في النهاية‫:‬ إنما الأعمال الحكومية بالنيات‫!
وعلى غرار الموجة الروحية التي أشعلها فينا وليد الركراكي ‫(‬الذي شاءت الروح الخضراواتية التي تعم المغرب أن يُشبَّه بالأفوكا‫)‬ أعلنت الحكومة على لسان ناطقها الرسمي بأنها نوت مراقبة الأسعار ولكنها عجزت عن الوصول إلى الهدف الذي نَوَتْه‫.‬
ونحن بذلك نوجد في زمن النوايا ‫.‬
أي في الزمن الروحي، وفي هذا الزمن حتى ولو نجح الفعل فإنه لن يقبل إذا لم تسبقه النوايا‫..‬
هو ذا رمضان يقدم لنا أحسن الشروط لفهم النية وأثرها في الحياة العامة‫.‬
..والحكومة تدرك ذلك، لهذا يقول لسانها بأنها فشلت في الوصول إلى محاربة غلاء الأسعار، أي فشلت في الضرب بيد من قانون وذعائر على يد المضاربين والوسطاء‫..‬
يجب أن نعترف للسيد الناطق الرسمي للحكومة أنه كان مغايرا هذه المرة، نعترف له بأنه لم يُعد على مسامعنا أسطوانة الحكومة التي تعرف كل الشياطين الساكنة في تفاصيل الأسعار.
يمكن لقراء الفنجان السياسي في المغرب أن يبحثوا عن اليد التي لم تضرب بالقوة التي يجب أن تضرب بها، وهي يد من المفترض أن تكون حكومية على كل حال‫..‬ وإذا سلمنا بهذا سنكون أمام حكومة تحت “تضارب” قطاعاتها أكثر ما هي عرضة لضغط “مضاربة” الأسعار.. وبذلك ستزيد إلى مشكلة الأسعار مشكلة التناحر الداخلي، وهو أمر يزيد من قلق المغاربة أكثر مما يفسر العجز‫.‬ ولا شأن لنا هنا بـ«مسالخ ومضاربات وتضارب» أغلبية القطاعات ، إنما نحن نتحدث عن مسؤولية حكومة واحدة وموحدة‫..‬
الحقيقة وبالعودة إلى عجز الحكومة أمام المضاربين، فمن شدة الحديث عن هؤلاء المضاربين الذين لا يُضْربون والوسطاء الذين لا سوط يطالهم، صرت أؤمن بالعفاريت والتماسيح التي …‫..!‬
‬التفسير المناسب هو .. النية!.
إذا لم تنو الصوم لن يقبل منك ولن يكون لك منه سوى الجوع والعطش.
نفس الحكومة المغربية، لها رأي آخر كلما تحدث لسان آخر من ألسنتها عن الأسعار فهو لسان يخفضها تخفيضا‫:‬ وهي تارة في المتناول وهي تارات أخرى أقل بكثير مما يقوله المغرضون والمعارضون والذين يتوجهون Åáì الأسواق ويعودون خاويي الوفاض‫.‬ وقد رأيت بأم عيني كيف أن الرجل يدخل السوق الأسبوعي ويخرج منه وقد تأبط كيسه البلاستيكي أو قفته من الدوم، وعلى محياه أطنان من البؤس والحزن…
الحكومة حسب بلاغاتها مكلفة بـ”اتخاذ كل التدابير اللازمة لتعزيز العرض والمخزون من المنتجات الأساسية ولضمان التموين العادي للأسواق خلال شهر رمضان”¡
أما أثمان البيع فقد قال ناطقها بأنها لم تفلح في ضبطها‫.‬
معضلة حقيقية أمامنا في هذا المعادلة بالذات‫:‬ الناطق الرسمي له قول و الحكومة لها
قول، و ما بينهما يتعرض المواطن إلى سلسلة واضحة من اللكمات‫:‬ لكمات المنتج، لكمات الشاحن، لكمات الموزع، لكمات البائع ثم لكمات السوق النهائية‫.‬..
لحد الآن ما زال هذا المواطن المسكين يشحذ سخريته ويبتسم‫:‬ ليت الحكومة تدلنا على السوق التي تجد فيها الأسعار التي تعلنها‫.‬
وتارة ليت الحكومة تنسجم مع بعضها حتى ننسجم مع الغلاء ونجد ردا سياسيا عوض السخرية‫.‬
وتارة ثالثة‫:‬ لماذا لا تقنع الحكومة أغلبيتها بلسان واحد، علما بأنها الحكومة العالمية الوحيدة التي يهاجم فيها عضوُ في الأغلبية باقي الأعضاء، لحسابات لا توجد على لائحة أسعار الخضر والقطاني والأسماك‫..‬
ما هو مقلق للغاية أن السلسلة التي تعودناها والتي تقود إلى جيوب المواطنين، هي سلسلة يشارك فيها المواطن من الألف إلى الياء‫ ‬.
المواطن هو الذي يدفع الضريبة‫..‬
وهو المواطن نفسه الذي يدفع ثمن صناديق المقاصة من… ضريبته‫..‬
ومن جيبه تقتطع الحكومة ما تدفعه للنفطيين والنقالة ولأصحاب الشاحنات دعما للوقود، وعليه فهو من يدفع للنقالة كي يشحنون البضاعة إلى الأسواق، وهو يدفع مقابل الدعم الذي يتلقونه‫..‬
وهو الذي يدفع الثمن غاليا في أسعار الطماطم والبصل والفلفل ‫…‬
والسؤال المنطقي‫:‬ هل يشتري الطماطم فعلا ب13 درهما والسردين ب20 درهم‫(‬ كما اقتناه العبد الفقير لرحمة ربه البارحة‫(‬ أم يجب أن ينضاف إلى هذه الاسعار ثمن ما أُخذ من جيبه لدعم الوقود حتى يبقى أصحاب الشاحنات وأصحاب السوق في وضع مناسب؟‫..‬
الحاصيييل ‫:‬نديرو النية ونقول بأنهم ناويين الخير فينا‫..!‬