swiss replica watches
د. خالد فتحي يكتب: صلاح الدين الأيوبي وتهافت يوسف زيدان 6/1 – سياسي

د. خالد فتحي يكتب: صلاح الدين الأيوبي وتهافت يوسف زيدان 6/1

د. خالد فتحي يكتب:

صلاح الدين الأيوبي وتهافت يوسف زيدان 6/1

مجرد ما نشرت مقالتي الأخيرة حول تهافت يوسف زيدان عبر عناوين متوالية  ينشرها بجريدة المصري اليوم  على ازدراء وتحقير الناصر صلاح الدين الأيوبي، و هي العناوين المثيرة والمستفزة التي جمع فيها كيده وموهبته ليس في البحث  والاستنتاج و الاستدلال فقط بل في الشتيمة وكيل التهم أيضا،   لتفنيد أسطورة بطل حطين  ومحرر القدس  والطعن  في سيرته وملاحمه البطولية، حتى تقاطرت علي التعليقات بين مؤيدة ومعارضة لما نحوت إليه من قوالب  في الرد عليه.

فالرجل كما أسلفت لكم القول مثير للجدل وربما للخلاف و على أوسع  نطاق  :المشفقون على زيدان من بعض التصريحات والتلميحات التي رشحت بين أسطري ، يدفعون بأنه لم يقم إلا بواجبه ككاتب وكمؤرخ يقع  عليه أن  يمحص الأحداث والمخطوطات ويدققها دون استلاب أو انبهار أو مجاملة ولو كانت  لأهل الدار. 

وهي المهمة  التي تحتم عليه  تبعا لذلك أن لا ينصت إلا لصوت الحقيقة العلمية،  وأن يقوم بكل شجاعة وإقدام  بغربلة التاريخ العربي الإسلامي مما تسرب إليه على مر الزمن من خرافات وأساطير وضلالات دسها الصراع السياسي المحتدم أبدا  بين الفرقاء والأغراض  الرخيصة لطغمة الاستبداديين من الحكام،  وأولها  حكاية يوسف صلاح الدين وفتوحاته الوهمية سواء في ساحة الوغى أو في  مضمار القيم و الأخلاق والفضيلة والشهامة التي على كعبه بها سواء  على الأعداء أو على  ذوي القربى في الدين والنسب. أما المتعصبون  لردي، فيرون أنه مجرد  متباحث مدع للسبق، يريد أن   يغرز نصله في صلب التاريخ الإسلامي، لفرمه، وإعادة تشكيله من جديد، بما يوافق هوى نفسه  النزاعة للتفرد والتميز والاختلاف ،وهوى نفوس آخرين من وراءه،  لا يعلمهم لوحده ،بل يكاد يعلمهم الجميع ويراهم رؤيا العين معه بسبب هذا الإلحاح  لديه في جلد الذات الإسلامية وتقريعها  سواء حين انكساراتها أو  حين نجاحاتها وإنجازاتها.يستوي عنده في ذلك الغث والسمين .ولعل ما عابته علي شيعة زيدان، وهم كثر، و منتشرون بكثافة بين ثنايا مواقع التواصل الاجتماعي، أني قمت فقط بدغدغة عواطف القراء دون أن  أناقشه في أدلته التاريخية ،لأن  العلم في رأيهم  لا يفله إلا العلم. ولأنهم محقون في هذا. فلابد إذن  مما ليس منه بد.

يتعين علينا أولا  أن نضع هذا الجنس  من الكتابة المتنطعة والمشاكسة،  التي يبدع فيها زيدان أكثر من غيره في سياقها .فلا شيء ينزل فجأة في رأس الكاتب . لابد من مقدمات ،و لابد من إرهاصات، ومن خيط ناظم جامع لما ينز عنه من أفكار وطروحات.وتحقير صلاح الدين بالذات ،هو نتيجة منطقية ومتوقعة للمسار الذي تفرغ  يوسف زيدان للسير  منذ زمن ليس بالقصير .

والذي لا يروم شيئا  آخر   غير التشكيك بكل ما يتعلق بالمسجد الأقصى وبالقدس و بمكانتهما  السامية والمقدسة  لدى المسلمين.أليس  هو  من نفى إسراء  النبي محمد صلعم للمسجد الأقصى  ،الذي بارك الله من حوله، وأنكر معه كليا  المعراج  منه  لسدرة المنتهى   لقطع صلة نبي الإسلام  بهذا المسجد المقدس، ونقض  أسباب الشرعية الدينية تبعا لذلك للمعركة من اجل  فلسطين؟. أو  ليس هو من أعلن أن المقصود بالمسجد الأقصى الذي ورد ذكره بسورة الإسراء في القرآن العظيم  مسجد مغمور بالطائف، مهبط قبيلة ثقيف التي ترتبط لدينا نحن العرب والمسلمين بكونها بلد من  آذوا الرسول الكريم ورفضوا دعوته  للإسلام ،قبل أن يقبل اليثربيون على  نصرته  ،وأنها مسقط رأس الحجاج الثقفي ، الصدر الأعظم لعبد الملك بن مروان .وهو أيضا ذاك الخليفة الأموي ،الذي سيسوقه  حظه العاثر  لأن  يقع بدوره في شراك يوسف زيدان، الذي يتصيد بحرص وأناة  كل من ارتبط اسمه بالقدس، ولو بوضع حجارة، لتبخيسه وتتفيهه، توطئة  لتثبيط الهمم وتسفيه كل مطالبة إسلامية بتحرير هذه المدينة المقدسة؟. فلأنه  يريد أن  ينفذ للفكرة من  كل أطرافها ومن شتى حوافها  لهدمها وتقويضها ،كان ضروريا أن  يعرج صاحب كتاب متاهات الوهم   على عبد الملك بن مروان في مسيره الحثيث  لاغتيال   صلاح الدين.حيث يتهمه بأنه بنى المسجد الأقصى زلفى لأجل صرف الناس نحو قبلة جديدة للحج مخافة أن يذهبوا للطواف بكعبة المسجد الحرام، ويغتنمها ابن الزبير المتحصن بمكة  فرصة ويجبرهم على بيعته. 

  يبدو هذا الدفع في الوهلة الأولى  منطقيا ومقبولا ، بل وممكن الحدوث من الزاوية العقلية ضمن ممكنات أخرى  لمجريات الأحداث  في تلك الفترة المضطربة من التاريخ الإسلامي ، لكنه  لم يكن ما جرى  تاريخيا وتحديدا  على أرض الواقع، كما جرت بذلك تصاريف القدر.  فعبد الملك الذي بنى قبة الصخرة  فقط، وليس المسجد الأقصى، الذي بناه ابنه الخليفة الوليد من بعده، كان يهدف لعمارة الأرض التي تقع بين يديه ويمتد عليها سلطانه  آنذاك  ،ولم يكن ليجرؤ على هذه البدعة في الدين، والجزيرة العربية  لازالت تعج بصحابة الرسول  وبالتابعين ،و تضطرم بالفرق الدينية والسياسية التي  تضج بالنقاش في أمور الدين والخلافة والإمامة،   وغير ذلك من المسائل  الفقهية، الجديدة على العقل العربي، وابن الزبير كان أضعف من أن ينافح عن نفسه ،فبالأحرى  أن يناجز بني أمية بقضهم وقضيضهم الحكم والسلطان على الإمبراطورية الإسلامية الناشئة.  .لم تكن له عصبة يستنقذونه من المروانيين  وملئهم  من قريش إذ كيف لمن جاء الكعبة  مستوثقا من عجزه ومستجيرا بقداسة المكان ليعصم دمه، وكيف لمن  يتخلى عنه حتى أبناؤه ساعة الحسم أن يجبر السواد على الدخول في طاعته.الواضح أن زيدان يخلط بين البحث التاريخي وفن الرواية والقصة،و يختلق   رواية أخرى للتاريخ ، ينسجها من خياله  الخصب جدا، كل قوتها وصدقيتها في  منطقها وعقلانيتها وحبكتها المحكمة  لا في حدوثها على أرض الواقع.

و القصد منها نزع القداسة عن المسجد الأقصى ومدينة القدس ، لكي ينفض المسلمون أيديهم منهما ويضيق عليهم حتى فسحة الأمل  في تحريرهما يوما ما.  فيوسف زيدان من خلال هذه الدفوعات الثلاثة  يقدم طرحا ظاهره منطقي وباطنه هراء وتخاريف،   بل يكشف عن خطة شاملة متكاملة الأركان  لنسف كل تعلق جماهيري عربي وإسلامي بالقدس وبفلسطين .فالواجب أن نلاحظ أن هاته المطاعن لا يمكن أن تستقيم وحالة اليقظة الروحية والسياسية التي كانت عليها الأمة خلال القرن الأول لبعثة الرسول بصلتها  التي كانت لا تزال ندية وطرية بفترة الوحي واتصال الأرض بالسماء،  وهي الحالة الموضوعية التي كان معها من سابع المستحيلات أن تتسرب حقائق موضوعة ومختلقة في الدين  وتعلق وتستقر بثبات في المخيال الشعبي، دون أن يسبق ذلك  تخدير الأمة بكاملها أو  إجبارها  على بيات كسبات  أهل الكهف.   المؤكد أيضا أن  يوسف زيدان لم يكن ليتصدى لصلاح الدين الأيوبي  لو لم يتصدى هذا الأخير لتحرير القدس .فهذا بالضبط ما يأخذه  به يوسف زيدان ويحمل عليه بسببه. لأن  في تحطيم  صلاح الدين وأد لفكرة التحرير وقضاء مبرم على مشروع الكفاح من أجل القدس.ولنأخذ  الآن مطاعن يوسف زيدان في يوسف صلاح الدين واحدة واحدة ونحاول الرد عليها ونقدها…… يكفي هذا الآن ….. لكن للمقال صلة….

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*