نزار بركة …” الأكل مع الذئب والبكاء مع الراعي ”
عبد السلام المساوي
الحاجة اليوم ماسة لفعاليات حزبية مواطنة ، جادة وجدية تؤمن بالوطن وبالمصالح العليا للوطن ، فعاليات تواكب هذا الابداع الملكي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ، وهذا الابداع المغربي في مجال مقاومة الخيانة والانفصال واللصوصية بوطنية وبتقدير حقيقين ، تقفل الباب على المتسللين سهوا إلى ميدان السياسة ، وهم كثر…
لقد ذكرنا نزار بركة بممارسة حزب المصباح لهوايته المفضلة بازدواجية الخطاب التي ظلت تلازم تدبيره جزءا من السلطة طيلة عقد من الزمن ، الذي كان مولعا بالتواجد في كل الأمكنة في نفس الوقت ، يريد الزبدة وثمن الزبدة ، يعشق ملذات السلطة وصولجان المعارض ، وكان دائم البحث عن المبررات التي تسمح له بممارسة الشيء ونقيضه.
وذكرنا نزار بركة بممارسة حزب الاستقلال لدور المعارضة لحكومة التناوب بقيادة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي ، وكان حزب الاستقلال مشاركا فيها ! وكلنا يتذكر الرسالة ” الشهيرة” التي وجهها عباس الفاسي ( وزير الشغل في حكومة التناوب الثانية ) إلى الوزير الأول آنذاك سي عبد الرحمان ، وكلنا يتذكر دور عباس الفاسي ، الأمين العام لحزب الاستقلال انذاك ” في إجهاض المنهجية الديموقراطية بعنوان ” مولا نوبة ” !
إذن فنزار بركة اليوم ، لم يأت بدعة ، بل إنه يكرس سلوكا قديما لحزب الاستقلال ، على الأقل في زمن التناوب .
ليعلم سي نزار أن للمعارضة حزبا يقودها ، هو حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، مارسها بقوة وتفوق في زمن الجحيم والنار ويمارسها اليوم بنفس القوة والكفاءة في زمن التغول ، وطبعا حزب الاستقلال أحد مكونات هذا التغول !
” أطلق نزار البركة الأمين العام لحزب الاستقلال ، العنان ، باكرا ، لحنجرته ، على بعد أكثر من 18 شهرا عن الانتخابات التشريعية المقررة في 2026 ، وسمع صوته ، على بعد أميال من الرباط ، يخلط الأوراق ، ويعيد ترتيبها بطريقة يفهم منها أن حزبه بريء مما يجري ، اليوم في الحكومة .
وتابع المغاربة ، باستغراب ، منذ السبت 15 فبراير 2025 ، السلوك ” الجديد ” لنزار بركة ، وهو يشحذ أعلى طبقات صوته للتنصل من مسؤوليته ، ومسؤولية حزبه من تبعات تدبير قطاعات الخضر واللحوم الحمراء والبيضاء ( على وجه التحديد ) ، ورمي الكرة في ملعب باقي الأطراف الحكومية ، وفشلها ، من وجهة نظره ، في لجم مجموعات المضاربين والسماسرة والمنتجين الكبار ، الذين يتحكمون في تركيبة الأسعار .
لقد اختار الأمين العام مكانا وتوقيتا محددين ، لتوجيه سهامه إلى المضاربين ، وهي ” طريقة ” لإخفاء موقفه الحقيقي من ” تراخي ” الحكومة ، وأجهزة المراقبة المركزية والجهوية ، وعدم تطبيقها للقانون في القضاء على الوسطاء والسماسرة ، أو أصحاب البطون الكبيرة الذين يراكمون الأرباح ، على حساب المغاربة ” المساكين ” .
واستعمل بركة عبارة ” اتقوا الله في المغاربة ” ، في محاولة يمكن وصفها بالبئيسة لدغدغة عواطف الناخبين ، وتقديم الحزب ومناضليه ، في هذه اللحظة السياسية بالذات ، باعتبارهم مجموعة من ” الفرسان الشجعان ” ، الذين لا يخافون من الجهر بالحقيقة ، وفضح لوبيات الاتجار في جيوب المواطنين .
والحال ، أن من ينبغي أن يتقي الله ، في هذه الأيام ، هو ” نزار ” ولا أحد غيره ، بسبب فشله الذريع في تدبير قطاع الماء ، ووضع الحلول الناجعة لتجاوز أزمة الخصاص الكبير في هذه المادة الحيوية ، وإيجاد حلول لإشكاليات السدود الغارقة في الوحل ، والتراخي في استكمال مراحل الطرق السيارة للماء ، ومحطات التحلية ، وتوفير مياه السقي للفلاحين .
إن غلاء الأسعار واضطرار الكسابين الصغار للتخلي عن مواشيهم وبيعها بأرخص الأثمان ، والدمار الكبير الذي لحق القطيع الوطني ، ودخول تجار ” الهوتة ” والسماسرة والمضاربين على الخط ، يعود ، أساسا ، إلى فشل السياسات المائية ، التي يشرف عليها الوزير نفسه ، ولاشيء آخر .
إن ما أدلى به الأمين العام خطير جدا ، ليس لأن الرجل يجلس مع مكونات الأغلبية الحكومية ، ويجدد وفاءه بالميثاق والالتزامات والمآلات والمسؤوليات ، بل لأنه يروج لفكرة ” انقلابية ” ، تتعلق بوجود فاعلين اقتصاديين أكبر من الحكومة ، وربما أكبر من الدولة ، يفعلون ما يحلو لهم في تحديد الأسعار .
فحين يخاطب مسؤول في الحكومة ” جهة ما ” ، ويطلب منها الرجوع إلى الله ، واتقاءه في عباده من الزيادات في الأسعار ، فكأنما يعلن فشل الحكومة في تجريب جميع حلول الأرض مع فئة الفاعلين الاقتصاديين ” المحميين ” ، ولم تعد هناك سوى حلول السماء ، وهو خطاب ملتبس ، سيكون له ما بعده ، على ثقة المواطنين في الفاعل السياسي والانتخابات برمتها . ” فاتق الله في نفسك وفينا ” خالد الحري – جريدة الصباح .
كتب حميد جماهري ” حققت الحكومة اكتفاءها الذاتي سياسيا:
لم تعد في حاجة إلى المعارضة، بعد أن أفرزت منها معارضتها.
(……)
الحكومة التي تتكون من ثلاثة أحزاب ( لا غير )
لا تتبادل المعطيات في ما يبدو لكنها تتبادل الأدوار!
كل مرة يأتي الدور على واحد منها ليشكو أصحابه إلى الشعب المغربي:
وكل مرة يخرج واحد منها ليشكو الشعب المغربي
إلى .. البرلمانيين، الذين انتخبهم الشعب المغربي ليشكلوا حكومة لا تتسع للشعب المغربي!
ونحن نشكو إلى الله ضعفنا وقلة حيلتنا وهواننا … على الديموقراطية!”