swiss replica watches
عائشة الشنا ….” أشهد ألا أما إلا أنت “ – سياسي

عائشة الشنا ….” أشهد ألا أما إلا أنت “

عائشة الشنا ….” أشهد ألا أما إلا أنت “
عبد السلام المساوي
لقد حدث ما كان حتما سيحدث …وما كان مأمولا أن يتأخر حدوثه…حدث أليوم ، أن جسد الأم عائشة الشنا ، افرغ اخر ما استطاع من نفس ، ليسلم انفاس المرأة العزيزة لفضاءات التاريخ الرحبة والعطرة بأريج انبعاث النيات المخصبة لمشاتل ، تولد الشمس في مستقبل التاريخ….
أعلم أنك قد اختفيت لكنك لم تموتي…
الأطفال يبكون …
الوطن يبكي …
الرضع يبكون..
الأمهات العازبات يتيمات
المغربيات والمغاربة يبكون عزيزتهم …يبكون حبيبتهم …يبكون أمهم …يبكون عائشة الشنا…
كان كريما ومات كريما…
كانت مغربية …أصيلة متأصلة..
السلام عليك يوم ولدت …والسلام عليك يوم رحلت …والسلام عليك يوم تبعثين امرأة عظيمة…
وماتت عائشة الشنا …وتيتمت الأمهات العازبات…وتيتم الأطفال والرضع ….
كنت معنا دومًا وستظلين معنا دائمًا.
لن نتركك تغادرين، فأنت في بؤرة وجودنا. …فأنت أمنا …
لا أريد أن أتذكر،
لأنني لا أريد أن أنسى
ولا أريد أن أنسى
لأن الوجود أبقى
حتى في الغياب.
عائشة صنو وجود متعدد
وجود في الأعماق
وجود في الأماكن
وجود في الساحات
الضيقة والفسيحة
عائشة المبادرات التي كثيرًا ما أثارت حمق تجار الدين
هي وحدها تملك كيمياء الربط بين واقع النساء
كما تراه
كما تتمناه
كما تعمل من أجله
بكل وقواها
وبين تلك المبادرات
الكثيرة في لحظات
حساسة من نضالنا
المشترك
لن أقول وداعًا عايشة
لأنك لا تودعين
أنت ترحبين دومًا
أنت لا تودعين أبدًا
أنت باقية هنا عايشة
أنت في بؤرة وجودنا
جميعًا
في قلب كل امرأة
في قلب كل طفل ورضيع
وفي قلب كل المنبوذات والمعذبات
أنت باقية عايشة
عظيمة
كما كنت عظيمة
أسطورة كما كنت
أما كما كنت
ضميرا كما كنت
ولم تبرحي
أنت هنا
وانت اليوم لم تفعلي الا أن حلقت الى مثواك في البراري المزهرة لذاكرة الوطن ، وهي التي تصون ، برفق وفرح ، حيوات أمثالك من مولدات التدفق في المجرى العظيم للأمل في أوصال وطن يقاوم الارتداد ويراوغ المطبات …ويمضي بهدوء وثبات وبعزم نحو الامتلاء بالكرامة لمواطنيه…
عائشة الشنا ممتدة في المشترك المديد والعميق بيننا…
عائشة الشنا..سيحفظ لك الوطن أنك كنت من أبنائه الأوفياء له ، وقد بذلت من أجل تقدمه الكثير من الجهد بكفاءة اسانية …لذلك لن تذهبي بعيدا تحت التراب ، لأنك ستذهبين بعيدا فوق التراب …
عائشة الشنا…ذكراك ستزهر وتولد أبدا نفحات الأمل في التقدم نحو حلمك بالوطن الزاخر بالكرامة لمواطنيه ومواطناته…
بوفاة الحاجة عائشة الشنا يفقد الحقل الجمعوي والحقوقي والمغرب احد اوجهه النسائية البارزة. حيث تعتبر من الرعيل الأول من النساء الناشطات في المجال الاجتماعي وحقوق النساء والطفولة، و التي جعلت من قضية الأمهات العازبات، قضية ترافعت عليها بقوة، مما مكن من إخراج معانات هذه الفئة من العتبات المظلمة إلى دائرة النور، وتقديم كل أوجه الدعم لهن ولاطفالهن.
يسميها أصدقاؤها والمقربون منها ب”الحاجة العزيزة”، وهو اللقب الذي صارت تنادى به منذ أن أدت مناسك الحج، في الوقت الذي كان ينعتها دعاة الكراهية والحقد بالملحدة، ويتهمونها عن باطل بنشر الدعارة والكفر، ولكن عائشة الشنا، رئيسة جمعية التضامن النسوي لا تغالط نفسها، وتعلق ذات ال 81 ربيعا، عن إيمانها الداخلي الشخصي بقولها: “أنا مسلمة قلبا وعالمية عقلا”.
لا تدري عائشة الشنا كيف سيكون رد فعلها إذا حملت إحدى بناتها بدون زواج، ولكنها مؤمنة حتى النخاع بأنها تناضل ضد الحيف، وبالخصوص تجاه الأطفال، وهو ما سطر عنوانا عريضة لمسيرة نضال عاشتها الشنا على امتداد ربع قرن.
بدأت عائشة الشنا مسارها الجمعوي ذات يوم عندما كانت في أحد المراكز الخاصة بالأطفال المتخلى عنهم، وشهدت لحظة تخلي أم عن رضيعها.
صرخة الرضيع ستربط اسم عائشة الشنا بحماية الأطفال المتخلى عنهم، لتعمل فيما بعد على التكفل بحماية أمهاتهم على اعتبار أنهن غالبا ما يكن ضحايا، وهو شيء يرفضه المجتمع.
ولدت عائشة الشنا بالدار البيضاء سنة 1941، وفي سن مبكرة، انشغلت بالدفاع عن الفئات المهمشة في المجتمع، حيث بدأت العمل الجمعوي سنة 1972 في الاتحاد الوطني للنساء المغربيات، لتؤسس سنة 1985 جمعية التضامن النسائي.
وفي حي النخيل بالدار البيضاء حيث يقع مقر الجمعية، توفر عائشة الشنا لنزيلاتها التعليم المجاني، وتعمل على إعادة إدماجهن في المجتمع، كما تعمل على مساعدتهن على ولوج سوق الشغل، وهي بذلك لا تسعى إلى زيادة نسبة “الأمهات العازبات” بقدر ما تعمل على حمايتهن من الانحراف والتوجه إلى الدعارة.
في سنة 1995، ستحصل الجمعية على جائزة حقوق الإنسان بباريس، وفي سنة 2005، ستحصل عائشة الشنا على جائزة “إليزابين نوركال” التي ينظمها النادي العالمي للنساء بفرانكفورت.
ولتحسيس الرأي العام بأهمية العمل الجمعوي، لخصت عائشة الشنا تجربتها الطويلة في كتاب اختارات له كعنوان: “ميزيريا” كتعبير عن المعاناة التي تعيشها الفئات المنبوذة في المجتمع.
جاوزت الشنا 80 عاما، وبقيت تدافع عن قضيتها بنفس الحماس الذي بدأته وهي ابنة 16 سنة. غزا المرض جسدها في لحظات انشغال بعالم الطفولة والأمهات…كانت تسعى إلى أن تجمع شمل أسر، وانشغلت بذلك ضمن مسيرة طويلة لم ينل منها مكر المرض الذي غزا فجأة حياة امرأة من زمن النضال وبقيت تواجهه بابتسامة تشق الصخر.
سألتها وهي ممددة على فراش المرض عن وضعها وماذا قال الطبيب..، فردت بجواب أعمق من سؤالي “أتمنى أن أكمل مسيرتي وأنا مطمئنة على بناتنا”.
“العزيزة” امرأة لا تعوض…رحلت في زمن يعمه الفراغ…رحمة الله عليك.. رحمة الله عليك…رحمة الله عليك …
توفيت اليوم المرأة التي حضن صدرها كل طفل أو طفلة تخلّى عنهما والداهما وسلمها لقسوة الأيام..
توفيت المرأة التي سهرت وناضلت وسخّرت حياتها لتجعل الأطفال المتخلّى عنهم يحسون بدفء وحنان الأم والعائلة..
توفيت المرأة التي استطاعت أن تدفع البلاد إلى تغيير كل القوانين الجارحة لتتيح لهذه العينة من الأطفال فرص الاندماج في مجتمع لم يكن يرحم..
توفيت اليوم المرأة التي حاربت المتأسلمين ممن يجرّمون المرأة العازبة والذين لا رحمة لهم تُجاه أم تكفلت بتربية رضيعها ورفضت وضعه أمام أبواب دور الأيتام..
توفيت اليوم صديقة وأخت عاشرتها طوال 26 سنة دون انقطاع، وكانت وظلت كما عرفتها امرأة شامخة سيدة الحنان والعطف والرعاية والتضامن…
توفيت اليوم المرأة التي كانت ترثي لأحوالنا، فكيف يمكن أن نرثيها هي التي شكلت على الدوام صورتنا وهشاشتنا وقوتنا والجناح الأمين لكل مجهضة الجناح…
وداعا امي عايشة وسلاما لك وعليك مطلع كل فجر…

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*