لحسن حداد: تطوير الإطار القانوني المنظم للمجلس الوطني للصحافة لا يمكن أن نفصله عن مشروع الإصلاح الحقيقي والشامل لقطاع الإعلام والاتصال في بلادنا
قال لحسن حداد نائب رئيس مجلس المستشارين في اليوم الدراسي المنظم من طرف لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية يوم الإثنين 13 أكتوبر 2025 ، حول: “مشروع قانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة”، والذي يأتي فـي سـياق وطني ودولي يتسم بعمق وتسارع التحولات التي يعرفها حقل الصحافة والإعلام، وبتعدد التحديـات التي تواجهه على مختلف الأصعدة.
واكد حداد، في كلمته نيابة عن رئيس مجلس المستشارين، ان هذا الموضوع يكتسي أهمية بالغة ولارتباطه بحمايـة أحد أهم الحقوق الإنسانية، ألا وهو الحـق فـي حريـة التعبيـر والصحافـة، الذي يعتبر من الدعائم الأساسية لأي نظام ديمقراطي، لأنه من دون إعلام حر مسؤول وتعددي ونزيه، تفقد الديمقراطية أهم ركيزة من ركائزها الأساسية، وينتفي حق المواطنين في الوصول إلى المعلومة الدقيقة والموثوقة.
وقال حداد، انه لا يجب النظر إلى حرية الصحافة كمجرد حق دستوري، بل هي شرط أساسي لبناء الثقة بين المواطن والدولة، وبين الإعلام والرأي العام، إنها أيضا وسيلة لترسيخ الشفافية، ومحاربة الفساد، ودعم المشاركة المواطِنة، وتحصين المسار الديمقراطي الذي اختاره المغرب بإرادة راسخة ورعاية سامية من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
وابرز حداد، ” أن إحداث هذا المجلس شكل محطة مهمة في مسار إصلاح قطاع الصحافة والنشر في بلادنا، على اعتبار أنه هيئة مستقلة للتنظيم الذاتي للمهنة، وآلية من المفروض أن تعكس نضج هذا القطاع وقدرته على تأطير نفسه في إطار من المسؤولية والمحاسبة.
و لقد أفرزت التجربة السابقة لهذه المؤسسة عددا من الإشكالات والتحديات والأعطاب التنظيمية والعملية، سواء على مستوى الحكامة أو فيما يخص آليات اتخاذ القرار، وتمثيلية مختلف الفاعلين، وحدود الصلاحيات المسندة إليه قانونًا، وغيرها من الإشكالات الأخرى.
وفي هذا الإطار، يضيف لحسن حداد، برزت الحاجة القصوى إلى تحديث الإطار القانوني المنظم للمجلس ليضطلع بدوره كاملاً في النهوض بأخلاقيات المهنة وتطوير الصحافة الوطنية، وأن يكون فضاءً حقيقيا للتنظيم الذاتي النزيه والمستقل، وآلية مهنيـة للتفاعل المهني المسؤول في إطار الالتـزام الصارم بأخلاقيـات الصحافـة، كما هو متعارف عليها عالميا، لتقويم الممارسة وضمان التوازن بين الحرية والمسؤولية، والتصدي لكل أشكال الانحراف الإعلامي أو التوجيه المصلحي، تحصيــنا لمهنة الصحافة مـن كل ما لا يتطابق مع شـروط ممارستها وأخلاقياتها، وبما سيضمـن الحمايـة الفعليـة للحـق في التعبير، ويعـزز ثقـة المجتمع فـي الصحافة.
واكد حداد، قامت لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية قصد الإنصات إلى مختلف الفاعلين في هذا القطاع وكذا المؤسسات الدستورية، فإننا نتمنى صادقين، من خلال هذه المقاربة التشاركية، أن ننجح في إنتاج نص تشريعي ذي جودة عالية، يتدارك النواقص المسجلة، ويكون قادرا على توفيـر جميع الضمانـات القانونيـة والمؤسسـاتية التي سترســخ الاستقلالية والتعدديــة والشــفافية وحكامــة آليــات التنظيــم الذاتــي، وأن يضمــن أيضا في المقابل حمايـة الحـق فـي حريـة التعبيـر والصحافـة؛ وإذ نحتكم بالمناسبة، إلى الأخذ بعين الاعتبار، ما جاء من ملاحظات وتوصيات في الرأيين اللذين أبداهما المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بناء على طلب الرأي الذي توصلت به هاتين المؤسستين من السيد رئيس مجلس النواب، بتاريخ 16 يوليوز 2025، باعتبارهما مؤسستين دستورتين مستقلتين، ونظرا لما يتضمنه هذين الرأيين من ملاحظات جوهرية وتوصيات هامة يجب الانتباه إليها.
وختم حداد قوله”، أن تطوير الإطار القانوني المنظم للمجلس الوطني للصحافة لا يمكن أن نفصله عن مشروع أكبر وأوسع، ألا وهو الإصلاح الحقيقي والشامل لقطاع الإعلام والاتصال في بلادنا، لأن هذا المجلس كآلية لا يجب أن يكون غاية في حد ذاته، بل هو فقط لبنة من لبنات أخرى لإرساء دولة القانون والمؤسسات. وخصوصا في ظل وجود إرادةٍ سياسية راسخة، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة نصره الله وأيده، تهدف إلى تعزيز الحق في التعبيـر وحرية الصحافة والتعدديـة الإعلامية وحق المواطنين في المعلومة، وتوطيد أسس التنظيم الذاتي للمهنة، بما ينسجم مع روح دستور المملكة ومع المواثيق الدولية والممارســات الفضلــى التــي تبلــورت فــي مختلــف التجــارب الدوليــة ذات الصلــة بالتنظيــم الذاتــي لمهنــة الصحافــة وفــي مجــال حمايــة حريــة التعبيــر بشــكل عــام…”
