المستشار الجماعي وعبارة “كتقاسموا الفلوس غير بيناتكم، مالي أنا يهودي؟” تفضح واقع الفساد المحلي وتستدعي تدخل وزارة الداخلية*
المستشار الجماعي وعبارة “كتقاسموا الفلوس غير بيناتكم، مالي أنا يهودي؟” تفضح واقع الفساد المحلي وتستدعي تدخل وزارة الداخلية*
*بقلم عبدالهادي بريويك*
أثارت تصريحات أحد المستشارين الجماعيين خلال إحدى جلسات المجلس المحلي، حين قال بصوت مرتفع: “كتقاسموا الفلوس غير بيناتكم، مالي أنا يهودي؟”، جدلاً واسعاً في الأوساط المحلية والوطنية، لما تحمله من دلالات خطيرة حول ما يطبع تدبير بعض الجماعات الترابية من ممارسات مشبوهة تمس مبدأ الشفافية والنزاهة في تسيير الشأن العام.
*صرخة من داخل المجلس… أم اعتراف صريح بالفساد؟*
تصريح المستشار، رغم طابعه الصادم والمستفز، يعكس واقعاً مؤلماً أصبح يتكرر في عدد من المجالس المنتخبة، حيث تحوّلت بعض الجماعات الترابية إلى فضاءات لتصفية الحسابات وتقاسم الامتيازات، بدل أن تكون مؤسسات لخدمة المواطن وتحقيق التنمية المحلية.
الجملة، وإن جاءت في سياق احتجاج أو غضب، إلا أنها تكشف عن خلل عميق في منظومة التدبير، وتطرح أسئلة حارقة حول غياب الحكامة والرقابة الفعالة على المال العام.
*الفساد المحلي… سرطان التنمية*
تُعدّ الجماعات الترابية أحد أهم مفاتيح التنمية في المغرب، غير أن التقارير الرقابية، سواء الصادرة عن المجلس الأعلى للحسابات أو المفتشية العامة للإدارة الترابية، تسجل باستمرار اختلالات مالية وإدارية في تدبير الصفقات والمشاريع، بل وتورط بعض المسؤولين في ممارسات محسوبية وزبونية.
هذه الاختلالات لا تضعف ثقة المواطنين في المؤسسات المنتخبة فحسب، بل تُعرقل جهود الدولة في تنزيل النموذج التنموي الجديد القائم على الكفاءة والمساءلة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
*ـ دعوة صريحة لتدخل وزارة الداخلية*
في ضوء هذه التصريحات وما تحمله من مؤشرات على انحرافات محتملة في التسيير، أصبح من الضروري أن تتدخل وزارة الداخلية، بصفتها الجهة الوصية على الجماعات الترابية، من أجل فتح تحقيق نزيه وشامل.
الغاية ليست فقط تحديد المسؤوليات، بل أيضاً تطهير المشهد المحلي من الممارسات التي تسيء إلى صورة المنتخب وإلى مفهوم الديمقراطية المحلية التي أرادها الدستور رافعةً للتنمية لا وسيلة للاغتناء غير المشروع.
إن ما نطق به المستشار لم يكن مجرد زلة لسان، بل ناقوس خطر يذكّر بأن بعض المجالس انحرفت عن مسارها الحقيقي. إن تدخل السلطات المختصة، وتفعيل مبدأ المحاسبة، وإشراك المجتمع المدني في الرقابة، هي خطوات أساسية لإعادة الثقة إلى العمل الجماعي وجعل خدمة المواطن فوق كل اعتبار.
https://www.facebook.com/share/r/17GSk7zhki/
