خلاصات الأسبوع الرفيع المستوى بالأمم المتحدة
خلاصات الأسبوع الرفيع المستوى بالأمم المتحدة
نوفل البعمري
انعقد بالأمم المتحدة الأسبوع الرفيع المستوى الذي نظمه المغرب على هامش الدورة 79 للجمعية العمومية للأمم المتحدة كان مناسبة لعقد لقاءات و اجتماعات تنسيقية مع مختلف الدول المشاركة في هذه الدورة الأممية، و هو الأسبوع الذي كان مناسبة للتأكيد على فعالية الدبلوماسية المغربية من مختلف الفعاليات التي شهدها مقر الأمم المتحدة في هذا الأسبوع الرفيع المستوى و كان مناسبة لتأكيد و تجسيد الحضور الإيجابي للمغرب أممياً و ترجمة لمختلف الشراكات التي عقدها المغرب مع مختلف الدول العضوة و المعترف بها من طرف الأمم المتحدة بحيث كانت الخارجية المغربية أمام امتحان و تحدي ذاتي لترجمة هذا الحضور بشكل يليق بالمكانة التي يحضى بها دولياً و أممياً، و بالعودة للفعاليات الدبلوماسية التي أقامتها الدبلوماسية المغربية في هذا الأسبوع، و ما تحقق من انتزاع لاعترافات جديدة بالحكم الذاتي، يمكن استخلاص ما يلي:
كان هذا الأسبوع للتأكيد على أن الدبلوماسية المغربية استطاعت تحقيق ما حققته من مكاسب في هذا الأسبوع بفضل الاستراتيجية التي وضعها الملك محمد السادس منذ سنة 2015 و التي فتحت آفاق جديدة لعمل الدبلوماسية المغربية تستند على المقاربة التي وضعها عاهل البلاد في مختلف خطبه التوجيهية لعمل الدبلوماسية المغربية مرتكزة على مثلث: الوضوح، الصرامة، تنويع الشراكات هو مثلث اشتغلت عليك الدبلوماسية مما مكَّنها من تقوية حضورها على الصعيد الدولي خاصة أممياً، و جعلها تحضى بالكثير من المصداقية و الدعم الدوليين مما انعكس إيجابا على الملفات المغربية ذات الطابع الحيوي على رأسها ملف الصحراء، و قد كانت للمبادرات التي أطلقها المغرب في أفريقيا الدور الكبير لانتزاع هذه المكاسب افتئدة القضية الوطنية منها مبادرة ” المحيط الأطلسي” و مشروع أنبوب الغاز نيجريا-المغرب ثم غيرها من المشاريع الاقتصادية المغربية بمختلف الدول الأفريقية التي تعززت مع عودة و استرجاع المغرب لمكانته بالاتحاد الافريقي.
لقد استطاع المغرب في هذا الأسبوع الرفيع المستوى الأمم أن ينتزع اعترافات جديدة بمصداقية مبادرة الحكم الذاتي و جديتها في حل نزاع الصحراء تحت السيادة المغربية و في ظل الحفاظ على وحدة المغرب، و قد كان الموقف الدنماركي واحداً من المواقف الجديدة التي تم التعبير عنها في هذا الأسبوع الأممي، مما شكّل مكسباً سياسياً كبيراً للمغرب و اختراقاً دبلوماسياً مهما لواحدة من أهم الدول الإسكندنافية خاصة مع الحضور الدنماركي في أفريقيا و التي سيمكنها هذا الموقف من التواجد في أفريقيا من خلال البوابة المغربية و من خلال الإستفادة من الإمكانات التي يتيحها المغرب لمختلف الدول التي تختار الشراكة الواضحة معه و تكون الصحراء مقدمته من خلال ما يتم التعبير عنه من مواقف داعمة لحق المغرب التاريخي في الأقاليم الجنوبية، كما كان أيضا مناسبة للعديد من الدول لإعادة تأكيد موقفها الداعم لمغربية الصحراء و تبنيها لخيار الحل المغربي كحل وحيد لطي ملف الصحراء و قد كان لافتاً أن تعيد بهذه المناسبة المملكة الهولندية موقفها الداعم للمقترح المغربي، و يمكن الاشارة هنا إلى أن المغرب استطاع انتزاع موقف إيجابي من 18 دولة أوروبية داعمة للحل المغربي في إطار السيادة الوطنية للمغرب على كامل ترابه.
بعد هذا النجاح للأسبوع الرفيع المستوى و دعم مختلف الدول التي التقاها وزير الخارجية المغربية للمبادرة المغربية، سيكون على الأمم المتحدة خاصة مجلس الأمن و هو على بعد أسابيع من طرح مناقشة الملف ضمن أجندته لشهر أكتوبر وصولا للقرار الأممي الذي سيصدر في الموضوع، أن تتحمل مسؤوليتها تجاه هذا الملف و تُقدم على خطوة سياسية شجاعة تعمل فيها على طي هذا الملف بشكل كلي من خلال فرض الحل المغربي و المضي قدماً في تنزيله على أرض الواقع خاصة و أن المغرب استطاع أن يوفر البنية المؤسساتية المحلية التي ستمكن من استقبال مبادرة الحكم الذاتي و تهيئة مختلف الأجواء لتنفيذها، لذلك التردد الذي مازال يطبع الأمم المتحدة خاصة و أن مجلس الأمن تبنى بشكل صريح المعايير السياسية للمبادرة المغربية باعتبارها الأساس الوحيد لطي الملف لم يعد له معنى في ظل الواقع السياسي و الدبلوماسي و الزخم الذي يعيشه الملف دولياً و داخل أروقة الأمم المتحدة، عليه سيكون العالم موجهاً كل أنظاره إلى مجلس الأمن في انتظار قرار أممي جديد حاسم يتجه صوباً نحو تطبيق مبادرة الحكم الذاتي.
الاجتماع الذي عقده وزير الخارجية المغربي مع نظرائه من الدول الإفريقية المعنية بالمبادرة الأطلسية التي أعلن عن إطلاقها عاهل البلاد لي خطاب المسيرة الخضراء 6 نوفمبر 2023، كان مناسبة لإعادة التذكير بين هذه الدول على أهميتها الإستراتيجية بالنسبة للمنطقة و أفريقيا خاصة و هذا اللقاء الوزاري الرفيع المستوى انعقد بعد الاجتماع لفريق العمل الوطني بالرباط يونيو الماضي الذي قام بدراسة المشاريع المقترحة في المنطقة، بحيث كان هذا الأسبوع الرفيع المستوى مناسبة لإعادة التأكيد على أهميتها هذه المبادرة المغربية-الملكية الموجهة لدول الساحل و التوقيع على بيان مشترك بين هذه الدول ودعمها والإعلان عن استمرار انخراطها في هذا المشروع الأطلسي الكبير، و الدعوة لعقد اجتماعات مستقبلية لتدارس كيفية التقدم في خطوات عملية تنفيذا لهذا المشروع.
لقد كان هذا الأسبوع الرفيع المستوى مناسبة للخارجية المغربية لتعيد التذكير والتأكيد بالموقف المغربي الرسمي من الصراع الإسرائيلي/الفلسطيني و موقفها الرافض للعدوان المستمر الذي تقوم به إسرائيل على قطاع غزة، فالملك محمد السادس في خطاب عيد العرش خصص فقرات من خطابه للقضية الفلسطينية تجسيداً لفكرة كون القضية الفلسطينية هي قضية وطنية تحظى بالأولوية للمغرب ملكا و شعباً، معيداً التذكير بالموقف المغربي الواضح و الرافض لهذا العدوان، و لضرورة تحقيق السلام من خلال العودة لطاولة الحوار على قاعدة حل الدولتين على حدود 67، دون نسيان التذكير في هذا الأسبوع بمختلف المبادرات التي قام بها محمد السادس باعتباره رئيساً للجنة القدس و هي مبادرات إنسانية كبيرة ساهمت في تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني خاصة المقدسي منه و حظيت دوما بترحيب و دعم من مختلف أطياف الشعب الفلسطيني،و قد كان لافتاً أن اعلن رئيس الوزراء الفلسطيني المشارك في هذه الدورة بشكره و امتنانه للمغرب و للملك محمد السادس لما يقوم به من مجهودات بصفته رئيساً للجنة القدس، لهذا كان هذا الأسبوع مناسبة للتذكير بحيوية القضية الفلسطينية و الملف الفلسطيني بالنسبة للمغرب و أنه نقطة إلى جانب قضية الصحراء ضمن جدول أعمال الخارجية المغربية تجسيداً للخطب الملكية في الموضوع و للالتزام التاريخي للمغرب اتجاه القضية الفلسطينية، و حقوق الشعب الفسلطيني الثابتة و الغير القابلة لأي تصرف.
أسبوع الرفيع المستوى الذي نظمه المغرب على هامش هذه الدورة لم يكن مناسبة فقط لإعادة التأكيد على مكانة المغرب داخل الأمم المتحدة، بل كان مناسبة جدية لتحصين المكاسب في ما يتعلق بالقضايا الحيوية للمغرب على رأسها قضية الصحراء و انتزاع مكاسب جديدة لفائدة دعم مبادرة الحكم الذاتي على أساس احترام السيادة الوطنية للمغرب، و هي كلها مكاسب تأتي في إطار الاستراتيجية التي وضعها المغرب و هي الاستراتيجية التي حررت المبادرة الدبلوماسية المغربية مما مكنها من أن تحضى باحترام والاعتراف بمكانتها داخل أروقة الأمم المتحدة.