swiss replica watches
صفحات منسية من تاريخ المقاومة الزعرية في وجه جيش الاحتلال الفرنسي: ذكرى معركة فاتح مارس 1910 – سياسي

صفحات منسية من تاريخ المقاومة الزعرية في وجه جيش الاحتلال الفرنسي: ذكرى معركة فاتح مارس 1910

تستحضر قبائل زعير مهد المقاومة الوطنية، اليوم، فاتح مارس الذكرى السابعة بعد المائة لمعركة مرشوش، التي خاضها رجال المقاومة الزعرية في وجه جيش الاحتلال الفرنسي بتاريخ فاتح مارس 1910، …وفي عز الدكرى تعاني زعير من التهميش والاقصاء من التنمية !!

معركة فاتح مارس سنة 1910، أو معركة الصباب الأولى.

1- السياق التاريخي.

كان حادث مقتل الضابط الفرنسي ” ألاسكندر ميو” بتاريخ 18 فبراير 1910، تأكيدا على رفض قبائل زعير التعامل مع المحتل الفرنسي، وفي نفس الان ، نكسة كان قد مني بها جيش الاحتلال الفرنسي في أول تدخل عسكري له بتراب زعير. وخوفا من أن تتمدد شرارة نار المقاومة الزعرية في هشيم جيش الاحتلال الفرنسي لتشمل ربوع الوطن ، قرر -على وجه السرعة- قائد جيش الاحتلال الفرنسي بالشاوية، الجنرال “اتشارلز اميل اموانيي “، الثأر بنفسه من زعير، واستعراض قواته لتخويفهم وضربهم داخل معاقلهم.
لهذه الأسباب، غادر الجنرال “اموانيي” معسكر “بولو” بن اسليمان ، وأخذ وجهة بلاد زعير على رأس قوة هامة، قوامها 1000 جندي، وعسكر يوم27 و 28 فبراير 1910 بالمنطقة المعروفة باسم “القراصي” بعين “فوزار”* دوار اشعاعلة بقبيلة السلامنة الزعرية ، أي في المكان الذي لقي فيه اليوتنو “الاسنكدر ميو” حتفه على يد المجاهد الشهيد محمد ولد التايكة.

2- أطوار معركة مرشوش فاتح مارس 1910.

في صبيحة الفاتح من شهر مارس، اي بعد انتفاضة قبيلة اسلامنة الزعريين باقل من اسبوعين، انطلقت قوات الجنرال “اموانيي” من عين فوزار في حذر شديد، لتتوغل أكثر في بلاد زعير، ولتمهد الطريق لمرور المدفعية في المستقبل، بيد أن قواته فوجئت بهجوم خاطف وشديد قرب وادي “الصباب” على مقربة من القصبة العزيزية بمرشوش. هجوم استغل فيه مجاهدو زعير وعورة اراضي الصباب بغاباتها وسكون الليل، فلم يثيروا انتباه العساكر الفرنسية، حتى أمطروا طليعتها بوابل من الرصاص..
شاركت في هذه المعركة عدة فصائل من قبائل زعير، منهم مجاهدون من قبائل اسلامنة ولحلاليف وارواشد ولغوالم وانغامشة واولاد عمران وأولاد كثير واولاد اعلي والمراكشية ولهداهدة وايت حمو اصغير واولاد يحيى واولاد ميمون والنجدة واولاد اعزيز واولاد دحو واولاد زيد والبوعمراويون بزعامة المجاهد القائد حمو بن الميلودي الشليحي الخليفي، والقائد العربي الفنيري، والقائد علي بن حمو الغالمي، والاخوة بن البشير … وكذلك عناصر من مجاهدي زمور وبني احسن. وخلفت أطوار هذه المواجهة استشهاد حوالي 9 مجاهدين و15 جريحا من رجال المقاومة الزعرية، وسقط من الجانب الفرنسي 4 قتلى منهم فرنسيان برتبة ضابطي صف و13 جريحا. وبعد هذا النزال، وجد الجنرال نفسه مرغما على مغادرة ساحة المعركة بمرشوش، والفرار بجيوشه إلى محل تخييمه الأول بعين فوزار بقبيلة السلامنة، ثم العودة بعد ذلك إلى معسكر بن سليمان بالشاوية. وتعتبر هذه أول معركة خاضها جيش الكوم منذ تأسيسه إلى جانب باقي فيالق الجيش الفرنسي من “ليزالباه ” و”القناصة الأفارقة” مدعمين بفرق من مرتزقة اصباحي وازواف الجزائريين، و”السينيغاليين” .

3- قوات المقاومة الزعرية تلحق اول هزيمة بجيش الاحتلال الفرنسي

هكذا، ارغمت قوات المقاومة الزعرية الجنرال “اتشارلز اموانيي” على التراجع إلى عين فوزار بقبيلة السلامنة، وخيمت بها يوم 2 مارس 1910، واكتفت بمراقبة الوضع من هناك. ومن محل تخييمه بعين “فوزار”، أبرق الجنرال “اموانيي” إلى وزير الحربية الفرنسي يخبره بما وقع، وختم برقيته بقوله: “إن هذا العقاب هو ما في الإمكان، حسبما يظهر الآن، وأنوي أن أرجع بالطابور إلى “بولو” (بن سليمان) بعد تنفيذ الأشغال الضرورية والقصيرة، لكي نتمكن في حالة الاضطرار من جلب مدفعية الميدان لهذه المنطقة الوعرة جدا، والمشهورة بصعوبة الدخول إليها إلى حد الآن”
ورغم اجبار قوات الجنرال “اموانيي” على التراجع من حيث أتت، فإن القيادة العسكرية الفرنسية، اعتبرت هذه الحملة مهمة لكسر شوكة زعير؛ وهم الذين كانوا يرون أن بلادهم يصعب اختراقها منذ قرون، فهي على الأقل سيكون من نتائجها ضرب للعقليية الزعرية المتشددة في الدفاع عن الوطن.
لكن بعد اسبوع من دلك، اي في يوم 9 مارس 1910، اثبت الزعريون مايخالف تكهنات جيش الاحتلال، ففاجأوا قوات الجنرال “اموانيي” المرابطة بعين “فوزار” بهجوم مباغث ، وكان عدد المجاهدين حوالي 800، منهم 400 فارس و400 من المشاة، فأُرغموا الجنرال وعساكره مندحرين على مغادرة تراب زعير يوم 12 مارس نحو معسكر ” بولو” بالشاوية. واكتفى الجنرال الفرنسي بعد الهزيمة ، بتسجيل الدين في دفتره للانتقام من زعير عندما تتاح له الفرصة، ويهيئ له حزبه الاستعماري الظروف المناسبة لجلب مدفعية الميدان إلى هذه المنطقة الصعبة .
وهذا بالفعل ماحصل في العاشر من يوليوز 1911، حينما تعرضت زعير الى محرقة على يد قوات فرنسية جيء بها من مختلف المستعمرات بقيادة الجنرال ابرانلييغ. “موضوع سنتظرق اليه بالتفصيل في مقال لاحق ان شاء الله.”

4- موقف السلطان المولى عبد الحفيظ من حادث مقتل الضابط الاسكندر ميو، ومعركة مرشوش.

لقد عبر السلطان مولاي عبد الحفيظ عن استنكاره لخروج القوات الفرنسية إلى منطقة زعير، وتأثره مما وقع، مؤكدا أن المخزن لا يجب أن يسكت عن هذا الأمر… كما يشير إلى ذلك الكتاب السلطاني الموجه إلى الأمين الحاج محمد المقري ” الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله وسلم (عبد الحفيظ بن الحسن الله وليه)
“خديمنا الأرضى الأمين الكبير الحاج محمد المقري وفقك الله وسلام عليك ورحمة الله وبعد فقد كتب الخديم ولد أب محمد الشركي بتوجيه كبير المحتلين في بن سليمان من الشاوية إلى السلامنة بقبيلة زعير في البحث عن قاتل أحد من الشاوية كان قبض ودفع له ثم فر ولما وصل الفسيان لدوار القاتل انتشب البارود بينه وبين أهل الدوار فأصيب وأصيب معه عسكري ثم إن محلة من الجند تألفت وتوجهت للقبيلة المذكورة ووقع بسماع ذلك اضطراب شديد في الناس وأفهامهم حسبما تصلك نسخ المكاتيب طيه ولا يخفاك أن هذا أمر كبير لا يسع المخزن السكوت عليه لأنه إذا كان الموجب أولا هو مثل الزعري للشاوي فكان الحق في القضية أن يرجع أمرها لجانب المخزن وهو يتولى البحث على القاتل وتبقى الخواطر سالمة وموارد الأسف مشفية ولا يصاب الفسيان ولا أحد من أبناء القبيلتين فلما جرت القضية على هذه الصورة التي لا محل لها في ميادين الحق تأثر لها جنابنا الشريف تأثرا شديدا لشدة سببه الذي كاد أن يحمل على الارتياب في الأفكار والنوايا ثم من بعد هذا كله أخبر خدامنا عمال الرحامنة والسراغنة وزمران أن كبير الاحتلال بسطات كتب لكل منهم بما تصلك نسخته بطيه في استدعائه إياهم لحضور احتفال اللعب الذي سيقيمونه بالشاوية لأجل إجراء الفلايك بالوادي وهذه رنة أخرى من مكدرات الأفكار ومغيرات الأنظار وأن مقتضى حسن العلائق المجراة ما بين جنابنا العالي بالله وبين الدولة الجمهورية يأبى أن يقع شيء من أمثال هذه الأمور المحمولة قطعا عند العامة على الأفهام المشوشة وقد علمت أن المخزن اليوم وكذا الناس أجمعون ليسوا بصدد هذه الأسمعة لأن الانتظار متشوف لتنجيز الانجلاء عن الشاوية الذي هو الفصل الباقي من فصول الأوفاق الثلاثة والحق الخاص بجانب المخزن منها وهو الثمرة المخزنية من جني شجرة الاتفاق وعليه فنأمرك أن تتكلم في الموضوعين بما هو الحق والمناسب وتؤكد للدولة تقرير أملنا الشريف في تعجيل الانجلاء عن الشاوية لوجود القوة التي تخلف عسكر الكوم فيها وليشاهد في العيان نتاج ذلك الاتفاق ويزيد الناس علما بنتيجة حسن الحالة ما بين جنابنا السامي بالله وما بين الدولة وترفع عن أفهام العامة التوهمات ويتقرر السكون والأمن بسبب ذلك في أرجاء إيالتنا الشريفة ولا تقصر من كل قول حسن جاذب إلى الإذعان والوفاء ولتجعل المسألة من الأهم لديك وقد شوفه القنصل هنا منا بأن القوة الميسرة خلفا عن الكوم ستوجه بعد العيد لرباط الفتح بينما يأذنون بنقلها إلى محلها وأكد عليه تبليغ ذلك لدولته على يد اللكسيون (كذا) فلتعجل بالإعلام بالنتيجة أصلحك الله وأعانك والسلام. في ” .23 صفر الخير عام 1328هـ موافق 6 مارس 1910.
.

5- زعير تستعد للحرب ضد جيش الاحتلال الفرنسي

بعد حادث مقتل الضابط الفرنسي “ميو” ومعركة فاتح مارس سنة 1910، بدأ المجاهدون الزعريون في الاستعداد للمواجهة الفعلية، لأنهم كانوا يدركون أن القوات الفرنسية ستلجأ في يوم من الأيام إلى الانتقام. فنودي بالجهاد في أسواق زعير مباشرة بعد المعركة المذكورة، لتحسيس الساكنة الزعرية بالخطر الفرنسي الذي أصبح يهددهم لا محالة. ولأجل دلك قام الزعريون بالاكتتاب فيما بينهم لجمع الأموال الضرورية لشراء الاسلحة، التي كانوا يقتنونها من ألمانيا واسبانيا عبر “السوق السوداء” بالعرائش، وقد أشارت العديد من قصاصات الصحف الفرنسية الصادرة في ذلك الوقت، إلى ظاهرة المناداة للجهاد بأسواق زعير عبر رسائل تدعو إلى الالتفاف والإجماع على مقاتلة الفرنسيين . فقد جاء في إحداها، أن رسالة للقائد محمد أوحمو الزياني تدعو إلى الجهاد، تليت بسوق خميس انخيلة بقبيلة أولاد ميمون، تحث كافة زعير للالتحاق بحركة الجهاد. وذكرت القصاصة أيضا، أن كثيرا من فرقهم قد انخرطت في هذه الحركة. وأن فرقا من زعير، كانت قد طلبت الأمان وقدمت الطاعة للجنرال “اموانيي”، لكن هذا الإذعان –حسب صاحب التقرير- لم يكن إلا ظاهريا، فهو فقط استراتجية مهادنة حربية مؤقتة تتقنها زعير ، حتى تتمكن الفرق الزعرية من تهييئ نفسها لحركة الجهاد…. وجاء في نفس القصاصة كذلك: أن القائد الحاج الطوبي الزرداني توجه عند قبائل بني حسن، واقترح عليهم تنظيم حركة لمساندة قبائل زعير .

لقد عبرت قبائل الجوار، وخاصة زمور وزايان عن تضامنهما المطلق مع زعير، وقد ذكرت بعص الصحف الفرنسية، أن العديد من شباب قبائل زعير وزيان وزمور، لبوا الدعوة إلى الجهاد، ونظموا حركة من 4000 فارس لأجل الهجوم على المراكز المتقدمة لجيش الاحتلال بالشاوية . كما وجد المتهمون في حادث قتل الضابط “الاسكندر ميو”، ملاذا آمنا عند زمور ، الذين عبروا عن تضامنهم المطلق مع زعير، ورفضوا تسليمهم إلى القوات الفرنسية بالشاوية.

6- زعير اليوم: بين معاناة الحاضر وانتظارات التنمية.

اليوم، فان، زعير قلب المغرب النابض، بحمولتها الوطنية التاريخية في الدود عن حمى الوطن، وملاحمها البطولية ضد الغزاة ، لم يشفع لها اي شيء امام الادارة من أن تنال حقها من الانصاف في التنمية: فالطرق ضيقة ومحفرة، بنايات المدارس رغم ندرتها هرمت وتاكلت، لا معامل ولا مركبات صناعية على طول الخط الرابط من سيدي بطاش الى لمعازيز ومن عين عودة الى تخوم جبال الاطلس المتوسط بل ان د “سد بوخميس” بازحيليكة، المشروع الوحيد الذي كانت تعقد عليه الامال زعير قد توقفت به الأشغال فجأة وبشكل يكاد يكون نهائي وكأن زعير لاحق لها في التنمية ، الوضع الذي تولد عنه بعد عقود من الانتظار شعور باليأس والاحباط في نفوس أبناءها وبناتها ، اتجاه ادارة تناست ما قدمه الزعريون عبر السنين من تضحيات جسام في مقاومة المحتل دفاعا عن استقلال وسيادة الوطن وحقهم المشروع في مواكبة ركب التنمية .

7- زعير ومطلب مركز عمالة بمدينة الرماني

ان منطقة زعير جوهرة الهضبة الوسطى بتنوع مجالها الحيوي، وخصوبة اراضيها، مكنتها ثروتها الطبيعية المعطاء من ان تكون المورد الاساس للمغرب من حبوب وقطاني ولحوم حمراء ، ناهيك عن مؤهلاتها السياحية بهضابها وسهولها واوديتها وغاباتها الفيحاء باكريفلة والصباب ولغوالم واولاد اعلي التي ان توفرت لها الامكانيات، وهي التي لا تبعد عن الدار البيضاء من جهة الغرب الا ب 40 كلم بمقياس مسافة تحليق الطير- وتمثل عمق العاصمة من جهة الجنوب، لبرزت كوجهة سياحية رائدة تحرك عجلة الاقتصاد الوطني .
اليوم وفي ضل السياسة التنموية المولوية الشريقة لصاحب الجلالة الملك سيدي محمد السادس نصره الله، ومع المقاربات الجديدة التي اعتمدتها الدولة في خلق دينامية اقتصادية بجل ربوع الوطن، يجعل ابنائها
الذين تحولوا الى شتات عبر قارات العالم والباقي لازم ارض الاجداد يعاني- مصرين على انصاف المنطقة التي “مزقها” التقسيم الاداري المجحف، الذي تحكمت فيه سياسة ارتجالية من هندسة البصري- اضرت كثيرا بالمنطقة وساكنتها التي اعياها الانتظار لاصلاح الاوضاع والاهتمام بالمنطقة عبر احداث مركز عمالة بالرماني كرافعة للتنمية بزعير، و خلق قطب اقتصادي يعتمد على ما تنتجه اراضيها وسواعد ابنائها ، فلا يعقل ان تظل قبائل زعير “مشتة” بين الخميسات، اصخيرات اتمارة وبن اسليمان في زمن يشهد بتقريب الادارة من المواطن، وتوزيع خريطة المشاريع بما يكفل حق المواطنين في الاستفادة من خيراتهم .
ان الحفاظ على وحدة القبيلة انسانا وتاريخا وتراثا وتنميتها ، هو في العمق حفاظ على وحدة الوطن وانماءه، لأن لحمة الوطن هي من لحمة المجموعات البشرية المشكلة لكيانه.

ان انتظارات الزعريين والزعريات، هي انتظارات مشروعة لا تتنافى مع كل الخطابات الرسمية، لكن متى ستلتفت الدولة لمنطقة بأهمية زعير و تنزع فتيل اليأس الذي يختلج في صذور ابنائها بعد ان اعياهم ازيد من نصف قرن التهميش والاقصاء !؟

اعداد:
اخطيب بطاش، بوعبيد التركي وعبد السلام لبيض

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*