“المرأة المغربية… رؤية واضحة وإنجازات راسخة”

عبد الغني الباهي

باحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية

تشارك المملكة المغربية دول العالم الاحتفال بيوم المرأة العالمي الذي يوافق الثامن من مارس من كل عام، لتبرز من خلال ذلك التجربة المغربية الرائدة دوليا في مجال تمكين وتقدم المرأة كنتيجة للرؤية الثاقبة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس والاهتمام الذي يوليه للمرأة في كافة المجالات وإشراكها في خطط وبرامج التنمية والتركيز على جهود دعمها وتمكينها في مختلف القطاعات، وإبراز أدوارها البناءة في مختلف المجالات الاقتصادية والعلمية والاجتماعية والصحية والفنية والرياضية وغيرها من المجالات، إلى جانب دورها الأساسي في التربية وتعزيز التماسك الأسري؛  كما يعد اليوم العالمي للمرأة مناسبة مهمة تسلط من خلالها مملكة المغربية الضوء على المبادرات والخطط والبرامج الحكومية الموجهة للمرأة المغربية.

وتحتفل الأمم المتحدة بهذا اليوم تحت شعار “الاستثمار في المرأة لتسريع وتيرة التقدم”، من خلال الدعوة إلى الاستثمار في تعليم النساء وصحتهن والاهتمام بفرص عملهن وتمكينهن من منافع كبيرة من حيث التنمية الاقتصادية، كما يسلط اليوم العالمي للمرأة هذا العام أيضا الضوء على الفجوات التي ما تزال تتطلب العمل على سدها. وتسهم النساء في النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية بشكل مباشر وغير مباشر. من خلال المشاركة في القوى العاملة، التي تدعم الإنتاج، وبالتالي الدخل والمدخرات والمساهمات الضريبية، وعلى المستوى الوطني ويعتمد حجم المساهمة على عدد النساء اللاتي يدخلن القوى العاملة مدفوعة الأجر، وعدد ساعات عملهن، وحجم إنتاجيتهن، وتعتمد الإنتاجية على التعليم والتدريب والصحة.

لقد تجدد الاهتمام الملكي السامي الذي حظيت به المرأة المغربية خلال تربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس على العرش، وفي العهد الجديد، أكد جلالته حرصه على رعايته الكريمة للمرأة من خلال تعزيز إشراكها في مسيرة التنمية الوطنية ودعم دورها وتمكينها في مختلف المجالات. وأولت المملكة بقيادة جلالة الملك اهتماما بالغا بالمرأة المغربية بكافة جوانب حياتها ككيان إنساني مقدر من خلال الشراكة مع الرجل في مسيرة بناء الوطن، إن شراكة المواطنين في صناعة حاضر البلاد ومستقبلها دعامة أساسية من دعامات العمل الوطني، وحرص جلالة الملك على أن تتمتع المرأة بحقوقها التي كفلها القانون، وأن تعمل مع الرجل جنبا إلى جنب في مختلف المجالات خدمة لوطنها ومجتمعها.

لقد ظلت المملكة المغربية تواصل جهودها لتطوير واقع المرأة المغربية بما يكفل مشاركتها الفاعلة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعامة، وتشارك المرأة المغربية الرجل في تمثيل دولتها في المحافل الدولية والإقليمية، حيث أثبتت جدارتها في مختلف الميدان، فقد كانت المملكة من الدول السباقة في تمكين المرأة على المستوى الإقليمي والدولي. وتؤكد المملكة المغربية التزامها بعدد من المواثيق والاتفاقيات الدولية المعنية بالمرأة منها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) حيث توجهت بإقرار الخطة الحكومية للمساواة 2023-2026 التي تشمل برنامج التمكين الاقتصادي للمرأة؛ من خلال اعتماد الإجراءات والتدابير المتعلقة ببرنامجها الأول حول التمكين الاقتصادي للمرأة من أجل الرفع من معدل نشاط النساء في أفق 2026. مع إحداث للجنة الوطنية للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، باعتبارها آلية لضمان الالتقائية بين الاستراتيجيات والسياسات العمومية ذات الصلة، وتدعيم التنسيق الفعال بين مختلف القطاعات الحكومية المعنية.

لقد كان أداء المرأة المغربية أفضل من الرجل في المدارس؛ ففي عام 2021، كان 55% من خريجي المدارس الثانوية من النساء، وكانت نسبة المغاربة من أعمار 15 عاما فأكثر من الحاصلين على تعليم عال أكبر كثيرا للنساء (26%) مما هي للرجال (14%)، وكان 60% من خريجي كليات و50% من خريجي كليات العلوم والتكنولوجيا من النساء.

كما يعـد موضـوع المشاركة السياسـية للمـرأة المغربية والوصول إلى المناصب العليا والقيادية أحـد أهـم الموضوع التي أولتها المملكة أهمية خاصة، وشهد تأنيث المناصب العليا ارتفع من نسبة 16% سنة 2018 إلى 19% سنة 2022، ليبلغ بذلك عدد النساء في المناصب العليا 619 امرأة سنة 2023. كما أثبتت المرأة المغربية بأنها رقم لا يستهان به في العمل السياسي والتشريعي، بارتفاع نسبة تمثيلها بمختلف المؤسسات المنتخبة، كما ساهم إصلاح القوانين الانتخابية بمشاركة نسائية واسعة، وذلك من خلال الرفع من نسبة تمثيليتها إلى 90 مقعد مع إدماج البعد الترابي في توزيع المقاعد والتفاعل الإيجابي مع الديناميات المحلية التي تخلقها النساء. وقد أفرزت انتخابات 2021 تطورا ملموسا في تمثيلية النساء بمجلس النواب، بحصولهن على 96 مقعدا. وبدوره انخرط مجلس المستشارين في هذا المنحى بشكل محترم، حيث أسفرت النتائج عن فوز 14 مترشحة بمقاعد برلمانية من أصل 120 مقعدا بالمجلس، أي بنسبة 12 في المائة. كما تم انتخاب 3 نساء على رأس عموديات ثلاث مدن كبرى الرباط والدار البيضاء ومراكش؛ فضلا عن انتخاب امرأة رئيسة لجهة كلميم وادنون، والتي تم انتخابها أيضا رئيسة لجمعية رؤساء مجالس جهات بالمملكة. وعلى صعيد مشاركتها في تمثيل السلطة التنفيذية كوزيرة في الحكومة، فقد حققت المرأة المغربية تشريفا كبيرا بارتفاع نسبة مشاركتها على رأس الحقائب الوزارية والتي تضم في تركيبتها 6 وزيرات من أصل 28 منصب وزاري.

إن المرأة المغربية تحظى باهتمام كبير من خلال تبوئها مكانة مميزة وخصص لها يوم العاشر من أكتوبر من كل سنة استذكارا لمنجزاتها وأدوارها في دعم التنمية الشاملة، وإسهامها في نهضة المملكة، اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا ورياضيا، إضافة إلى دورها الريادي في مؤسسات البلاد.