swiss replica watches
خلخال أم الهيثم …. ووزراء عبارة : القطيع ” و ” المداويخ ” و ” الجيعانين والمرضى – سياسي

خلخال أم الهيثم …. ووزراء عبارة : القطيع ” و ” المداويخ ” و ” الجيعانين والمرضى

خلخال أم الهيثم …. ووزراء عبارة : القطيع ” و ” المداويخ ” و ” الجيعانين والمرضى

بقلم عبدالهادي بريويك
أم الهيثم ذات الصيت الذائع في تقديم الألغاز والحكم، وتقرض الشعر، هجاء وغزلا ومدحا ورثاء، وتحكي الحكاية برونقة السرد، لم تكن سوى مرشدة للأمل من خلال إنقاذ النفوس المحبطة، وتبذر روح الورد في الحدائق الميتة، وتخلق الابتسامة مقابل دراهم معدودة.
بلباسها العربي الشامخ ووشم ينبض بالحياة حين تتأمله، وخلخال يلهيك في النظرة إلى ما هو عيب ومحتشم، تدور في الأسواق تطلعك على الحظ، وتتنبأ لك بالحظ من بيض البط، أو تنذرك من الشؤم والمرض، ولعمرها كذبت ..أو قيل عنها في تنجيم النية – كما تقول- أخطأت أو زاغت بها شياطينها …ورجال لبلاد ..
في أحد الأسواق..ناداها يوسف وهو كظيم، ترى يا أم الهيثم، متى يهدأ لي البال؟ ويتغير من حولي كل شيء ويتغير الحال من كل هذا المحال ؟ أجابته ..وقالت :
– أم الهيثم :هل تعرف ما اسمك يا ولد؟ وهل تعرف معناه؟
– يوسف : أجاب: إسمي يوسف؟ وفيما يتجلى معناه؟
– أم الهيثم : أنظر واسمع هذا الصوت القادم من الخلخال حين تحركه كحلاي، هل ترى ؟ هل تسمع؟
– يوسف إني أرى وأسمع رنين الخلخال كرنين إناء ساقي الماء ‘الكراب) في سوقنا هذا و في فصل الحر.
– أم الهيثم: هل تصدق التنجيم والنجوم والنجامين؟
– يوسف: نعم
أم الهيثم: معظمهم كذابات وكذابين لكن عليك بالنية وسترى كل شيء؟
– إسترسلت قائلة-
– أم الهيثم : اسمك دليل شخصيتك وما أخطأ من كان سببا في اختيار اسمك، وانظر على الأقل إلى حركات أحرف يوسف منسابة، ومنطلقة للحياة وتدعوك للاطمئنان والتفاؤل؛ لا شدة فيها ولا تكلف ..كما تشبه ربطة جبينك التي هي منبسطة رغم الفقر الذي يربض حولك… ومعنى يوسف هو الله الممثلة في أخلاق السمو والرفعة، يمنح ويضاعف، الله يزيد. ويوسف بكر يعقوب من زوجته الثانية راحيل.
– اسمك دليل على أن الخرقة البيضاء التي ولدت فيها وفي أصعب الظروف ستؤازرك طول الحياة تشبه بياض قلبك والله (يخلص كل واحد على قد نيته)، فكل من يحمل اسم يوسف يكون اجتماعيا وخجولا طيب القلب وحنون لكنه لايعشق الإهانة ومن يهينه يصبح أحمقا مجنون.,,ودوما بحب وعشق الطيور مفتون..
– يوسف: وماذا أيضا؟
– أم الهيثم : دع حظك في الطريق الذي رسمه لك القدر فهو موجود لكنه لن يأتي إليك، فالحظ مقعد لايمشي ومن أراده يذهب إليه.
– يوسف: كيف؟؟
– حظك بين قدميك وفي قلبك المجنون ..(ولا تتسرع فالخبزة لن تستوي في الفرن دون أن تخمر)، (واخمر شوية ) وابحث عن حظك بين قدميك..
– يوسف : وماذا علي أن أفعل ؟
– أم الهيثم: عليك أن تسعى إلى حظك من خلال التحرك وعدم السكون والارتكان إلى الانتظارية ..لأن الانتظار ضد الحظ والطالع الحسن، فالحظ مثل الملح والانتظار والاتكال مثل الماء..وفي الحركة بركة ..توكل على الله واقصد طريق قلبك سيقودك إلى حظك ..
أم الهيثم تتجول في الأسواق تخبر الناس عن حكاية غصن الشجرة المغروس في مؤخرة الفأس الذي يقطع الأشجار..وعن حكاية هذا الارتباط بين عدوين لذوذين؛ في ارتباط يشبه الزواج الأبدي..إذ لا قيمة للفأس دون أن يرسو غصن الشجرة في مؤخرته حتى يؤدي مهمته، وتحدث الناس عن قصة وأنشودة (تِكشبِيلا تِوليولا.. ما قتلوني ما حياوني.. غير الكاس اللي عطاوني.. الحرامي ما يموتشي.. جات خبارو في الكوتشي” التي لطالما رددها جيا بأكمله دون أن يعرف مصدرها مفسرة ذلك ب: فتكشبيلا تعني طريق اشبيليا، وتوليلولا تنطق في المغرب “توليو ليها” ومعناها سترجعون لها.

أما كلمة ما قتلوني ما حياوني فهي تعبير مجازي على شدة التعذيب الذي كان يتعرض له الموريسكيون من طرف الإسبان، فلا هم من الأحياء ولا هم من الأموات.

وفيما يخص عبارة غير الكاس اللي عطاوني فهي ترمز إلى نوع من أنواع التعذيب حيث أرغمهم الأسبان على شرب الخمر من أجل السماح لهم بالعبور إلى المغرب.

وبخصوص الحرامي ما يموتشي فهي يرمز به إلى الإسبان الذين عادوا ليطالبوا بالأندلس بعد ثمانية قرون من خروجهم منها.
أما عبارة جات أخبارو في الكوتشي، فالأخير (الكوتشي) معروف أنه وسيلة نقل مغربية كانت قديما وما تزال، وهي العربة التي تشتهر بها مدينة مراكش.
أم الهيثم التي لا تتوفر على شواهد تعليمية ولم تطأ قدماها مدرسة، حاملة لفكر إنساني ووجداني صقلته التجربة والاحتكاك بالحياة اليومية لعامة الناس وبسطاءهم ومشاطرتهم أحزانهم، إرهاصاتهم، وبذر الأمل في نفوسهم، دون تكلف أو نصب واحتيال، حتى أمست لدى العارفين بأنها معالجة لداء فقدان الأمل في الحياة، واكتسبت مهارات التواصل من خلال التجول عبر أسواق الوطن غير مبالية بالغد؛ وهي التي تطلع الجميع على حظهم وتحكي لهم الحكاية لتخبرهم عن معنى الأسماء بمسمياتها؛ وتقودهم من خلال خلخالها لاختراق الحلم ونشر شعاع الأمل.
تحت الشجرة الواقعة في أعلى الجبل تقطن أم الهيثم ..هي ليست بالولية الصالحة التي يسافر من أجلها الباحثين عن الحظ ..بل هي تسافر وترحل وتترجل كي تتلاقى بالناس.
ذات يوم كان وزيرا يدشن شيئا ما في سوق يقع في جهة ما وقد استدعاه قبيل الانتخابات شخص أو مرشح ما؛ ولا يهم هنا المعنى ..بل المغزى..فحلقت حمامة ّأم الهيثم وأخبرتها بالنوايا المنكشفة من نوع الاستقبال ..فراحت للسوق وخلخلت خلخالها..فاجتمع حولها كل عامة الناس وتركوا الوزير واقفا أمام منصة إسمنتية وفي يده مطرقة وليس معه إلا زبانية الموكب وقلة من محبي المرشح المبني للمجهول، فثارت ثائرة الوزير متسائلا عن مصدر صوت الخلخال وصاحبه، وسر هرولة الناس إلى ذاك الصوت، فأخبره صديق دربه عن أم الهيثم وصيتها الذائع في الأسواق وأنها امرأة مباركة؟
نطق الوزير قائلا هل أضعها الثانية في اللائحة، فقال المرشح ولو وضعت لها الذهب في كفة وكل الثروات في كفة لن تقبل لأنها بنت (باب الله) وإن شئت أدعوها وتسمع.
بعد دعوة أم الهيثم سألت الوزير عن سر ربطة العنق الزرقاء التي يربطها ومن أين أصلها؟
– ضحك الوزير عن غباوة السؤال؛ لكن أم الهيثم ألحت وأصرت على الجواب قبل أن تمتثل بين يديه ليطرح عليها السؤال، لكن الوزير أجاب قائلا : الكرافاطة أو ربطة العنق عادي في المناسبات الرسمية،
– أم الهيثم: فعلا إنك مجرد وزير تمثل شعبا ولا تمثل ثقافته، وتحمل ثقافة ولا تعرف أصولها وتاريخها فكيف لك أن تكون مسؤولا قادرا على تدبير ما أنيط بك من مسؤولية، هل أنت السيد الوزير روماني الأصل؟
– ضحك الوزير وقال للمرشح دعها ترحل فليس لي مع الحمقى ؟
– أم الهيثم : استطردت قولها تعلم أيها الحامل لربطة العنق وربطة الأمانة الملقاة على عاتقك؛ أنه كانت هناك فئات من الرومان ترتدي أربطة العنق كجزء من زي أو كرمز انتماء لجماعة معينة وكذلك بمجلس الشيوخ في روما كانوا الخطباء يرتدون أربطة عنق كالوشاح لأجل تدفئة الحلق ،و يرجع تاريخها إلى بدايات القرن 16 وبالتحديد في الفترة ما بين (1618-1648) وهي فترة حرب الثلاثين عاما التي وقعت بين دول شمال ووسط أوروبا.

استخدم الجنود الكرواتيون بالتحديد هذه الربطة وكانت عبارة عن” شال” ملفوف على العنق وبنفس الطريقة التي يلف بها ربطة العنق اليوم. حيث كانت تعلقها النساء في أعناق أزواجهن وأحبائهن أثناء سوقهم لجبهات القتال، كعلامة على الحب والوفاء، وإن أصل كلمة (كرافات) الفرنسية هي مشتقة من الكلمة «كروات ، وقد كانت الحرب شديدة وعنيفة لدرجة أن طريقة إعدام الكرواتيين كانت بتعليقهم بربطات العنق التي يرتدونها، ومن هنا جاء أصل الكلمة الإنجليزية نك تاي والتي تعني بالعربية ربطة عنق.
– هل فهمت السيد الوزير معنى جزء تربطه على عنقك قد يكون لك زينة وقد يكون ربطة لسانك بعدم قدرتك على الإجابة متسائلة بأعلى صوتها: واش انت وزير ديال بصح؟
– الوزير: احمرت وجنتاه، كما تحمر فتيات قبيلتنا ساعة الدخلة، وتعرق كثيرا رغم رطوبة الجو وتعثرت كلمات الخطبة التي كان سيلقيها أمام عامة الشعب؛ متمتما قائلا : سيدتي والله قصدت..قاطعته أم الهيثم قائلة:
– (قصدتينا والمقصود الله) والله مع النوايا الحسنة، أما أنا لست سيدة على أحد ولا أحب الأضرحة ولا أحب التزلف بها أيها الكائن، الذي لايعرف حتى معنى لباسه فكيف له أن يعرف دموع وجوع وآلام الفقراء..
– ابتعدت أم الهيثم قليلا منه..وفي لحظات غير بعيدة خلخلت خلخالها والتف حولها عامة الشعب غير مبالين بما ترسمه لهم أقنعة الساسة في دواليب السياسة؛ وتركوا الوزير وقلائل الأتباع أمام منصة إسمنتية؛ لم تدشن وفي يده مطرقة.
وفي طريقها نحو الجوطية، حيث ملابس النصارى واليهود المستعملة، وجدت أم الهيثم صبيا تائها عن أهله وسط جذبة بشرية تود اقتناء الملابس المستعملة وستر جثتهم التي أنهكتها الطبيعة في عالم قروي يعش تحت وطأة الفقر..وكان الصبي يبكي وبيده ( شفنجة) فسألته مابك؟ فقال الطفل بغيت امي..فطارت به أم الهيثم مثل الطيور على جناح السرعة باحثة عن المكان الذي يباع فيه الشفنج فوجدت أم الصبي تحكي عن الوزير وعن أناقته ضاحكة من كرم المرشح الذي تبرع عليهم بخمس كيلو من (الشفنج) وأنساهم بالوعود حتى ظناهم وفلذات أكبادهم، فنطقت أم الهيثم وقالت لأم الصبي:
– هل هذا ابنك؟
– أجابت الأم : إنه جلول ولد البتول – قوليها وشلي بها فمك – ؛ مال ولدي كجاك؟
– ردت أم الهيثم وحركت الكاحل والخلخال وبنبرة الحزن حكت حكاية عن الإهمال فقالت :
يحكى انً قروياً أسرج حصانه ليذهب الى المدينة وقبل ان يركب نظر الى حدواته (الصفايح) فوجد ان إحداها قد سقط منها مسمارا، فقال في نفسه لا بأس مسمارا واحدا لا يهم .
ثم سافر ولما صار في منتصف الطريق سقطت حدوة حصانه فقال:
لا بأس ا
أيضاً، يستطيع الحصان السير بثلاث حدوات ولما وصل الى الطريق الوعر جرحت قدم الحصان فأصبح يعرج ثم توقف وقد أنهكه التعب. فما لبث أن ظهر لهما قطاع الطرق ولأن الحصان لا يقوى على السير فضلاً عن الجري ؛ فقد سلبوه حصانه وكل ما معه من متاع فعاد الى بيته مسلوباً كئيباً مشيا على الأقدام وهو يقول:
بسبب تهاوني في إصلاح حدوة الحصان خسر ت الحصان وما يحمل؛ كذلك هو حال أم الصبي؛ كادت أن تخسر ابنها وتدمر أسرتها وكل حياتها مقابل انشغالها بأكل بعض من الشفنج على حساب مرشح الدائرة وهي تردد كيف مد لها الوزير يده بعدما كان مجرد صورة تراه في التلفاز في المناسبات الرسمية دون أن تعرف إسمه، ذاك الوزير الذي كان واقفا أمام منصة إسمنتية وبيده مطرقة وقالت أم الهيثم لأم الصبي – الله يلعن اللي ما يحشم – .
وقبل أن تغادر أم الهيتم مكان الجمع الذي بدأ ينفض بعدما تحدثت وأرغت وأزبدت قالت للسيد الوزير ألم تنعثونا بالقطيع ” و ” المداويخ ” و ” الجيعانين والمرضى..وأهنتم كرامتنا وانسلختم من جلدتنا، وكسرتم خواطرنا بكلامكم وسياساتكم الانتهازية والوصولية وأغرقتمونا بالزيادة في الأسعار ..فلماذا تحضر اليوم مسترزقا تصفيقات عامة الشعب أمام كاميرات وأبواق وسائل الإعلام وكأنك تعبر عن قمة الاستهزاء بكبرياءنا وتحاول أن تؤكد للجميع أننا شعب المداويخ والمرضى والجياع والقطيع الذي ينسى بسرعة ..وتكشف لنا عن فروك الحقيقي الذي يشبه فرو الثعلب بعدما كان على شكل فرو الأرنب الوديع.
خذوا وزيركم إلى موكبه وأذنوا لحراسه أن يترجلوا فقد صدق في حقه قول الشاعر لمن نكث العهد فقال :
سقط الحمار من السفينة في الدجى
فبكى الرفاق لفقده وترحموا
حتى إذا طلع النهار أتت به
نحو السفينة موجة تتقدم
قالت: خذوه كما أتاني سالما
لم أبتلعه لأنه لا يهضم .
ثم خلخلت أم الهيتم خلخالها ورحلت وقد صاحبها في الطريق كل الجياع والمرضى والمداويخ بعدما تركوا الوزير مصنما أمام منصة حجرية ومطرقة وقد قيل له إرحل فقد خاب فيك الظن بعدما ضاعت منك الخصال والقيم .

 

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*