الاستقرار …شرط وجوب للازدهار.
بعد حوالي عقد و نصف على ما سمي بالربيع العربي ، الذي بشر الشعوب و الأقطار التي مسها لهيبه الحارق بالأفضل و الأحسن بمجرد إزاحة الأنظمة التي جثمت على رقابها لعقود.
يتأكد اليوم ، بأن هذه الخرافة كانت كاذبة ، خادعة و وهمية.
إذ يكفي إلقاء نظرة على التطورات المأساوية التي شهدتها دول شقيقة مثل ليبيا و سوريا و العراق و تونس و اليمن و غيرها ليوقن بأن ما فعله الربيع المزعوم ليس سوى ضرب وحدة و استقرار و أمن هذه الدول ، و الحالة أن انتقالا ديمقراطيا سلسا ، متوافق عليه في إطار من الاستقرار كان يمكن أن يحقق لهذه الأقطار و الشعوب ما صبت إليه من خلال “تورطها ” في أوهام الربيع المفترى عليه.
لنتصور كيف كان سيكون عليه الحال لو أخذنا حالات مثل ليبيا و سوريا و العراق الغنية بثرواتها الباطنية ، و أضفنا للثروة إياها ديمقراطية حقيقية ، سياسية و اجتماعية و اقتصادية و ثقافية تتحق عبر تحول سلمي ، ديمقراطي، مؤسساتي ، في إطار من الاستقرار و الوحدة ، فمن الأكيد أن أوضاع هذه الأوطان كانت ستكون أفضل بكثير مما هي عليه الآن من لااستقرار و لاديمقراطية و لاتنمية و لا وحدة.
لقد دبرت بلادنا ، بقيادة و حكمة و تبصر جلالة الملك، نصيبها من الرياح العاتية للربيع المشؤوم بما يكفي من الروية و التعقل و بعد النظر ، و كان للإنصات و التفهم المتبادل أثره البالغ على تحاوز بلادنا لمنطقة الزوابع تلك بسلام.
فكان خطاب تاسع مارس 2011، ثم دستور يوليوز الذي أعطى لديقراطيتنا الفتية قوة دفع جديدة ، و فتح لبلادنا طريقا سيارا آخر نحو مزيد من البناء ، على كل المستويات و في كل المجالات…مما بوأ المملكة المكانة التي تعتليها اليوم بين الدول و الأمم بندية و اقتدار ، رغم شح الموارد و سوء المحيط و الجوار و مناورات بقايا الاستعمار.
لقد جرى كل ذلك ، و صارت المملكة بقيادة عاهلها رمز وحدتها و قائد نهضتها ، نموذجا يحتذى في محيط إقليمي و دولي مضطرب ، بفضل شرط أساسي لكل حوار و لكل توافق و لكل تبادل و تعاون … شرط الاستقرار.
و أنت تطلع على أحوال بعض أشقاءنا و ما يعانونه من فرقة ، طائفية و دينية و ثقافية ، و من إرهاب و شلالات دماء بين الإخوة الأعداء و تدخلات خارجية في شؤونهم الداخلية ، مما يحرمهم من أبسط شروط العيش : أمن ، ، سلامة ممتلكات و أشخاص ، تنقل حر و آمن ،…لابد أن تقول مع نفسك و لأبناءك و مواطنيك….
الحمد لله كل الحمد على نعمة الاستقرار.
الاستقرار و الأمن شرط وجوب لكل شيء …التعبير و الاحتجاج و الحوار و الإصلاح و الإنجاز…و الازدهار.
فاللهم أدمها علينا نعمة.
و لعنة الله على موقظي الفتنة.
جواد شفيق _ فاس أكتوبر 2025.
