swiss replica watches
سامر أبو القاسم يكتب: المنظومة الصحية والوضعيـة غيـر المُطَمْئِنَـة – سياسي

سامر أبو القاسم يكتب: المنظومة الصحية والوضعيـة غيـر المُطَمْئِنَـة

سامر أبوالقاسم

المنظومة الصحية والوضعيـة غيـر المُطَمْئِنَـة

تعميم الحماية الاجتماعية، هو مشروع وطني من أجل العمل على تحسين ظروف عيش المواطنين وصيانة كرامتهم وتحصين الفئات الهشة داخل المجتمع المغربي، وذلك في سياق مواجهة التقلبات الاقتصادية الحادة والمخاطر الصحية المدمرة.
وإذا كان هذا المشروع يعني في إحدى تفاصيله الأساسية تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، من أجل تغطية تكاليف العلاج والأدوية والاستشفاء، فإن التساؤل الجوهري المطروح هو حول الوضعية المزرية التي يعيشها قطاع الصحة، جراء التقاعس الحكومي في الارتقاء به إلى مستوى الاستجابة للانتظارات المعول عليها منذ وقت طويل.
إن الطلب على هذا القطاع سيزداد بوتيرة مرتفعة جدا عند تعميم الحماية الاجتماعية، والكل يعلم أن مستوى التأطير الطبي يصل إلى مستويات متدنية، والموارد البشرية للقطاع تعاني من خصاص مهول، وما هو موجود منها يعاني من سوء توزيع جغرافي، وغيرها من المشاكل ذات الصلة بعدم تأهيل القطاع ليكون في مستوى تحمل مسؤولياته في هذه الظرفية الاستثنائية.
فالمنظومة الصحية للمغرب تعرف اختلالات كبرى، جعلت تحقيق الحق في الصحة المنصوص عليه في دستور2011 بعيد المنال لعدة فئات اجتماعية. ومناطق جغرافية متعددة تعاني من صعوبة الولوج إلى الخدمة الصحية أو من قلة التجهيزات.
ومن أبرز هذه الاختلالات هزالة الميزانية المالية المرصودة للقطاع، وقلة الموارد البشرية، وضعف التغطية الصحية، وواقع السياسة الدوائية، وما يتكبده المواطن من تكاليف العلاج والدواء. إضافة إلى ضعف البنية التحتية التي لا تواكب الانتشار الواسع للأمراض العضوية والنفسية الخطيرة، وما تتطلبه من إمكانيات ووسائل.
قطاع الصحة يعاني من سوء التدبير، بعدم استقرار وزرائه وإقالة وإعفاء مسؤوليه المركزيين والجهويين، وهو ما يؤثر على السير العادي وعلى التعبئة المفروض أن تسود القطاع، إضافة إلى أن النقص الحاصل في الموارد البشرية سيتضاعف كلما ارتفعت نسبة التغطية الصحية، وكلما تفاقم التوزيع غير المتكافئ والعادل لهذه الموارد على مستوى التراب الوطني.
وهناك خصاص مهول في الأطباء والممرضين، دون الحديث عن النقص المهول في البنيات التحتية الذي تَكرَّس أكثر مع دخول “المساعدة الطبية” حيز التطبيق وتكاثر طلبات الاستشفاء والنقص في الوسائل اللوجستيكية ومشاكل في الصيانة، فضلا عن عشرات المستشفيات الإقليمية والمراكز الصحية التي لم تُجَدَّد بناياتها وأجهزتها منذ عقود، في ظل ضعف الرقابة وانخفاض الميزانيات المخصصة للتسيير والتدبير.

فضلا عن الظروف الكارثية لاستقبال المرضى وتوجيههم بالمستشفيات العمومية، والتوزيع غير المتكافئ وغير العادل للموارد، سواء على مستوى التراب الوطني أو بين المجال الحضري والمجال القروي.
وهو ما يجعل تحقيق الحق في الصحة المنصوص عليه في دستور2011 بعيد المنال لعدة فئات اجتماعية ومناطق جغرافية متعددة تعاني من صعوبة الولوج إلى الخدمة الصحية أو من قلة التجهيزات، حيث آلاف المراكز الصحية المنتشرة بالوسطين الحضري والقروي تشكو من نقص مهول في وسائل التطبيب والأطر الطبية والإدارية، وفي كثير من الأحيان يغيب عنها الأمن والماء والكهرباء، بل هناك مجموعة من المراكز لم تعرف طريقها إلى الاشتغال بسبب نقص في الأطر الصحية أو سوء في توزيعها.
وهو ما يكاد يذهب بنا إلى التأكيد على عدم استعداد القطاع للتنزيل السليم لمشروع التغطية الصحية، بل وعدم قدرة الساهرين على التدبير على تجاوز الأعطاب.

فنحن اليوم أمام قضايا مجتمعية تشكل موضوعات متكاملة وفي غاية الأهمية، وتأهيل المنظومة الصحية ببلادنا يعد من أعمدة إنجاح ورش الحماية الاجتماعية.
لذلك فقطاع الصحة يحتاج إلى إعادة النظر، بشكل جذري، والنهوض به يعد من الأوراش الحيوية الكبرى، التي بدونها لا يمكن إنجاح باقي الأوراش، خاصة مع بروز مظاهر محدودية المنظومة الصحية الحالية، والمتمثلة بالأساس في تعاقب مجموعة من الإصلاحات دون إحداث تغيير حقيقي في القطاع، وغياب التوازن الجهوي في توزيعها، والعرض الصحي غير المتكافئ وغير المستجيب لتطلعات المواطنين، وضعف حكامة المنظومة الصحية، بالإضافة إلى محدودية تمويل القطاع.
وهو ما يتطلب تأهيل العرض الصحي بتدعيم البعد الجهوي، وإقرار إلزامية احترام مسلك العلاجات، والعمل على تأهيل المؤسسات الصحية، وإرساء حكامة جديدة للمنظومة الصحية تتوخى تقوية آليات التقنين وضبط عَمل الفاعلين وتعزيز الحكامة الاستشفائية والتخطيط الترابي للعرض الصحي، وإحداث نظام معلوماتي مندمج، يسمح بجمع ومعالجة واستغلال كل المعلومات الأساسية الخاصة بالمنظومة الصحية بما فيها القطاع الخاص، ويُمَكِّن من التتبع الدقيق للمريض وتحديد وتقييم مسار العلاجات الخاص به.
فالالتزام بالوعود يتطلب أن تكون مبنية على تشخيص دقيق للواقع الاجتماعي، بالشكل الذي لا يجعلها مجرد شعار وأداة للاستهلاك الإعلامي. لذلك، فطريقة تسيير قطاع الصحة ووضعية تقديم خدماته لا زالت في مستويات متدنية جدا بالنظر إلى متطلبات العناية بصحة المواطنات والمواطنين.
وإذا كان الدستور في فصله 31 ينص على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسر أسباب استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة من الحق في العلاج والعناية الصحية والحماية الاجتماعية والتغطية الصحية والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة؛
وإذا كانت الحكومة تتعهد بتعزيز ورفع الولوج إلى الخدمات الصحية لتصل نسبة الولوج إلى أعلى مستوى، وتعزيز الاستفادة من الخدمات الصحية بالمستشفى العمومي ومؤسسات الخدمات الصحية الأولية، وتسهيل الولوج إلى الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية، وتشجيع الإنتاج الوطني للأدوية المكلفة بغية تخفيض ثمنها؛ وتفعيل مقتضيات الخريطة الصحية؛
فإن الواقع يفضح الوضع المزري والهش لقطاع الصحة، الذي أصبح يشكل عبئا ثقيلا على المغاربة، بفعل العجز الواضح للقطاع على الخروج بالبلاد من الأزمة.
وهذه الوضعية غير المُطَمْئِنَة التي نحن عليها اليوم، أصبحت ضاغطة بشكل كبير على نفسية الجميع، وأصبحت تؤشر على الخروج عن إمكانية ضبط مساراتها على الشكل المطلوب، بل وأصبحت مخيفة من حيث كونها ستؤدي إلى ما لا يحمد عقباه، خاصة مع هذا الغموض الذي يلف جميع المعطيات المعلن عنها بخصوص تدهور الحالة الصحية.
والقلق يزيد استفحالا حين تكون وزارة الصحة غير قادرة على الاطلاع بمهامها والرفع من الوعي المجتمعي بكيفيات التعامل في الأزمات الصحية، والتحلي بخصال وقيم التضامن والتعاون، وتيسير مهام السلطات العمومية.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*