النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية

النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية

عادل الزبيري

يقف المغرب على أبواب نقلة نوعية في طريق إنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، في قاعة مجلس الأمن الدولي في مقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية

يواجه المغرب حربا من الجيل الجديد من الجار الشرقي، في سياق محاولة إلحاق هزيمة معنوية وسط الرأي العام المغربي، لخفض المعنويات ودفع فئات مغربية إلى عدم الاقتناع بما يقدمه الإعلام الرسمي المغربي

على منصات التواصل الاجتماعي، تدور رحى حرب بالذباب الإلكتروني، تحت عنوان واحد هو لا هوادة في نشر الأخبار الكاذبة وخفض معنويات الرأي العام المغربي وإقناع مغاربة التواصل الاجتماعي أن المعركة محسومة لصالح المسعكر الشرقي

يغيب المغرب وفق تتبعي عن حروب منصات التواصل الاجتماعي، باستثناء جهود فردية لشباب مغربي يخوض حروبا وطنية بكل شجاعة، وفي غياب أي دعم، على منصات التواصل الاجتماعي، بشكل يومي، لشرح قضايا المغرب على منصات تصنع الرأي العام العالمي

اشتغل المغرب على دبلوماسية هجومية، على الأقل في 10 سنوات كاملة، لتغيير موازين القوى في قضية المغاربة الأولى أي النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، فأصبحت الرباط واجهة لماعة تستقطب اهتمام كبار العالم الذين يتوفرون على حق الفيتو أي رفع اليد لإسقاط أي قرار ولو وقع عليه إجماع

في كل الخطب الرسمية، وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، العاهل المغربي الملك محمد السادس، دفة سفينة الدبلوماسية المغربية في اتجاهات جديدة؛ قائمة على أخذ المبادرة، وعلى الهجوم كأفضل وسيلة للدفاع، وعلى أن ملف الصحراء هي نظارات رؤية المغرب صوب العالم، وعلى انتقال المغرب من التدبير إلى فلسفة الحل النهائي، وإلى أن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس

امتلكت المملكة المغربية بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، جرأة غير مسبوقة، في الندية في التعامل مع كبريات عواصم العالم، فمرت علاقات الرباط مع برلين وبروكسيل وباريس ومدريد، بشهور طويلة من أزمات دبلوماسية صامتة، ولكن جاء الانفراج أخيرا بعد مفاوضات نضجت على نار هادئة، ومن مخرجاتها موقف متقدم لصالح المغرب من ملف الوحدة الترابية

يحاول المغرب إقناع المغرب، وفق قواعد لعبة القانون الدولي ومنظمة الأمم المتحدة، من أجل الوصول إلى اعتراف دولي بالسيادة المغربية على الأقاليم الصحراوية الجنوبية المغربية، هنالك من يسميها بلعبة الأمم

تبدو الولايات المتحدة الأمريكية، حاملة القلم، في كتابة مسودات مشاريع قرارات مجلس الأمن الدولي في ملف الصحراء المغربية، مصممة على المضي قدما من بوابة الشرعية الدولية للأمم المتحدة، لإقرار السيادة المغربية، ومعها في نفس الفريق كل من فرنسا وبريطانيا، باعتبار ثلاثتهم محامين لمصالح المغرب، في الملف في مجلس الأمن الدولي

ووسط الخمسة الكبار، الحاكمين للعالم عمليا، تبقى روسيا تريد ضمان استمرار هذا النزاع الأقدم في إفريقيا، لاستدامة المصالح مع الجار الشرقي أي الجزائر، الدولة المغاربية التي تستثمر الغالي والنفيس تاريخيا، منذ قيامها كدولة، واستقلالها في ستينات القرن العشرين، فلا هم لقصر المرادية في السياسة الخارجية إلا الإضرار بالمغرب

ففي ربع قرن، صعد المغرب في إفريقيا، فتحول إلى قوة ضاربة إقليميا مغاربيا، وإلى رقم استراتيجي في التوازنات الكبرى في البحر الأبيض المتوسط، وممرا ضروريا للتجارة مع غرب القارة الإفريقية

اقتنع المعسكر الغربي بحقوق المغرب، لأن المصالح الاقتصادية رجحت كفة الرباط، أمام واشنطن وباريس ولندن، فيما لا يزال المعسكر الشرقي، الشيوعي سابقا، أي كل من الصين وروسيا، لديهما مواقف لا تتماشى مع مصالح الرباط الاستراتيجية، في ملف الوحدة الترابية للمملكة المغربية، فيما المغرب يفكر مع كب من بيكين وموسكو بطريقة براغماتية،

بجرهما إلى منطق المصالح الاقتصادية على أساس قاعدة رابح رابح

ففي شهر نونبر/ نوفمبر 2025، سوف يغني المغاربة رائعة العيون عينيا، في الذكرى الذهبية، أي نصف قرن، على المسيرة الخضراء المظفرة، التي مكنت المغرب بطريقة سلمية، بمشاركة 350 ألف مغربي، من تحرير الأقاليم الجنوبية الصحراوية المغربية، من قبضة الاستعمار الإسباني الغاشم

تغيرت مدن الصحراء المغربية، بعد مرور نصف قرن من الاسترجاع، فمدينة العيون جوهرة حقيقية أمام عيون زوارها، فيما الداخلة فتقدم خدمات سياحية بمعايير عالمية، ومستعدة للتحول إلى قطب مينائي مغربي عالمي بعد افتتاح ميناء الداخلة الأطلسي

الذاكرة الجماعية المغربية تحتفظ بقصص أفراد من العائلة، لبوا نداء صاحب الجلالة، الملك الراحل الحسن الثاني، بصلة الرحم مع إخوانهم في الصحراء، فشاركوا في مسيرة سلمية خضراء، سلاحهم الإيمان ورافعين رايات المملكة المغربية ونسخ من القرآن الكريم

يقف صاحب الجلالة الملك محمد السادس على هندسة دبلوماسية شجاعة، من المرتقب أن تنقل ملف النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية من مرحلة التدبير والحفاظ على التوازنات، إلى التصفية النهائية، تحت السيادة المغربية الكاملة، على أساس الحكم الذاتي للصحراويين المغاربة، تحت الراية المغربية

#عادل_الزبيري

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*