swiss replica watches
في ذكرى الشهيد عمر بنجلون ….نحن جيل الصدمة – سياسي

في ذكرى الشهيد عمر بنجلون ….نحن جيل الصدمة

في ذكرى الشهيد عمر بنجلون ….نحن جيل الصدمة
عبد السلام المساوي
نحن جيل الصدمة ، فتحنا اعيننا والاتحاد ينطلق انطلاقة جديدة سنة 1975 بجرح انغرس في الذات الاتحادية ، وكان من الصعب التئامه بسرعة ، ففي وقت انعقاد المؤتمر الاستثنائي والانطلاق نحو النضال الديموقراطي بالديموقراطية وليس بشيء اخر ، تأتينا الصدمة ونطعن مرة أخرى في احد القادة الكبار، ومن حق هذا الجيل وهو يبحث ، ليس عن أجوبة ، بل عن أسئلة جديدة ،أن يستحضر تجربة عمر ، وهو يفكر في المؤتمر الاستثنائي من داخل السجن ، وعند خروجه من السجن ، بدأ يفرغ كل المخاض الفكري الذي كان يحمله على الورق ، وبدأ في الإعداد بدينامية للتحضير للمؤتمر واستراتيجية النضال الديموقراطي ، والتي كانت متميزة في تاريخ الفكر السياسي المعاصر بالمغرب….
جدلية الفكر والممارسة
انه من الافيد الاستفادة من شخصية عمر بنجلون عبر استحضار ثلاث جوانب ، وهي : الجانب الحزبي ، الجانب الشبابي والجانب الديموقراطي
1-الجانب الحزبي
فيما يتعلق بالجانب الحزبي فإن بصمات الشهيد معروفة في التقرير الإيديولوجي ، الذي كان مهندسه ، فقد قام بقطيعة مع المرحلة السابقة ،أعطى معنى جديدا للاستمرارية ، الاستمرارية بالمعنى الدياليكتيكي ؛ استمرارية النضال في ظروف متغيرة وبقوى متصارعة متغيرة ، ففهم عمر للحزب هو الحركية وليس الجمود ، فهو صاحب المذكرة التنظيمية سنة 1965 , وهو أيضا من أصل لفكرة الاستمرارية ، ليس في الجمود والركود ولكن في التغيير .
فمن اسس المنهجية العلمية التي اعتمدها عمر لمقاربة الواقع المغربي : التحليل التاريخي والجدلي الذي يدرس المجتمع في تاريخيته ، يدرسه كواقع متحرك ومتغير ، يكشف عن تناقضاته وصراعاته الاجتماعية ويبرز القوى الفاعلة فيه ؛ اعتماد التحليل الملموس للواقع الملموس ، ..معانقة الوضوح والشفافية ومحاربة اللبس والغموص ، محاربة الخلط والتضليل ، اعتماد العقل وتشغيل الفكر ، رفض الاتباعية الجامدة والمحاكاة العمياء ، رفض النماذج المسبقة وتقليد التجارب التي لا صلة لها بظروفنا وواقعنا ، عدم ادعاء امتلاك الحقيقة …قراءة الماضي قراء مستقبلية ، عدم القطع معه وعدم تمجيده وتقديسه ….الاشتراكية منهجية لتحليل المجتمع وتناقضاته وتغييراته ، لا فلسفة ومحاولة لتفسير الكون ، منهجية للتحليل والنضال لا عقيدة…
في صيف 1974 , وبالذات يوم الاحد 15 شتنبر 1974 ، تحول الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الى الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، وبمناسبة اول اجتماع عقدته اللجنة المركزية برئاسة المرحوم عبد الرحيم بوعبيد بمنزل عائلة بنبركة بالرباط ، وكان ذلك مباشرة بعد تبرئة وإطلاق سراح قادة الحزب الذين كانوا متهمين في أحداث مارس 1973 ، في ذلك اليوم قال الشهيد عمر بنجلون مخاطبا أعضاء اللجنة المركزية وبنبرة حادة تطبعها الصرامة :” أيها الإخوان كفى من التجارب البدائية التي تنقصها المنهجية والكفاءة والتي تسبب في سقوط ضحايا دون أن تزعج قطا ! أن قيادة الحزب هي ما يوجد الان داخل الوطن ، أما من هم خارج الوطن فلم نعد نقبل أن نتحمل تبعات اخطائهم ، وكان مطلوبا منا ونحن رهن الاعتقال ان نتنكر لهم ونستنكر افعالهم .

لم نفعل هذا وكانت حريتنا معرضة للخطر من جراء امتناعنا عن التنكر لإخواننا ، بل إن ارواحنا كانت في خطر….اما الان فلن نسمح لأحد في الخارج بأن يقوم باسم حزبنا بأعمال لا نقبلها ولن نسكت مستقبلا عن أي ممارسة لا مسؤولة …”
وبعد أربعة أشهر ، وفي يناير 1975 , ينعقد المؤتمر الاستثنائي للاتحاد ، وفي تقديمه للتقرير المذهبي امام المؤتمر ، يقول الشهيد عمر :” إن القرار بتحضير وعقد هذا المؤتمر الاستثنائي ، كان تعبيرا عن اختيار جوهري وشامل ، فبالرغم من القيود المفروضة على حزبنا ، ومن وجود مئات من المناضلين في المعتقلات المعروفة والمجهولة ، قرر الاتحاديون بصفة جماعية استئناف العمل على تطبيق القرارات والاختيارات التي سبق أن حددوها قبل حوادث مارس 1973
يمكن أن نؤكد بكل اعتزاز ان هذا المؤتمر ، بالرغم من أنه مؤتمر استثنائي ، حضر وعقد في ظروف استثنائية هو مؤتمر القاعدة الاتحادية كلها ، مؤتمر المناضلين الأوفياء كلهم ، مؤتمر المناضلين الشاعرين بمسؤولياتهم التاريخية ، مؤتمر استمرار حركة التحرير الشعبية ببلادنا .
الا ان الاستمرار لا يعني الحمود في التفكير والأساليب ، انه استمرار النضال وجدلية النضال ، في ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية في تغيير دائم ، والقوات المتصارعة هي نفسها في تغيير دائم مع ما يترتب عن ذلك من تقلبات في أشكال وميادين الصراع اجتماعيا وسياسيا وايديولوجيا …”
ونتساءل هل النموذج التنظيمي السابق لا زال صالحا ، وهل الطريقة التي كنا نمارس بها الخصومات السياسية لا زالت هي ؟
2-الجانب الشبابي
فيما يخص علاقة الشهيد بالشباب ، نؤكد أن الشهيد عمر بنجلون لم يكن منظرا ولا باحثا سوسيولوجيا يدرس الحركة الشبابية فهو نفسه كان شابا ، وبالرجوع الى التقرير الإيديولوجي نجده يقول ان الشباب بطبيعته ينفر من الغموص ، فالوضوح فضيلة سياسية وأيضا سلاح سياسي . كان عمر يرجع لإحدى خاصيات الشباب وهي الوضوح والهروب من الغموض والالتباسات ، وكان رجل الوضوح بامتياز يعتز به عموم اليسار …” مضيفا بأنه ترك لنا ترك تراثا ورصيدا سياسيا قويا ، وترك ايضا حزبا قويا لا زال موجودا ، استشهد وهو في سن الشباب ، هو أحد الاطر العليا ببلادنا ، خريج المدرسة العمومية وليس مدارس الأعيان ، متعدد المواهب والكفاءات ؛ محامي ، بريدي ، نقابي ، سياسي ، صحفي ، مفكر…
3-الجانب الديموقراطي
في قمة الزمن الاسود والقمع الهمجي الأعمى يفتك بالبلاد ، والديموقراطيون الحقيقيون يعيشون المحن ، والمؤسسات والوحدة الترابية نفسها قد أصبحت في خطر ، في ظل هذه الظروف بلور الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، خلا ل مؤتمره الاستثنائي سنة 1975 , استراتيجية النضال الديموقراطي ، والرهان على أن انتصار الديموقراطية والتقدم الاجتماعي يقتضي الانخراط الواعي ضمن ضمن دينامية مجتمعية وتاريخية يتفاعل فيها الموضوعي والذاتي ، بما يعنيه ذلك من قطع مع الارادوية والشعبوية من جهة ، ومع الاتجاهات الانتهازية والمتقاعسة من جهة أخرى …
نجح اختيار النضال الديموقراطي وفشلت الاختيارات المضادة ، لأن الاختيار الديموقراطي كان استجابة لأسئلة الواقع المغربي واملته التحولات السياسية والاجتماعية ..انه نجح لانه أراد الدفع بحركة التاريخ الى الامام ، نحو المستقبل ، نحو البناء …ان الواقع المغربي يتغير ، أسئلته تتغير ، من هنا وجب البحث عن أجوبة جديدة تستجيب للحظات التطور التاريخي …
ونسجل بأن الاتحاد الاشتراكي ، في الوقت الذي كانت فيه الساحة السياسية العربية تعج بالمغامرات وكان من السهل تعدد الولاءات ، اختار ان يكون الخط السياسي للحزب هو النضال الديموقراطي من داخل المؤسسات ، مبرزا بأنه اول حزب اعتبر أن الديموقراطية ليست هي الانتخابات فقط لذلك كنا من السباقين الى الحديث عن الديموقراطية المحلية ، وديموقراطية القرب ، وتمكين الشعب من المشاركة في بيئة تمكنه من قضاء جميع اغراضه ،لكن النظام الإداري في المغرب آنذاك كان شديد التمركز ، فكان هناك إلحاح من جلالة الملك في عدد من الخطب بالتعجيل بإخراج ميثاق اللاتمركز الإداري والذي بحث تقرير الإدارات في الصلاحيات التي يمكن نقلها إلى الجهات ويؤشر لتحول جذري في نموذج الإدارة ، وهذا الورش محسوب على الاتحاد ، كما كان محسوبا علينا الميثاق الوطني لإعداد التراب الوطني ابان حكومة التناوب وأصبح الان يتداول في اللغة السياسية بمصطلح العدالة الاجتماعية والمجالية.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*