الشعبويون يعبثون بعقول الشباب المغربي والكراغلة يفبركون الصور والحكومة عاجزة عن الرد
الشعبويون يعبثون بعقول الشباب المغربي
والكراغلة يفبركون الصور والحكومة عاجزة عن الرد
بقلم عبدالهادي بريويك
إن تعبئة الآلاف من الشباب المغربي نحو الهجرة السرية المعلنة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، والتي أدت ثمارها نهاية الأسبوع الماضي، والنزوح محو شمال المملكة بغاية الهجرة نحو سبتة المحتلة أو إسبانيا والتي شارك فيها أفارقة وجزائريون، لا تخلو من التساؤلات التي تناسلت بعد المشاهد المؤلمة والصادمة التي عشناها ذاك المساء البارد الأليم، ونحن نجتر خيبات شباب ضاع بين الحلم والواقع، وضاعت أحلامه نتيجة انسداد آفاق الحياة الكريمة في وطنه.
لكن السؤال المطروح؛ هو من حرك هذا الجيش من الشباب وإقناعه بفكرة الهجرة الجماعية؟ وما مدى تأثيره على هذه العقول التي أبت إلا أن تعرض أنفسها للخطر والموت دون اعتبار لأي رابطة تربطهم بوطنهم؟ من حرضهم على هذه الفكرة التي وجدت آذانا مستمعة وعقولا مؤمنة وقلوبا متمردة؟ وكيف تم توضيبها وتغليفها باسم الحق في الحياة، باسم المغامرة والمقامرة بالحياة مقابل الهروب الجماعي نحو المستقبل الغامض؟ ومن ساهم في بلورة الفكرة لتصبح أمرا واقعا.
غير بعيدين عن الخطابات الشعبوية التي ملأت الفضاء الأزرق والمساحات اللامحدودة لوسائل التواصل الاجتماعي، وغير بعيدين عن الأعطاب الاجتماعية التي يعيشها غالبية الشعب المغربي كتربة ساهمت على إنضاج فكرة الهجرة الجماعية المعلن عنها، يصعب إيجاد الأجوبة الحقيقية أمام صمت الحكومة وعجزها عن تقديم أي تصريح رئيسي ومسؤول عن هذا الحادث الاستثنائي في تاريخ المغرب.
إن ما عرفته المنطقة الشمالية من عبث بالممتلكات العمومية والفردية واعتداءات على رجال الأمن، وخروج الأمور عن السيطرة يدعو الحكومة اليوم ومختلف المؤسسات إلى العودة إلى الشارع والقيام بالأدوار المنوطة بها حفظا لكرامة المواطن، حفظا للحق في العيش الكريم، حفظا لسمعة الوطن بين الأمم وبخاصة من الأعداء المتربصين به وبما حققه من مكتسبات ديموقراطية والذين فبركوا الصور وأعلنوها على قنواتهم الرسمية بخصوص أحداث الفنيدق معلنين عداءهم المستمر تجاه المغرب والمغاربة.
لقد بات من الضروري العودة إلى مضامين النموذج التنموي الجديد، وتفعيله بفلسفة وطنية عالية الجودة، واستثمار المكتسبات والاستجابة إلى التطلعات؛ تطلعات شعب يومن بوطنه وبوحدة ترابه وبملكه ومؤسساته، وإعادة الثقة بين الشعب والمؤسسات الدستورية، وتجويد منظومة التعليم من أجل إنجاب أجيال قادرة على حماية الوطن وحبه والتفاني في خدمته، وأن تراجع الحكومة سياستها الإقصائية وإشراك الجميع في التنمية دون التنقيص من قدرات المؤسسات السياسية والهيآت المنتخبة وفعاليات المجتمع المدني، حتى نضمن جميعا النجاة بمغربنا، والارتقاء به ومناهضة كل النوايا السيئة المتربصة به، ونضمن أيضا أجيالا من الإصلاحات من أجل مغرب متقدم ووطن سعيد.