترحيل الفشل الذاتي الى جاره الغربي، بل توريطه في لعبة خبيثة، أدركت الحكمة الملكية أبعادها وتداعياتها ، فكان الرد في موقعه وموضعه.
لقد أصبحت المؤامرة باراديغما في عقلية وتوجه النظام العسكري الجزائري، بكل آلياته الأمنية والدبلوماسية والاستخباراتية، وبكل ما ملكت يده.

إنها بنية عميقة في هذا النظام، بنية مركبة، لها حمولة تاريخية ونفسية وثقافية.

فالمغرب دولة عريقة، محافظة على هويتها المتعددة في إطار الوحدة الوطنية، ومنفتحة في الوقت ذاته على العالم.

وبالمقابل، لا زالت الجارة الشرقية تبحث عن هوية ضائعة.
منذ استقلال الجزائر إلى اليوم، والنظام العسكري يؤسس لهذا البراديغم عبر وسائل التربية والاعلام، حيث لا تخلو المنظومة التربوية من خطاب عدائي اتجاه المغرب، ولا زالت الناشئة الجزائرية تتلقى الخطاب ذاته.

أما الاعلام، فحدث ولا حرج، فالمغرب موضوع يومي، للشتائم واللعنات وكل ما يخطر في البال من لغة استفزازية وبلاغة محشوة باللمز والغمز وهلم جرا…
أما دبلوماسيا، فقد حشد هذا النظام إمكانيات البلاد لشراء الذمم وتجنيد لوبيات هنا وهناك لعزل المغرب في زاوية ضيقة. إنها لعبة مكشوفة، ربما حققت في زمن ما بعضا من أهداف عقيدة بالية، لكنها اليوم، لم تعد مؤهلة لتجريب آليات أخرى، بل ظلت حبيسة الرؤية نفسها.
من هذا المنطلق، يمكن فهم ارتباك هذا النظام على عدة مستويات، داخليا وخارجيا، إنه ارتباك مزدوج ومركب، سمته الأساسية مواجهة المغرب والتشويش على مبادراته واختياراته.

وفي الوقت ذاته، مواجهة الشارع الجزائري لكبح تطلعاته نحو التغيير.

معادلة صعبة، ستؤدي حتما إلى الانهيار الشامل أو الارتماء في حضن أيديولوجية الزمن البائد.
إنه منطق عسكري واضح، بقدر ما يخفي تصدع أجهزته، بقدر ما يكشف عن رعونة ” القوة الإقليمية الضاربة”، وتؤكد ذلك خطابات الرئيس والقيادة العسكرية.

مهما اختلفت المقاربات حيال المشهد الجزائري اليوم، فإن سلوك ومواقف السلطة الجزائرية، سواء اتجاه شعبها أو اتجاه المغرب، يتصاعد ويتزايد بشكل هستيري، أحيانا باختلاق سيناريوهات مفبركة ومفككة، وأحيانا أخرى بخطابات ورسائل تحمل في طياتها الحمق والجنون.
لحظة مفصلية، يعيشها نظام، لا هو قادر على استيعاب تحديات الداخل المشحون بالأزمات اليومية والمستقبلية، ولا هو في استطاعته وضع العصا في عجلة رهانات المغرب؟ هنا تكمن المعادلة المشار إليها سلفا.

فكيف لهذا النظام تجاوز هذه المعادلة؟ يبدو أن الأمر فيه من الصعوبة والالتباس ما يجعلنا غير متفائلين البتة بحكم طبيعة هذه العقلية العسكرية المتشنجة على الدوام، التي تقتات من الدسائس والمؤامرات، وتتفنن في إنتاج حكايات وقصص القتل والحرق وما شابه ذلك من اتهام الداخل والخارج بالإرهاب وزعزعة ” اللادولة”…
ها هنا، باراديغم المؤامرة يؤسس لعقلية متجذرة في العداء لصداقات الشعوب وتعاونها في مواجهة الآتي الذي لن يكون رحيما على ذاكرة مشتركة، ذات أبعاد رمزية، قد يندم على نسج خيوط تفكيكها نظام له المحو والنسيان…

3. ” فخامة ” الشعب الجزائري
إن الشعب الجزائري وحده بإمكانه قلب المعادلة تلك.

وحده ملزم بتغيير عقيدة العداء الموروثة من زمن غابر. وحده كفيل بتطوير ذاته ومقدراته من أجل العيش الكريم. وحده جدير بالانتماء إلى وطن حر، منفتح على جواره، دون وصاية أو أيديولوجية، ظاهرها الدفاع عن تقرير الشعوب لمصيرها، وباطنها احتجاز شعبها، ليظل رهينة للفقر والتهميش والقمع والهروب عبر قوارب الموت.
لست مؤهلا للحديث في مكان المواطن الجزائري، لكن المشهد الحالي لا يبشر بخير، فالمشكلات الاجتماعية والاقتصادية في تفاقم متواصل، إضافة إلى انسداد الأفق السياسي، قد تؤدي إلى وضع مأساوي، لا نتمناه لأشقائنا مهما قيل ويقال في وسائل الاعلام التي تصنع الحقد والكراهية والشوفينية.
على اشقائنا أن يدركوا بأن ذاكرتهم التي عمرتها أيديولوجية العداء للمغرب منذ الطفولة إلى الشيخوخة، هي أكبر تحدي وأقوى رهان، إلى جانب التحديات والرهانات الذاتية، للانزياح نحو الاندماج والتعاون والتآزر ونبذ مواقف ووقائع الانفصال التي لجأ إليها النظام العسكري.
وعلى مواطني الجوار أن يعلموا بأن مستقبلهم رهين بمواجهة نظام مغلق، متحكم في واقع وأفق بلاد، حباها الله بكل مقومات النجاح والازدهار.

نظام منشغل فقط بالمغرب، وبقضية مركزية وثابتة بالنسبة للمغاربة.
وعلى إخواننا الجزائريين الذين ناضلوا ويناضلوا من أجل التخلص من وهم العداء للمغرب، بالرغم من كل محاولات المتابعة والتضييق والاعتقال، أن مصير البلاد مرتبط أساسا بوضع داخلي مرتبك ومحاصر ، مقبل على انهيار لا حدود له. لذا فالعدو الرئيس والتقليدي هو تغيير هذا الوضع، وليس العدو هو ” المروك” أو ” المخزن”، علما أن مثل هذه التوصيفات القدحية في معجم الجزائريين ، هي عكس ذلك تماما بالنسبة للمغاربة.

 

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*