مشاركة المنتخب المغربي في النسخة الحالية لكأس العالم، التي انتهت بقطر، تعتبر من المشاركات التاريخية التي ستسجل بمداد من الفخر والاعتزاز، كمشاركة ليست، فقط، نوعية أو قوية على مستوى النتائج، التي كانت مفاجئة حتى لأكثر المتفائلين منا، بل لما أسفرت عنه هذه المشاركة من حيث دفع العالم لإعادة اكتشاف المغرب من خلال لاعبيه وناخبه الوطني، وكذا من خلال مشاركته القوية التي قدم فيها نموذجا يحتذى به من حيث إحيائه لمعنى الأسرة ودورها في استنهاض همم الشباب، وفي التضامن الموجود بين الفريق.
لقد قدم المنتخب المغربي وصفة للنجاح بنكهة مغربية، بالأم المغربية وبالحلم المغربي، الذي كاد قاب قوسين أن يُستكمل للعب النهائي ومعه استكمال الفرحة التي عمت جل شوارع العالم من الرباط إلى داكار إلى تونس إلى القاهرة إلى السعودية إلى أبوظبي إلى القدس، وكل المدن الفلسطينية إلى كبريات العواصم العالمية، التي احتفت بالمنتخب المغربي، فكان أن تعرف العالم على النشيد الوطني وعلى علم المغرب الذي تزينه النجمة الخضراء والملون بالأحمر، الذي لم يعد لون الدم بقدر ما أصبح لونا للفداء في سبيل الوطن والتضحية من أجل أن يكون بين الكبار.
منذ انطلاق هذه البطولة ومع كل فوز وانتصار، وكل قطرة عرق ومع كل هدف… كان اسم المغرب يزداد انتشاراً في أكبر حملة دعائية له، فقد تضاعف عدد رواد مواقع البحث الإلكتروني التي باتت تبحث عن وصفة النجاح المغربي، وعن بلد عظيم اسمه المغرب، بحيث سجلت الإحصائيات أن 40٪ من المشاهير ورواد وسائل التواصل الاجتماعي بحثوا عن المغرب في وسائل التواصل، كما سجل 130 مليون تفاعل مع محتويات باسم « المغرب»، وذكر اسم المغرب أكثر من 13 مليون مرة، أضف لذلك مئات التهنئات التي توصل بها المغرب من مختلف دول العالم وسفاراتها بالمغرب، دون نسيان التقارير الإعلامية التي نشرتها كبريات الصحف العالمية والقنوات التلفزية الكبرى التي تناقلت مشاهد المنتخب المغربي وهو يحقق ما لم يكن أحد قبل انطلاق كأس العالم يتوقع حدوثه.
المغرب حقق من هذه المشاركة العالمية في كأس العالم أكبر حملة دعائية سياسية، سياحية واقتصادية واجتماعية، وقدم خلالها النموذج والحلم المغربيين اللذين باتا اليوم طموح دول عربية وأخرى إفريقية، لقد قدم المنتخب الوطني المغرب بصورة النموذج في المنطقة وكدولة قادرة على أن تكون في المربع الذهبي كرويا كما سياسيا.
عشنا مع المنتخب الذي يُنتظر أن يتم استقباله استقبال الأبطال يومه الاثنين، شهراً من العمل الدبلوماسي الكبير بطعم كروي، برز فيه المغرب كقوة حقيقية، وكبلد له حلمه…
كل ما يمكن القيام به الآن هو استثمار كل هذه الطاقة الإيجابية التي خلقها المنتخب داخل المجتمع المغربي للاستمرار في الريادة والتقدم، في البناء وفي تحويل هذا الإنجاز الكروي إلى إنجاز سياحي، سياسي واقتصادي.