إعلام الطوارئ في فيضانات الجنوب: هل يتحول إلى جزء من الكارثة؟
إعلام الطوارئ في فيضانات الجنوب: هل يتحول إلى جزء من الكارثة؟
عبد المجيد الفرجي
في خضم فيضانات الجنوب المغربي، حيث اجتاحت السيول القرى والمدن، برزت مسألة حرجة: هل يتحول “الإعلام الطارئ” إلى عنصر يعمق أزماتنا بدلاً من أن يكون منقذاً لها؟ أين هو الإعلام المهني؟ بينما تتوالى الصور والقصص المتناثرة على وسائل التواصل الاجتماعي، نجد أنفسنا أمام تساؤل مقلق: هل أصبحت وسائل الإعلام، التي من المفترض أن توفر الحماية والإرشاد في أوقات الطوارئ، جزءاً من الكارثة بدلاً من أن تكون أداةً في التصدي لها؟
رغم الحديث في وسائل التواصل الإجتماعي عن سقوط ضحايا وخسائر بشرية ومادية بسبب الفياضانات في الجنوب الشرقي للمغرب، ظلت الأخبار المتداولة غير مؤكدة طيلة يوم السبت 7 شتنبر. فلم يبدأ توضيح الأحداث إلا يوم الأحد 8 شتنبر، حيث نُشرت أرقام رسمية أشارت إلى ارتفاع عدد الضحايا بين وفيات ومفقودين إلى العشرين.
هذه التأخيرات في إصدار المعلومات تطرح تساؤلات عديدة، خاصة فيما يتعلق بدور الدولة في إدارة الأزمات والكوارث والطوارئ إعلامياً. فالتأخر في توجيه الناس للحفاظ على سلامتهم الجسدية والنفسية قد يزيد من حدة الأزمات على أرض الواقع.
بالنسبة للمسؤولين السياسيين، قد يُعتبر غياب التغطية الإعلامية المهنية في مثل هذه الظروف نعمةً تقيهم من المساءلة.
بدلًا من التركيز فقط على إنقاذ المنكوبين، فالإعلام المهني، سواء كان عمومياً أو خاصاً، قد يكشف واقع الحياة القاسي في كثير من المناطق المتضررة، وهو واقع مأساوي حتى قبل وقوع الكارثة، فما بالك بعدها.
إعلام الطوارئ هو ذلك النوع المتخصص من الإعلام الذي يُفعّل بشكل فوري ومنظم أثناء الأزمات والكوارث الطبيعية وغيرها من الحوادث، عبر وسائط جماهيرية واسعة الإنتشار مثلا: البرامج التلفزية والإذاعية المباشرة وعلى الأنترنيت رفقة مختصين ومسؤولين.
ويهدف إعلام الطوارئ إلى توصيل المعلومات المفيدة والعملية بسرعة ودقة للجمهور، مع تقديم إرشادات واضحة حول كيفية التفاعل مع الوضع الراهن، مما يساهم في تقليل المخاطر وزيادة الوعي المجتمعي.
إن تغييب هذا النوع من الإعلام المتناسب مع حجم الحدث قد يُبرَّر لدى بعض المسؤولين بضرورة عدم التهويل، إلا أن غياب المعلومات والتوجيه في أوقات الطوارئ قد يؤدي إلى نتائج كارثية، مثل ارتفاع عدد الضحايا.
في أوقات الكوارث الطبيعية، تبرز الحاجة الملحة إلى إعلام الطوارئ، إلى جانب غرفة إدارة العمليات، حيث تكون الدولة، عبر مؤسساتها التنفيذية، السلطات الوصية والمنتخبة، في الصفوف الأمامية بجانب شركائها من عسكريين ومدنيين: أحزاب، جمعيات ونقابات للقيام بواجب الإعلام والاتصال والتنسيق المنظم، بشكل مستمر ومتجدد، بهدف تحقيق الأمن بكافة أبعاده.
لكن عندما تغيب المعلومة الدقيقة، ويضعف خطاب التهدئة والإرشاد بين المواطنين نتيجة ضعف المنظومة الإعلامية، سواء على مستوى الخدمة العمومية أو الخاصة، وتقل البرامج الإعلامية المهنية التي تواكب الحدث وتوجه المواطنين عبر وسائل الانتشار السريعة كالتلفزة والإذاعة والويب، فإن هذا القصور قد يُسهم في زيادة الخسائر النفسية والجسدية.
على سبيل الختم:
ما هي المسؤولية القانونية للدولة على مستوى الإعلام والإرشاد في زمن الطوارئ؟ وما نصيب باقي المعنيين من المسؤولية القانونية والأخلاقية؟ ألم يحن الوقت لنكون مؤهلين إعلامياً أكثر في كل مرة تحل فيها كارثة طبيعية بالبلد، بدل أن يصبح إعلامنا جزءاً من الكارثة؟